بلدي نيوز
استهدفت إيران مواقع في سوريا والعراق بـ24 صاروخًا باليستيًا من جنوبي وغربي إيران، بلغ مداها أكثر من 1200 كيلومتر.
وأعلنت ميليشيا “الحرس الثوري الإيراني” أنه أطلق أربعة صواريخ من طراز “خيبر شكن” (كاسر خيبر) باتجاه ما وصفه بـ”مقر لتنظيم الدولة الإسلامية” في إدلب.
وأضاف أنه استهدف بتسعة صواريخ مواقع “المجموعات الإرهابية” الأخرى في مناطق أخرى خارج سيطرة النظام السوري، وبـ11 صاروخًا ما وصفه بـ”مقر تجسس الموساد” في إقليم كردستان العراق.
ويعد الإعلان الرسمي الإيراني عن تنفيذ عمليات في سوريا من المرات النادرة، كما لم يعلّق النظام السوري على الاستهداف الذي وقع في الأراضي السورية حتى لحظة تحرير هذا التقرير.
ما الأهداف في سوريا؟
عُرف من الضربات على الأراضي السورية تلك التي استهدفت شمالي إدلب، بينما لم يُعرف مكان الضربات التي تحدث عنها “الحرس الثوري” على أنها في مناطق أخرى خارج سيطرة النظام السوري.
وأفادت مصادر محلية في إدلب أن ثلاثة صواريخ سقطت في قرية تلتيتا بريف إدلب الشمالي، وأسفرت عن تدمير مبنى كان يستخدم كنقطة طبية سابقًا.
وقال “الدفاع المدني السوري” (الخوذ البيضاء) إن المبنى الذي تعرض للاستهداف كان مستوصفًا متوقفًا عن العمل في تلتيتا، ولم يرصد فيه أي إصابات، في حين تعرض جسم البناء لدمار كبير يتجاوز 60%، وهو مبنى من طابق واحد.
وبحسب “الدفاع”، فإن معاينة فرقه الأولية تشير إلى أن ثلاث ذخائر سقطت على المبنى وبالقرب منه، اثنتان أصابتا المبنى واحدة من السقف وأخرى من الجهة الشرقية للبناء، فيما سقطت الذخيرة الثالثة بملاصقة البناء من الجهة الجنوبية الغربية.
وبحسب مصادر محلية، فإن المبنى المستهدف كان خاليًا منذ نحو ست سنوات، وكان قبل ذلك نقطة طبية توقفت عن العمل، ثم اتخذته “جبهة النصرة” (هيئة تحرير الشام حاليًا)، مقرًا لها، ثم “الحزب الإسلامي التركستاني” وأخلاه لاحقًا.
أصدر “الحرس الثوري” بيانات نقلتها وسائل الإعلام الإيرانية، جاء في واحد منها أن الاستهداف كان ردًا على “الجرائم الإرهابية الأخيرة التي ارتكبها أعداء إيران الإسلامية، فقد تم استهداف وتدمير مقرات التجسس والتجمع للمجموعات الإرهابية المناهضة لإيران في أجزاء من المنطقة منتصف الليلة بالصواريخ الباليستية”.
وأضاف أن الهجوم في سوريا جاء ردًا على هجوم لتنظيم “الدولة” في إيران الذي يتمركز في “الأراضي المحتلة” من سوريا، وأن العمليات الهجومية الإيرانية ستستمر حتى “تحقيق الثأر لآخر قطرة من دماء الشهداء”، حسب تعبير البيان.
وفي وقت سابق من كانون الثاني الحالي، أعلن تنظيم “الدولة الإسلامية” مسؤوليته عن انفجارين في مدينة كرمان بجنوب شرق إيران، أسفرا عن مقتل ما يقرب من 100 شخص وإصابة العشرات، عند نصب تذكاري لقائد “فيلق القدس” السابق قاسم سليماني.
يأتي الاستهداف الإيراني في وقت تشهد فيه المنطقة توترات إيرانية أمريكية على وقع التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة، إذ تتعرض قواعد أمريكية لاستهدافات شبه يومية في سوريا والعراق، واستهدافات أخرى لسفن أمريكية في البحر الأحمر، وتتهم طهران بالمسؤولية عنها.
وقبل أسبوع، قال السكرتير الصحفي لـ”البنتاجون“، العميد بات رايدر، إن القوات الأمريكية وقوات التحالف تعرضت للهجوم 130 مرة على الأقل في العراق وسوريا، منها 77 هجومًا على القواعد الأمريكية في سوريا، منذ 17 من تشرين الأول 2023 حتى 11 من كانون الثاني الحالي.
صبا عبد اللطيف، مساعدة باحث في مركز “عمران للدراسات”، قالت لعنب بلدي، إن إيران بررت الضربات بوجود خلايا مخابرات إسرائيلية في أربيل وهذا ما تعتبره إيران تهديدًا أمنيًا واضحًا إن صحت ادعاءاتها.
وترى عبد اللطيف أن الضربات الإيرانية على سوريا والعراق مؤخرًا تأتي ضمن سلسلة الرد على الهجمات والاستهدفات التي قامت بها أمريكا وإسرائيل على مواقع عسكرية للميليشيات الإيرانية في سوريا والعراق ولبنان، وكان أهمها استهداف ومقتل المستشار في “الحرس الثوري” رضي موسوي والذي يعتبر من أهم القادة الإيرانيين.
في 25 من كانون الأول 2023، قصفت طائرة إسرائيلية منزلًا في بلدة السيدة زينب بمحافظة ريف دمشق، ما أسفر عن مقتل أحد أقدم مستشاري “الحرس الثوري” في سوريا، رضي موسوي.
ومنذ مقتل المستشار الإيراني، لم تتوقف تهديدات طهران، إذ قال سفير إيران ومندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني، إن إيران تحتفظ بحقها “المشروع والأصيل” استنادًا إلى القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة بالرد في الوقت المناسب الذي تراه ضروريًا، بحسب ما نقلته وكالة “إرنا” الإيرانية.
تعتقد عبد اللطيف أن إيران تبدأ سردية انتقام أخرى إضافة إلى مقتل قاسم سليماني الذي تدعي طهران أنها مستمرة في هذا الخط في محاولة لضبط ميليشياتها التي تتعرض للهجوم.
لكن لطالما كانت الحرب بين هذه الأطراف تبتعد عن الصدام المباشر لذلك يكون الاشتباك بعيدًا عن حدود العراق وسوريا، وإنما يستهدف نقاطًا أمنية تعزز من وجود إيران في المنطقة.
وتحمل هذه الضربات عدة رسائل إيرانية أولها أنها لا تزال موجودة في المنطقة وهي أحد القوى الفاعلة، وثانيًا هي أن الضربات حملة تسويقية لإيران أمام ميليشياتها، محاولة ضبطها من خلال الرد على استهداف نقاط إسرائيلية وأمريكية، وتحمل رسالة لأقليم كردستان لمحاولة ردعه عن التعاون مع إسرائيل وأمريكا ضدها.
ونفت إيران بشكل متكرر مسؤوليتها عن الهجمات التي طالت القواعد الأمريكية، بينما تستمر الولايات المتحدة تحميلها مسؤولية الهجمات نفسها، وسبق أن نفى وزير الخارجية الإيراني، حسن أمير عبد اللهيان، مسؤولية بلاده عن أي استهداف لقواعد أمريكية.
وفي 6 من كانون الأول 2023، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، إن الوجود العسكري الأمريكي في منطقة غربي آسيا “لم يجلب الأمن أبدًا”، وجدد كنعاني التأكيد على عدم وجود قوى تقاتل بالوكالة عن إيران في المنطقة.
وذكر أن “فصائل المقاومة في المنطقة مستقلة بالكامل، وتعمل وفق ما تراه مناسبًا بشأن أمن بلدانها أو دعم الشعب الفلسطيني المظلوم”.