قالت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها إن شمال شرق سوريا، على امتداد السهوب القاحلة قرب الحدود مع العراق، يضم مخيمات احتجاز كبيرة تؤوي عشرات آلاف عائلات مقاتلي تنظيم "داعش"، في مخيمي الهول وروج بمحافظة الحسكة.
وتضم هذه المخيمات أكثر من 27 ألف امرأة وطفل، إلى جانب نحو 8 آلاف مقاتل محتجز في سجون قريبة، ما يشكّل تحدياً أمنياً وإنسانياً وسياسياً بالغ التعقيد للحكومة السورية الجديدة، خاصة مع بدء الانسحاب التدريجي للقوات الأميركية.
تأسست المخيمات خلال سنوات الحرب، بعد أن احتجزت قوات سوريا الديمقراطية بمساندة أميركية سكان المناطق المستعادة من التنظيم. ومع تقلص الدور العسكري الأميركي، تواجه دمشق معضلة دمج "قسد" في الجيش وإدارة هذه المخيمات، في ظل مخاوف كردية من الحكومة الجديدة واتهامات محتملة بإطلاق سراح مقاتلين أو إهمال ملفهم.
وتنقل مراسلة الصحيفة أليسا روبن مشاهد من داخل مخيم الهول، حيث يعيش الأطفال في مساحات ضيقة، وترتدي النساء البراقع، وتشتكي الأمهات من الجوع وانعدام التعليم والرعاية الصحية، في بيئة تغلب عليها الأفكار المتشددة التي تنقلها النساء الأكثر ولاءً للتنظيم، لا سيما القادمات من روسيا وطاجيكستان وفرنسا.
وتشير تقديرات إلى أن نحو 60% من سكان المخيمات هم أطفال دون سن الثامنة عشر، معرضون لتكوين وعي متشدد يقوم على العنف والانفصال عن المجتمع.
تفاقمت الأزمة الإنسانية عقب وقف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تمويل الخدمات الأساسية في المخيمات، ما أدى إلى انقطاع التعليم والرعاية الصحية، وزيادة حالات العنف والهروب ومحاولات التهريب المنظمة للنساء والأطفال، وفق شهادات مسؤولي المخيمات.
وقد رصدت المراسلة حوادث أمنية خطيرة، منها محاولات تفجير نفّذها زوجان تم القضاء عليهما بواسطة قوات "قسد".
رغم التزامات سوريا والعراق بإعادة مواطنيهما، لا يزال آلاف النساء والأطفال عالقين، إذ أعادت بغداد نحو 19 ألف شخص بينما أعادت دمشق بضع مئات فقط، في حين ترفض دول أخرى استعادة مواطنيها لأسباب أمنية.
ويؤكد مديرو المخيمات أن هناك حاجة ملحة لتقليص عدد المحتجزين لاحتواء ما وصفوه بـ"القنبلة الموقوتة" في الصحراء السورية.