بحث

هيئة واحدة للمعابر والتجارة السورية… إصلاح مؤسسي أم إعادة إنتاج لاقتصاد الحرب؟

أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع مراسيم رئاسية بإحداث الهيئة العامة للمنافذ والجمارك، وتعيين رئيسها ومعاونيه، لتصبح هيئة مستقلة ماليًا وإداريًا، مرتبطة مباشرة برئاسة الجمهورية ويقع مقرها في دمشق، وفق المرسوم رقم 244 لعام 2025. 

وفي خطوة متصلة، أصدر الرئيس مرسومًا آخر لتشكيل اللجنة الوطنية للاستيراد والتصدير، برئاسة رئيس الهيئة العامة للمنافذ والجمارك، وعضوية معاوني وزراء المالية والاقتصاد والزراعة والإدارة المحلية، إضافة إلى المدير العام للجمارك، بهدف تعزيز تنظيم حركة البضائع والسلع داخل وخارج سوريا، وفق وكالة سانا.

لكن هذه المراسيم واجهت انتقادات واسعة من خبراء اقتصاديين وأكاديميين، الذين اعتبروا أن إنشاء هيئة مستقلة ماليًا وإداريًا مرتبطة مباشرة بالرئاسة، يمنح شبكة محددة من الشخصيات النفوذ المطلق على أكبر منابع الريع في البلاد.

 ولفت الدكتور مسلم طلاس إلى أن إسناد المنافذ إلى شخصيات مقرّبة، من ذوي تاريخ في إدارة الموارد الحدودية والاقتصاد غير الرسمي، يتيح إعادة تركيز السيطرة بدل تحسين الأداء.

وأشار المحلل الاقتصادي محمد علبي إلى أن الهيئة الجديدة تمثل نقلًا لمفاصل الاقتصاد السوري من يد الدولة إلى شبكة اقتصادية مترابطة، تشمل رئيس الهيئة قتيبة أحمد بدوي.

وقال علبي إن المراسيم شرّعت شبكات المعابر والاقتصاد غير الرسمي، وحولت الدولة إلى أداة لتمكين هذه الشبكة، بدل تعزيز الحوكمة أو مكافحة الفساد.

كما أثارت المراسيم جدلًا حول فعالية الوزارات الرسمية، إذ باتت قرارات الاستيراد والتصدير تحت سلطة اللجنة التي تضم أعضاء مرتبطين بالشبكة نفسها، ما يعكس تحوّلًا شبه مطلق للقرار الاقتصادي والحدودي إلى أيدي أشخاص يعرفون تاريخهم في اقتصاد الحرب، مع غياب رقابة برلمانية أو شفافية مالية.

ويحذر الخبراء من هذه المراسيم لم تُنقذ الدولة من اقتصاد الحرب، بل نقلت السيطرة إلى شبكة عائلية وسياسية، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل الاقتصاد السوري وإمكانية ولادة طبقة أوليغارشية جديدة تستكمل مشروعها بغطاء رسمي.

مقالات متعلقة