بلدي نيوز - (مصعب الأشقر)
يراقب "أبو وائل" نجله "محمود" ابن الـ 14 ربيعا، وما يعانيه من تبعات مرض السرطان الذي أصابه منذ حوالي ثلاثة أشهر، في ظل عجزه عن تقديم أي مساعدة له.
ومن وسط خيمته الملتهبة بالحرارة في مخيمات أطمة الحدودية، يروي العم "أبو وائل" لبلدي نيوز بحرقة ما يعانيه نجله "محمود"، وكيف طرق الكثير من الأبواب لاستكمال علاج ابنه بتركيا بعد أن وصل لمرحلة العلاج الشعاعي، لكن دون جدوى الأن، لتمضي الأيام ثقيلة على الأهل واقتسام الألم مع ابنهم كل يوم.
حالة "محمود" مثل مئات الحالات لمرضى السرطان في شمال غرب سوريا، الذين لم يتمكنوا عن الدخول لتركيا ومواصلة علاجهم هناك، والحصول على فرصة جديدة.
وأمام تلك المعاناة المستمرة للمرضى، أطلق نشطاء على وسائل التواصل حملة تضامنية مع مرضى السرطان شمال غرب سوريا، للتأكيد على حقهم بالدخول للأراضي التركية وتلقي العلاج.
وتحت وسم "أنقذوا مرضى السرطان" المترجم لعدة لغات، تفاعل طيف واسع من الصحفيين والإعلاميين والنشطاء السوريين لتذكير العالم والجهات الطبية الدولية ذات الصلة، بحاجة مرضى السرطان في شمال غرب البلاد لتلقي العلاج على وجه السرعة.
وطالب المشاركون بالحملة، الحكومة التركية بضرورة فتح أبوابها أمام مرضى السرطان في المنطقة، لا سيما أن هذه المناطق خالية من بعض التجهيزات اللازمة لعلاج المرضى من جهة، وكون تركيا هي الجهة الحدودية الوحيدة مع شمال غرب سوريا، وضرورة التزامها بواجبها الإنساني باستقبال هؤلاء المرضى.
"سارة الهاني37 عاما"، تراجع أحد مراكز علاج السرطان في محافظة إدلب، وكانت فرحتها عارمة عندما أخبرها الأطباء بقرب نهاية العلاج، ليصدمها خبر سفرها لتركيا لتلقي جلسات علاج اشعاعية للقضاء نهائيا على الورم، ومنذ أكثر من 45 يوما تنتظر سارة دورها، وسط يأسها من متابعة العلاج في تركيا بحسب شهادتها لبلدي نيوز.
وبحسب رئيس المكتب الإعلامي لمعبر باب الهوى الحدودي "مازن علوش"، فإن تركيا رفضت استقبال حالات السرطان الجديدة بعد الزلزال واقتصرت في علاجها للحالات المتوجهة من سوريا في مشافيها على حاملين بطاقة الكيملك، والذين لديهم خطة علاج قبل وقوع الزلزال.
من جانبه قال مدير صحة إدلب الدكتور "زهير قراط"، إنه من أصل 450 مريض سرطان مسجلين قبل الزلزال، أدخلت تركيا 300 مريض لمتابعة العلاج، أما بعد الزلزال فهناك 500 مريض مسجلين في مكتب الدور، وهؤلاء لم يدخل أحد منهم حتى اليوم.
ولدى سؤال لبلدي نيوز للدكتور عن إمكانية علاج المرضى في مشافي شمال غرب سوريا، أكد أن ما ينقص المنطقة هو توفير الجرعات العلاجية، إضافة لجهاز العلاج الشعاعي الذي تصل تكلفته إلى 3 مليون دولار، والإذن السياسي لإدخال هكذا جهاز حاوي على مادة اليورانيوم، والذي يحتاج إلى موافقات من أطراف دولية.
ومنذ وقوع الزلزال المدمّر في السادس من شباط/فبراير، أغلقت تركيا معبر باب الهوى أمام مئات المرضى الذين اعتادوا أن يتلقوا علاجاتهم مجاناً في مستشفياتها، بعيداً عن منطقتهم والتي تفتقد لمرافق طبية مجهزة.
وكانت تركيا عاودت استقبال بعض المرضى السوريين في الأول من شهر حزيران\يونيو الماضي، من بينهم مرضى السرطان، ليقتصر دخول الحالات حينها فقط على الحالات المسجلة قبل الزلازل، في حين بلغ متوسط الحالات السرطانية المسجّلة حديثا شمال غربي سوريا حتى مطلع الشهر الماضي، 1100 حالة سنوياً، بمعدل 3 حالات يتم اكتشافها يومياً.
وفي آذار الماضي، أطلق العاملون في المؤسسات الطبية والإعلامية في الشمال السوري حملة "أنقذوهم" لمناصرة مئات مرضى السرطان المحاصرين بالمنطقة، وجمع التبرعات من أجل توفير العلاج اللازم لهم بعد توقف المشافي التركية عن استقبالهم عقب كارثة الزلزال.