بلدي نيوز - (مصعب الياسين)
يجمع المزارع فادي العلي الأكياس الخاصة بمحصول القمح مع حلول موسم الحصاد في منطقة سهل الغاب بريف حماة، حيث تبدو الفرحة على وجهه بعد وصوله إلى مرحلة جني المحصول الذي يُعد مصدر رزقه الوحيد، لكن أكثر ما يعكّر صفوه هو تدهور سعر القمح والتبن في الأسواق للعام الحالي، وارتفاع سعر الحصاد.
يقول "العلي" لبلدي نيوز، إنه لم يكن يصدق أنه سيتمكن من جني محصول القمح بالرغم من الآفات، وتفاوت الطقس والقصف المتكرر من قوات النظام الذي طالما يحسب له ألف حساب، والذي تسبب بحرائق في أراضي عدد من المزارعين.
ويضيف قائلا "لكن بفضل الله وصلت لمرحلة جمع المحصول، بيد أن الأسعار لم تكن مستوية مع الأسعار العام الفائت، حيث لا يتجاوز سعر طن القمح في الأسواق 310 دولار فيما سجل العام الماضي 450 دولار، في حين وصل سعر كوم التبن 50 دولارا، أما هذا العام لا يتعدى 7 دولارات، وهذا كله يؤثر على المزارع وما كان يحلم به من ربح في المحصول".
وبشكل مبكر شرع المزارعون في منطقة سهل الغاب بريف حماة بحصاد حقول القمح، بسبب خوفهم من القصف المتكرر لقوات النظام والذي تسبب بعضه في احتراق أكثر من 50 دونما بالقرب من قرية خربة الناقوس، بحسب المزارع "أبو سامح"، إذ كان المزارعون يحصدون محصولهم بعد تاريخ العاشر من شهر حزيران من كل عام، بيد أن عمليات القصف من قوات النظام من جهة، وما يخفيه التقارب العربي والإقليمي مع النظام من جهة أخرى، دفع المزارعين لحصاد محاصيلهم خوفا من أي تطور يهدد رزقهم الذي دفعوا الكثير لزراعته وتنميته.
ويعاني المزارعون من تكاليف الحصاد المرتفعة والتي تتراوح بين 8-12 دولارا، بحسب رغبة المزارع في حصاده، في حين تكون المواقع القريبة من نقاط سيطرة قوات النظام بالحصاد أغلى من غيرها نظرا للخطورة على الحصادة وعمالها.
من جانبه، يقول "صالح الكرنازي"، وهو صاحب حصادة منذ أكثر من تسعة أعوام، إن "ارتفاع سعر الحصاد مرتبط بارتفاع أسعار المحروقات حيث فاق سعر ليتر المازوت المحسن 13 ليرة تركية وهذا يمكن تعبئته في الحصادة في حين يبلغ سعر الليتر الأوروبي أكثر من 22 ليرة، وهذا تحتاجه السيارات المرافقة للحصادة وأحيانا تحتاجه الحصادة اذ ما كان النوع المحسن رديئا، فضلا عن ارتفاع أسعار الزيوت ومستلزمات الحصادة، وهذا كله يتطلب سعر حصاد متزن حتى يحقق بعض الربح لصاحب الحصادة".
وفي سياق متصل، يؤكد الناشط نضال الحمود، من منطقة سهل الغاب، أن قوات النظام صعدت من قصفها المتكرر يوميا على القرى والبلدات المحاطة بمحاصيل القمح، حيث تقدر نسبة المساحة المزروعة حوالي 40 ألف دونم، وأكثر ما يستهدف القصف قرى وبلدات الزيارة وتل واسط والقاهرة والمنصورة التي تقع في منتصف حقول القمح العائدة لمزارعين أكثرهم يسكن في المخيمات الحدودية بعد أن هجرهم النظام قسريا، بسبب حملاته العسكرية على مدى السنوات الماضية
تعمل فرق الدفاع المدني على إخماد الحرائق في المناطق غير المكشوفة من قوات النظام، بحسب حديث المتطوع "سامر نصار" لبلدي نيوز، ويضيف أن عمليات الاستجابة للحرائق في المحاصيل الزراعية والمناطق الحراجية من أكثر مهام وعمليات الدفاع المدني في فصل الصيف مع بدء حصاد المواسم الزراعية، مشيرا إلى أن فرقهم تعمل على وضع نقاط متقدمة بالقرب من الأماكن المزروعة لتسريع الوصول للحرائق في لحظاتها الأولى، وتقليل حجم الخسائر قدر المستطاع.
يقول "نصار" إن فرق الدفاع المدني تواصل كذلك أعمال توعية الأهالي، وخاصةً المزارعين بضرورة اتباع تعليمات الوقاية من اندلع الحرائق وتدريبهم على استخدام المعدات اليدوية في إطفاء الحريق في بدايته ريثما تصل فرقهم إلى موقع الحرائق.
ويشير إلى أن فرقهم تستجيب كذلك لجميع الحرائق في المناطق التي تغطيها في شمال غربي سوريا، والتي لا تقع ضمن المناطق التي ترصدها قوات النظام وروسيا في نقاط سيطرتها.
وفي منطقة سهل الغاب تقع أكثر حقول القمح في المناطق المكشوفة على نقاط قوات النظام، ولا تستطيع فرق الدفاع المدني من الوصول لها بسبب إمكانية استهداف تلك القوات لفرق الدفاع، مما يضع أصحاب حقول القمح هناك تحت عامل الخوف دائما، وإفلاسهم من فعل أي شيء إذ ما اشتعلت النيران بمحاصيلهم بحسب الناشط "نضال الحمود".