بلدي نيوز - (مصعب الياسين)
انخفضت خلال الأيام الماضية لهجة التصريحات التركية حيال التقارب والجلوس مع نظام الأسد، في حين لم يبدِ الأخير أي تجاوب مع المطالب التركية بالرغم من العزلة الدولية التي تحيط به، الأمر الذي طرح تساؤلات عدّة عن سبب امتناع النظام من الارتماء الفوري في أحضان تركيا، بالرغم من احتضان روسيا للتقارب بين الطرفين.
وعلّق الأكاديمي والمعارض السوري "يحيى العريضي" لبلدي نيوز عن دوافع منع النظام من التقارب مع أنقرة، بقوله: "إن النظام السوري لا يملك حيلة في أن يهرول أو يحجم إلا بفعل وتوجيهات ومصالح حُماته، وبناء على حسابه للتوازنات الدولية".
وأضاف "العريضي"، بالقول: "إن النظام السوري يعرف حاجة روسيا الماسّة لخطوةٍ كهذه؛ وفي الوقت ذاته يعرف ما يكلفه إبقاء ايران، حليفه الاستراتيجي، خارج معادلة الهرولة؛ ومن هنا دفع بشروط صعبة على تركيا، رغم حاجته المصيرية لنافذة تنفس في ظل حصار قانوني قيصر والكبتاغون، وملف الكيماوي مؤخراً."
وعن الدور الإيراني في إدارة سياسة التقارب بين النظام وتركيا، يشير "العريضي" إلى أنه لابد من وجود توجيه إيراني، وحتى أوامر؛ فالمسألة مصيرية بالنسبة لإيران، أن تكون المتحكم بمصير النظام بعد كل ما استثمرته في إبقائه، وشكل التوجيه لابد كان خنقه بالنسبة للنفط والاعتمادات المالية (إغلاق الصنبور الإيراني)؛ وشرط إيران الأخير في إصدار النظام لتشريعات معاملة ايران والايرانيين كسوريين في الحقوق والتملك في سوريا؛ أي وضع اليد على سوريا رسمياً.
وفي إجابة على سؤال لو كانت دولة غير تركيا طرحت التقارب مع النظام هل كان الأسد سيضع شروط أم أنه سيكون بوضع مختلف، أكّد "العريضي" على أنه لتركيا خصوصية بحكم الحدود الطويلة مع سوريا، ملايين السوريين فيها، الحاضن والداعم الأساس للمعارضة السورية، الحاجة الروسية لتركيا، الاستحقاق الانتخابي التركي واستخدام هذه الورقة ابتزازياً، ولو كان الأمر مع دولة اخرى لاختلف تماماً.
وكانت حدة التصريحات الرسمية التركية الداعية للتقارب مع نظام الأسد انخفضت خلال الأيام الماضية خاصة بعد شروط أعلن عنها رئيس النظام بشار الأسد خلال لقائه مع مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتيف، وأعاد تأكيدها خلال لقائه مع وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان خلال النصف الأول من الشهر الجاري والمتمثلة بمطالبة تركيا بإنهاء احتلالها للأراضي السورية، حسب ما نشرت صفحة الرئاسة على فيسبوك الأمر الذي ردت عليه تركيا حينها عبر المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، عمر تشيليك، عندما قال إن بلاده "ليست قوة احتلال في سوريا".
واعتبر في مؤتمر صحافي في أنقرة، مؤخراً، عقب اجتماع مجلس الوزراء برئاسة رجب طيب أردوغان، أن "التهديد الأول والحقيقي للجانب السوري هو المنظمات الإرهابية، وليس تركيا".
واعتبر محللون أن شروط الأسد نجحت بعرقلة لقاء كان مرتقبا بين خارجية النظام والخارجية التركية برعاية روسية، في حين أن التصريحات الأميركية الداعية دول العالم للامتناع عن تطبيع علاقاتها مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، تعليقا على التقارب التركي الأخير مع ذاك النظام برعاية روسية، شكلت منعطفا بالنسبة لتركيا خاصة بعد وعود أمريكية لأنقرة بإمكانية تزويدها بمقاتلات f16 الأمر الذي إذا تم من شأنه إعادة تركيا للتنسيق مع أمريكا بعيدا عن روسيا.
وكان المتحدث باسم الخارجية الأميركية "نيد برايس"، قال لوسائل إعلامية في مطلع الشهر الحالي، "نحن لا ندعم الدول التي تعزّز علاقاتها أو تعرب عن دعمها لإعادة الاعتبار لبشار الأسد الدكتاتور الوحشي".
وطالب "برايس" حينها دول العالم بأن تدرس بعناية سجل حقوق الإنسان "المروّع" لنظام الأسد على مدى السنوات الـ 12 الماضية، في الوقت الذي يواصل فيه ارتكاب فظائع ضد الشعب السوري ويمنع وصول مساعدات إنسانية منقذة للحياة إلى محتاجيها في المناطق الخارجة عن سيطرة قواته، حسب قوله.