The Telegraph- (ترجمة بلدي نيوز)
"إن حلب هي سربرنيتشا جديدة"، هذه العبارة الواضحة التي نطق بها مسؤول الشؤون الإنسانية السابق في الأمم المتحدة، جان إيغيلاند، والتي يجب أن تشعر قلوب القادة في جميع أنحاء العالم بقشعريرة عميقة، إن مجازر الآلاف من الرجال والنساء والأطفال التي حدثت منذ أكثر من 20 عاماً في سربرنيتشا تُمثّل فشلاً هائلاً وتخاذلاً من قبل المجتمع الدولي، فشلاً نكرّره اليوم في حلب.
حلب، تلك المدينة التي كانت سابقاً موطناً لـ3.3 مليون سوري، تقع الآن تحت الحصار الفظيع، حيث أن حكومة البلاد أحكمت شد حبل المشنقة حول عنقها، لقد كانت هذه المدينة الجميلة والعريقة، مأهولةً باستمرار على مدى السنوات الـ6000 الماضية، واليوم إن القوات الروسية إلى جانب قوات الأسد تقوم بضرب وقصف المدينة ومحاصرة شعبها وتجويعه بشكل متعمّد.
إن هنالك فراغ كبير في القيادة العالمية يمكن ويتوجّب على المملكة المتحدة أن تتدخّل لملئه، وحتى بشكل أكثر إلحاح في أعقاب استفتاء "Brexit"، وذلك لمواجهة أي فكرة لدينا حول "انكماشنا الاستراتيجي" عن العالم، إن الرئيس أوباما الآن هو في غسق رئاسته، وأوروبا في حالة اضطراب، إن لدى بريطانيا دوراً حاسماً في مجلس الأمن وفي الفريق الدوليّ لدعم سوريا (ISSG)، يجب علينا أن نقوم بحزم باستخدام امتيازاتنا كأحد أهمّ وسطاء السّلطة في العالم.
إن حكومة المملكة المتحدة، والتي يحسب لها حساب عالميّ، كانت صريحة في مجلس الأمن، حيث نقل سفيرنا عن أحد الأطباء في مستشفى للأطفال في مدينة حلب، أحد الأطباء من بين 35 طبيباً متبقّيٍ في المدينة، والذي قال بأنه "إن لم يتمّ فعل أي شيء، فإننا بالتأكيد في مواجهة الموت".
ولكن ومع ذلك لم نقم بفعل أي شيء، إن التصريحات القويّة غير كافية للتأثير على روسيا المتهكمة والتي تبحث عن مصالحها الذاتية خارقة كل الاتفاقات والقوانين الإنسانية، في حين أن عدم الاكتراث الأمريكيّ الساخر، لن يجلب أي ارتياح كان لوالدي الطفل ذو اليومين من العمر، والذي قتل في قصف جوي منتصف الليل في الأسبوع الماضي.
إن أخفقنا في اتخاذ الإجراءات اللازمة والتصرّف الحازم، فإن تلك المدينة العريقة ستبقى إلى الأبد رمزاً للعار الدولي: رواندا، سربرنيتشا وحلب، ولذا تستطيع المملكة المتحدة استخدام نفوذها للضغط دولياً بشكل دبلوماسيّ وحازم لتقديم اقتراح للأمم المتحدة، للقيام بهدنة إنسانية مؤقتة أسبوعيا ولمدة 48 ساعة للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى حلب، في الآونة الأخيرة فإن هنالك الآلاف من المدنيين المحاصرين والذين يُجَوّعُون حتى الموت من قبل حكومة الأسد في المدن الأخرى في جميع أنحاء سوريا، تلقّوا مساعدات إنسانية للمرة الأولى منذ سنوات، وذلك لأن المملكة المتحدة كانت مستعدّة للضغط باستخدام التهديد بإسقاط المساعدات الإنسانية جوّاً، الأمر الذي كان بشار الأسد يائساً في تجنّبه، يجب أن يظلّ الإسقاط الجويّ الإنسانيّ على الطاولة، طالما يستمرّ نظام الأسد باستخدام تجويع المدنيين وحصارهم كسلاح في الحرب.
يتوجّبُ على المملكة المتحدة أن تكون على استعداد تامٍ للانضمام إلى شركائها الدوليين لتأسيس مناطق آمنة يُحظَرُ استهدافها، لردع استمرار جرائم الحرب السورية على يد النظام السوري، فلقد كانت بريطانيا وعلى مرّ العصور، منارةً للقيم الّليبرالية والإنسانية، و أصبحت في هذه الأوقات العصيبة، حياة الآلاف من المدنيين المُرَوَّعِين في حلب، تعتمد على القادة الدوليين لاستجماع شجاعتهم للتصرف بحزم.