بلدي نيوز
تبلغ رؤساء بعض المخيمات قرار منع شبكات الإنترنت من قبل مخابرات الجيش اللبناني، إما بعد مداهمة المخيم أو بالطرق السلمية.
ويؤكد "أبو محمد" وهو مدير مخيم للاجئين، إنه "تم تبرير القرار بالحد من الإشكالات، من دون أن يسمح لنا بالاستفسار أكثر. طلب منا التنفيذ، رغم الأضرار الكبيرة التي ستلحق باللاجئين".
ومنذ عام 2015 توقفت مفوضية اللاجئين عن تسجيل السوريين وتشييد مخيمات دائمة لهم بطلب من الحكومة اللبنانية، لا بل اتبعت السلطات اللبنانية "سياسات عدوانية" تجاههم، بحسب تقرير لـ"هيومن رايتس ووتش" صدر في تشرين الأول الماضي تحت عنوان "حياة أشبه بالموت".
في الأشهر الأخيرة شهد ملف اللاجئين السوريين في لبنان تصعيدا غير مسبوق، مع توالي التصريحات الرسمية المشددة على ضرورة عودتهم إلى بلدهم، والتي وصلت إلى حد تهديد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي "باتخاذ موقف غير مستحب على دول الغرب، وذلك بإخراج النازحين بالطرق القانونية في حال لم يتعاون المجتمع الدولي مع لبنان".
وتفاجأ لاجئو مخيم 045 في سعدنايل، قبل حوالي العشرة أيام، بمداهمة خيمهم من قبل مخابرات الجيش، حيث صودرت كما يقول قاسم (أحد ساكنيه)، "كل ماكينات الإنترنت وحتى صحون الستلايت، محذرة من معاودة استخدام أي منها"، وأضاف: "كانت حجة العناصر الأمنية قيام أحد اللاجئين في المخيم بتخبئة مرتكب جريمة قتل والده في سهل سعدنايل في الرابع والعشرين من الشهر الماضي".
ما حصل أثار ذعر سكان المخيم، ودفع بعضهم إلى التفكير الجدي بالعودة إلى سوريا، لكن كما يشدد قاسم "من المستحيل أن اتخذ هذا القرار كوني مطلوب من نظام الأسد، فالعودة بالنسبة لي يعني تسليمي للموت، ولو كنت أملك المال لحجزت مقاعد لي ولعائلتي على قارب هجرة، فحتى لو ابتلعنا البحر يبقى أرحم من العيش في لبنان أو الاعتقال في وطننا".
"كما جرت مداهمة مخيم 006 في جب جنين، وتوقيف عدة أشخاص متهمين بجرائم سرقة، وتحت هذه الحجة تم نزع كل ماكينات الإنترنت" بحسب ما قالته "نسرين" إحدى لاجئات مخيم 008 في جب جنين.
وأصبح الاشتراك بخدمة الإنترنت عبر الهاتف حلم صعب المنال لعدد كبير من اللاجئين الذين وجدوا أنفسهم في عزلة عن محيطهم والعالم، ومن تمكن من ذلك فإنه يلجأ كما تقول "نسرين" إلى "أرخص حزمة لاستخدامها للضرورة فقط".
في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي يمر بها لبنان، أقر مجلس الوزراء في أيار الماضي رفع تعرفة الاتصالات بما لا يقل عن خمسة أضعاف، ليدخل القرار موضع التنفيذ في شهر تموز الماضي، حيث شدد وزير الشباب والرياضة جورج كلاس، بعد انتهاء الجلسة أن "أغلى فاتورة اتصالات بالعالم، لأفقر ناس بالعالم".
ورصد مركز "وصول" لحقوق الإنسان (ACHR) انتهاكات وقف شبكات الإنترنت في عدد من مخيمات البقاع، ومصادرة أجهزة "الواي فاي" ومنعها في بعض المخيمات، إضافة لأجهزة الساتلايت والرسيفر، وحتى أجهزة التلفاز- التي أعادوها لاحقا- بحسب ما يقوله مدير المركز الصحفي محمد حسن.
وأضاف "حسن": "بدأت المداهمات قبل نحو أربعة أشهر وهي مستمرة بشكل دوري، حتى الآن وثقنا مداهمة ما لا يقل عن ستة مخيمات تعرض خلالها اللاجئون لإساءة المعاملة، وما يخشاه اللاجئون أن يكون الهدف خلف ذلك تكميم أفواههم بصورة غير مباشرة، ومنعهم من نقل ما يحدث داخل مخيمهم إلى الرأي العام ووسائل الإعلام، وكل ذلك يصب في إطار الضغط عليهم لدفعهم إلى العودة لبلدهم".
والإنترنت حاجة ضرورية، فهو كما يقول الناشط الاجتماعي، الشيخ عبد الناصر العسلي "وسيلة للتواصل بين أفراد الأسرة سواء داخل البلاد أو خارجها، فكيف بالنسبة إلى اللاجئين المشتتين في أصقاع العالم"، معبرا عن خشيته من أن يكون خلف قرار منع الانترنت نية مبيتة لعمل أمني من اعتقالات وغيرها، من دون أن يتمكن اللاجئون من توثيقه".
كما أن هذا القرار يدخل بحسب ما يقوله (العسلي) "ضمن إطار الهجمة العنصرية التي تشن على اللاجئين السوريين، والتي وصلت إلى عدد من مدارس البقاع، آخرها إشكال بين طالبات يحملن الجنسية السورية وزميلاتهن اللبنانيات".
تبنى لبنان بحسب تقرير لـ"هيومن رايتس ووتش"، "مجموعة من الاجراءات القسرية والمسيئة، شملت حظر التجول التمييزي، وعمليات الإخلاء، والاعتقال، وغيرها من القيود القانونية المفروضة على الإقامة، والحصول على عمل، والتعليم".
في خضمّ الانهيار الاقتصادي الكارثي في لبنان، الذي تفاقم بسبب جائحة كورونا، صار أكثر من 90 في المئة من اللاجئين السوريين يعيشون في فقر مدقع، ويعتمدون على الاقتراض والديون المتزايدة للبقاء على قيد الحياة".