The Daily Caller – (ترجمة بلدي نيوز)
لقد واجه باراك أوباما سيلاً منهمراً من الانتقادات حول إحجامه عن التورط في الحرب الدامية في سوريا، حيث يزعم المنتقدون بأن تحفّظ أوباما قد مكّن بشار الأسد من ذبح الرجال والنساء والأطفال ساعة يشاء في مدن مثل حلب، دون أي خوف من العقاب والمحاسبة، في صراع احتدم لأكثر من 6 سنوات.
وأعطى التباطؤ الأمريكي في سوريا أيضاً الضوء الأخضر لفلاديمير بوتين وللنظام الإيراني الثيوقراطي لزيادة دعمهم للأسد، وتوسيع نفوذهم في الشرق الأوسط، في حين كان تركيز أوباما الوحيد في المنطقة ينصبّ على مكافحة "تنظيم الدولة"، إذ أن ذلك تجلّى بشكل غير مباشر بدعم أمريكا لحزب العمال الكردستاني (PKK)، العدو اللدود لحليف الولايات المتحدة الرئيسي والإقليمي والعضو القوي في حلف شمال الأطلسي-تركيا.
وفي تصميم منه لإرباك منتقديه وتسجيل انتصار كبير في السياسة الخارجية قبل أن يترك منصبه في نوفمبر، حوّل أوباما اهتمامه الكامل الآن على هزيمة "تنظيم الدولة" في الموصل في محافظة نينوى، شمال العراق، الموصل ثاني أكبر مدن العراق وموطن أكثر من مليونين ونصف من العرب السنة.
فلقد سيطر "تنظيم الدولة" على مدينة الموصل منذ عام 2014، وقد بدأت الآن بالفعل كل من قوات التحالف الأمريكية والقوات العراقية بإحاطة المدينة استعداداً لاستعادتها، إن هزيمة "تنظيم الدولة" في الموصل، المعقل الأكثر رمزية لخلافة التنظيم لأكثر من سنتين، سيكون ضربة للمتطرفين الذين فقدوا حوالي نصف الأراضي العراقية في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك مدن صلاح الدين والرمادي، والفلوجة والأنبار، كما أنهم قد واجهوا مؤخرا أيضاً انتكاسات لا هوادة فيها في كل من سوريا وليبيا.
ومن المفارقات الهامة، أن دعم الرئيس أوباما المضلّل لرئيس الوزراء العراقي السابق، الفاسد والطائفي نوري المالكي، هو الذي مهد الطريق لظهور "تنظيم الدولة" في العراق، وكان وصول نوري المالكي إلى السلطة كرئيس وزراء عراقي "دمية" بناءً على إصرار النظام الإيراني وبدعم صريح من الأميركيين، حيث أدى بفساده المطلق وسياسته المتبعة في الإبادة الجماعية والعنف ضد السكان السنة في العراق، إلى إيصال البلاد الى حرب أهلية، مشرّعاً الباب لغزو "تنظيم الدولة" والذي قام في وقت لاحق بالسيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي العراقية، إن المالكي لا يزال القوة الاستغلالية في الأوساط السياسية العراقية، مستخدماً ثروته الهائلة التي قام بجمعها خلال ثماني سنوات في منصبه، لتمويل جيشه الخاص به، وبشكل مستمر لتقويض خلفه حيدر العبادي.
وقد شجعت النكسات العسكرية المتزايدة التي عانت منها قوات المالكي أمام "تنظيم الدولة" في عملية إعادتهم إلى جذور تنظيم القاعدة من خلال شنهم لسلسلة من الهجمات الانتحارية المدمرة في أحياء شيعية في بغداد وغيرها من المدن الكبرى، وقد أسفر التفجير المروع في أوائل شهر يوليو في ضاحية الكرادة ببغداد عن مقتل أكثر من 300 شخصاً على الأقل في أسوأ مذبحة من نوعها منذ غزو العراق في عام 2003، وقد قال بعض المسؤولين العراقيين الكبار بأن شاحنة مليئة بالمتفجرات استخدمت في الهجوم وبأنها جاءت من ديالى، المحافظة العراقية التي تقع تحت سيطرة إيران والميليشيات الشيعية عديمة الرحمة، إن ظهور بصمات إيران في مثل هذا النوع من الفظائع لا ينبغي له أن يكون أمراً مفاجئاً.
لقد استغلّ نظام الملالي الفاشي الحرب ضد "تنظيم الدولة" لتوسيع نفوذه وهيمنته على البلاد، إذ أن هنالك الآن أكثر من 63 ميليشيا شيعية خاصة عاملة في العراق، يتم تمويل وقيادة معظمها من قبل قوة القدس الإيرانية الإرهابية، والتي يقع اسم قائدها البارز الجنرال قاسم سليماني في اللوائح السوداء للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للإرهاب، لقد قدمت مجزرة الكرادة والتي راح ضحيتها المدنيين الأبرياء، لطهران العذر المثالي لمضاعفة حملتها في الإبادة الجماعية بلا شفقة، والمتمثلة في التطهير العرقي ضد السكان السنة في العراق.
كما تم ارتكاب أشد الفظائع طائفية وترويعاً خلال (تحرير) مدينتي الرمادي والفلوجة، حيث قامت الميليشيات الشيعية بقيادة إيران بالاعتقالات المنهجية للكثير من الرجال والنساء السنّة الهاربين من المدن المحاصرة فيما اندلعت المعارك، في حين تعرّض العديد منهم للتعذيب في وقت لاحق وحتى أن الكثير منهم أعدموا، وعلى الرغم من تزايد الأدلة على حصول مثل هذه الأعمال الوحشية، فقد أشاد جون كيري "بالدور الإيراني في العراق"، معترفا بأنها تمثّل حليفا رئيسياً في مكافحة "تنظيم الدولة".
إن السكان السنّة المحاصرين في مدينة الموصل يراقبون بكثب الآن، بينما تبدأ الميليشيات الشيعية بتطويق مدينتهم، مذعورين من أنهم سيواجهون ذات مصير أخوتهم وأخواتهم السنة الذين عذبوا وقتلوا في صلاح الدين والرمادي والفلوجة، الأمر الذي دُفعَ بتحريض من الأميركيين.
إن هنالك تأخير لمدة سنتين على استخدام وتسليح القبائل والشباب السنّة في تلك المناطق، ويتعين على حكومة العبادي والأميركيين القيام بهذا الأمر على الفور، إن مدينة الموصل يجب أن تتحرر من قبل شعبها وأناسها، وإلا فإن إيران ستؤسس نفسها أكثر بكثير من ذي قبل، في حين أننا لن نكون قادرين على هزيمة "تنظيم الدولة" على المدى الطويل.
إن بحث الرئيس أوباما اليائس على انتصار كبير في السياسة الخارجية قبل أن يغادر البيت الأبيض، قد يثبت لاحقاً بأنه مقامرة عسكرية مكلفة، سيدفع ثمنها رجال السنّة الأبرياء والنساء والأطفال الذين يواجهون الموت الوشيك والدمار في العراق وسورية، بينما سينتقل الفوز الحقيقي للملالي في طهران والذين سيتوجهون بالشكر إلى الأبد لأمريكا لمساعدتهم في ممارسة تطهيرهم العرقي في البلدين، لإفراغهما من سكانه السنة وتمكين النظام الإيراني الثيوقراطي من بسط نفوذه الشرير أضعافا مضاعفة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
-ستروان ستيفنسون، كان عضو البرلمان الأوروبي ممثلاً عن اسكتلندا (1999-2014)، ورئيس وفد البرلمان للعلاقات مع العراق (2009-2014) ورئيس جمعية أصدقاء ايران الحرة 2005-2014، ويشغل الآن منصب رئيس جمعية حرية العراق الأوروبية (EIFA).