بلدي نيوز – حلب (زياد الحلبي)
لليوم الخامس عشر على التوالي تضرب قوات النظام والميليشيات المساندة له حصاراً على مدينة حلب، بعد التقدم والسيطرة على أجزاء من طريق الكاستيلو شمال المدينة، إثر معارك عنيفة مع الثوار، والذي يسمى بشريان حلب كونه المنفذ الوحيد أمام المدنيين والطريق الوحيد الواصل بين المدينة والريف.
ويتعرض السكان المدنيون داخل مدينة حلب المحاصرة لأوضاع إنسانية ومعيشية صعبة بسبب الافتقار إلى جميع مقومات الحياة من ماء وكهرباء ومواد غذائية أولية وثانوية، لعدم دخول تلك المواد منذ قرابة الثلاثة أشهر، حيث كانت الميليشيات في ذلك الوقت تسيطر على الطريق نارياً قبل الوصول للكاستيلو وقطعه، وانعدام فرص العمل بشكل نهائي لعدم توافر أي مواد أولية للحرف والصناعات.
كما تعاني المدينة أوضاعاً صحية سيئة في ظل وجود مشفى واحد فقط، وعدم القدرة على تحويل الإصابات الخطيرة لخارج المدينة باتجاه تركيا، يضاف لذلك قصف قوات النظام وبشكل عنيف بالطائرات الحربية والمروحية بالبراميل المتفجرة والقنابل العنقودية والصواريخ الفراغية والمدفعية الثقيلة، ويرافق ذلك القصف ضعف شديد في إمكانيات فرق الدفاع المدني في مدينة حلب بسبب استهداف كوادرها في مدينة حلب وريفها وتدمير معظم الآليات التابعة لها، إضافة إلى استشهاد وجرح عدد كبير منهم وعدم القدرة على التنسيق بين مراكز حلب وريفها.
الأوضاع المعيشية:
حاولت بلدي نيوز رصد الأوضاع المعيشية في الأحياء المحاصرة، حميد أبو صبحي صاحب محل لبيع المواد الغذائية في حي الكلاسة في مدينة حلب قال: "يعاني السكان المحاصرون في المدينة من انعدام المواد الغذائية الأولية كالسكر والطحين وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، هذا إن وجدت في الأسواق، حيث يتزاحم الناس بالمئات على أفران المدينة المحاصرة، وبدأت الأفران ببيع ربطة خبز واحدة فقط لكل عائلة بسبب انعدام الطحين وعدم القدرة على إدخاله والاعتماد على المخزون الاحتياطي الذي بدأ بالنفاد".
وأضاف لبلدي نيوز: "أما أسواق المدينة فقد فقدت منها الخضروات منذ اليوم الثاني على بدء الحصار لعدم وجود برادات كبيرة وتخزين كميات كبيرة من الخضروات، وبدأ المدنيون يعتمدون في خضرواتهم على بعض المساحات الترابية والبساتين الموجودة داخل مدينة حلب من دون وجود جهة محلية تقوم باستثمار تلك الأراضي وتجهيزها وزراعتها بشكل جيد، وتقسيمها بشكل منظم على أسواق المدينة، فقد لوحظ في الأيام الأخيرة إقبال شديد من قبل السكان على سيارات الخضار القادمة من البساتين الموجودة داخل المدينة، مع تفاوت بأسعار الخضروات ووجود فوارق بين الباعة، إضافة لبيع البعض بأسعار عالية محاولين استغلال قطع طريق الكاستيلو والحصار".
ويقدم الباعة ذرائع لرفع الأسعار مثل غلاء أسعار المحروقات التي انعدمت بشكل شبه كامل داخل المدينة المحاصرة، فقد توقفت مئات السيارات التي تعيش منها مئات العائلات عن العمل بسبب انعدام مادتي البنزين والمازوت وإن وجدت فبأسعار مرتفعة للغاية، حيث وصل سعر ليتر البنزين الواحد إن وجد إلى ألف ليرة، إضافة لتوقف عدد كبير من الورشات والمعامل وتوقف حركة العمل بشكل نهائي، وفق أبو صبحي.
الوضع الإنساني في ظل القصف:
صعدت الطائرات الحربية التابعة لقوات النظام وحليفته روسيا قصفها على المناطق السكنية المكتظة بالمدنيين والمرافق الطبية والمشافي داخل مدينة حلب، بعد ضرب الحصار وقطع طريق الكاستيلو، حتى وصل الأمر لعدم قدرة فرق الدفاع المدني على استيعاب جميع حالات القصف إضافة لعدم قدرة فرق التوثيق على توثيق الضربات الجوية والقصف الذي تنفذه قوات النظام وروسيا على المدينة المحاصرة.
إبراهيم الحاج، مدير المكتب الإعلامي للدفاع المدني، تحدث لبلدي نيوز قائلاً: "زادت وتيرة قصف الطيران الحربي والمروحي على مدينة حلب بشكل جنوني بعد قطع طريق الكاستيلو وبدء عملية الحصار، فقد تركز القصف على المناطق السكنية المكتظة بالسكان ما أدى لحدوث عدد كبير من المجازر واستشهاد وجرح المئات من المدنيين، كما تركز القصف وبشكل عنيف على المشافي والنقاط الطبية حتى أصبحت جميع مشافي المدينة إضافة للطبابة الشرعية الذي استهدفها أمس الخميس خارج الخدمة، ولم يتبق في مدينة حلب المحاصرة سوى مشفى وحيد وبعض النقاط الطبية غير المجهزة بشكل جيد يمكن أن تقوم باستقبال الجرحى".
أما عن مشاكل التي تواجه الدفاع المدني، قال الحاج: "نعاني من مشاكل في تأمين الوقود للآليات التابعة للدفاع المدني، والمشكلة أن تلك الآليات تستهلك كميات كبيرة من الوقود، ولا تستطيع فرق الدفاع المدني إخراج العالقين من تحت الأنقاض إن لم تستخدم تلك الآليات".
محذراً من أن "قطع طريق الكاستيلو وحصار مدينة حلب سيكون له سلبيات كبيرة في الأيام القادمة، كما وسيكون هناك مجازر بحق الإنسانية إن لم تتحرك الجهات المعنية وتخلص المدنيين المحاصرين".
الناشط الإعلامي أحمد محمد، عضو في المعهد السوري للعدالة، زود بلدي نيوز بأرقام هامة عن تفاصيل القصف، وأوضح: "قصف الطيران الحربي والمروحي منذ بدء الحصار 400 برميل متفجر و325 أسطوانة غاز و5 صواريخ أرض أرض بعيدة المدى و21 صاروخ أرض أرض قصير المدى و1107 صاروخ من الطيران الحربي و192 قنبلة عنقودية و22 قنبلة فوسفورية".
وتابع: "استهدف النظام بقصفه 780 منطقة سكنية و23 منطقة صناعية و17 منطقة أثرية و8 مراكز طبية و2 مدارس و12 مسجداً و5 أسواق شعبية و8 مراكز دفاع مدني و44 منطقة طرق عامة".
وعن إحصائيات الشهداء، قال الناشط محمد: "خلف القصف 218 شهيداً، بينهم ناشطان إعلاميان وممرض واحد و5 من الكوادر الخدمية و48 سيدة و110 من الأطفال، وهذه فقط حصيلة القصف الذي تعرضت له مدينة حلب منذ بدء الحصار عليها حتى اللحظة".
الوضع الطبي:
بعد قطع طريق الكاستيلو وحصار مدينة حلب كثف النظام من قصفه على المشافي والنقاط الطبية العاملة في المدينة، ما أدى لتدمير جميع مشافي المدينة بشكل جزئي أو تام وخروجها عن الخدمة، كان آخرها مشفى عمر بن عبد العزيز في حي المعادي، والطبابة الشرعية في حي السكري.
الدكتور أبو العز، طبيب في إحدى مشافي مدينة حلب، تحدث لبلدي نيوز عن الوضع الطبي، فقال: "قام الطيران الحربي باستهداف الكوادر الطبية والمراكز والمشافي التي تقدم العلاج للمصابين في مدينة حلب بشكل منهجي وواسع النطاق، أدى القصف إلى خروج جميع مشافي المدينة عن الخدمة وتدميرها بشكل كامل أو جزئي، كان آخرها مشفى عمر بن عبد العزيز ومقر الطبابة الشرعية الذي قام باستهدافه لمرتين، حتى لم يبق سوى مشفى وحيد يعالج الجرحى، وإذا خرج عن الخدمة فسوف تكون كارثة حقيقية".
واستعرض الطبيب المشافي التي أخرجها النظام عن الخدمة: "من المشافي والمستوصفات والنقاط الطبية الخارجة عن الخدمة في مدينة حلب بعد قصف النظام المتكرر بالطائرات الحربية والصواريخ:
مستوصف دار الوفاء في مساكن هنانو، تعرض للقصف ماأادى لخروجه عن الخدمة.
مشفى عبير صاصيلا تعرض للقصف بالبراميل المتفجرة ما أدى لخروجه عن الخدمة.
مشفى دار الشفاء استهدف بأكثر من عشر غارات جوية ما أدى لخروجه عن الخدمة.
مشفى زاهي أزرق (الحميات) الذي استهدف بالبراميل المتفجرة ما أدى لخروجه عن الخدمة .
المشفى المركزي في مدينة هنانو أدى تعرضه للغارات الجوية لخروجه عن الخدمة.
مشفى ياسين جبان القاطرجي (مساكن البلدية) بسبب استهدافه تم نقله إلى مدينة هنانو واستهدف أيضاً بغارة جوية أدت لخروجه عن الخدمة.
العيادات الشاملة في مدينة هنانو أدى القصف بالبراميل المتفجرة لخروجها عن الخدمة.
مشفى الكندي توقف عن الخدمة بعد اتخاذه كثكنة عسكرية من قبل قوات النظام.
مشفى عمر بن عبد العزيز الذي تم استهدافه ببرميلين متفجرين ما أدى لخروجه عن الخدمة بشكل نهائي.
مقر الطبابة الشرعية في حي السكري تم استهدافه ببرميلين متفجرين أدى لخروجه عن الخدمة بشكل كامل.
مشفى البيان في حي الشعار الذي تم استهدافه بعدة غارات جوية بالصواريخ الفراغية أدى لدماره بشكل كامل وخروجه عن الخدمة".
هذا بالإضافة إلى استهداف الكثير من النقاط الطبية التي تشكلت بعد الدمار الحاصل في المشافي والتي تقدم الإسعافات الأولية ويغيب عنها معظم الاختصاصات اللازمة، بالإضافة إلى أنها تعاني من نقص حاد في الأطباء والتجهيزات الطبية والأدوية.
وعن الصعوبات التي تواجع عمل الكوادر الصحية، قال الطبيب: "نواجه صعوبات في نقل الإصابات الخطيرة لخارج المدينة إلى المشافي التركية بسبب قطع طريق الكاستيلو من قبل قوات النظام، ونعمل جاهدين على تقديم كل شيء ممكن ضمن النقاط الطبية، أما الإصابات الخطيرة والميؤوس منها فنعتبرها بحكم الميتة، ونفسح المجال للحالات التي يمكن معالجتها، كما نواجه صعوبات في استقدام الكودار الطبية العالقة في الريف، والتي نحتاجها داخل المدينة المحاصرة لعدم وجود طريق آمن يمكنهم العبور منه، كما ونعاني من نقص حاد في المستلزمات الطبية، وعدم القدرة على تعويض المستلزمات الطبية التي نقوم باستهلاكها في الوقت الحالي".
الجدير بالذكر بأن الجهات العسكرية والمدنية العاملة داخل مدينة حلب لم تتوقع أن تقوم قوات النظام وميليشياته بمحاصرة مدينة حلب بشكل مفاجئ، لذلك لم تكن هناك تحضيرات ومخزون يكفي المحاصرين لفترة طويلة، إلا ان الجهات المعنية بالأمر تبحث عن حلول لتعويض السكان كاستثمار الأراضي الزراعية لتحقيق اكتفاء ذاتي.