بلدي نيوز – (عمر الحسن)
أعلن تنظيم "الدولة" أمس الخميس، عن إسقاط طائرة حربية للنظام في ريف حمص.
وقالت وكالة "أعماق" التابعة للتنظيم، أن الأخير "أسقط الطائرة الحربية التابعة لسلاح جو النظام، في منطقة الشنداخيات في ناحية جب الجراح بريف حمص الشرقي".
يشار إلى أن هذه الطائرة تعد الثالثة التي يسقطها التنظيم لنظام الأسد في أقل من شهر، حيث أسقط التنظيم في 14 تموز، طائرة حربية وأخرى مروحية تابعتين لنظام الأسد، في محافظتي دير الزور وريف دمشق.
وبثت وكالة "أعماق" التابعة لتنظيم "الدولة" تسجيلين مصورين لحطام الطائرتين، موضحة أن الطائرة الحربية أسقطت قرب جبل الثردة جنوبي دير الزور، وقتل قائدها إثر سقوطها، بينما أسقطت المروحية قرب قرية "البيطارية" بأطراف الغوطة الشرقية في ريف دمشق، وقتل طاقمها كذلك.
وسقطت 19 طائرة موثقة للنظام وروسيا منذ بداية عام 2016، على يد كافة الفصائل التي تقاتل النظام، عدا الطائرات المروحية التي تم تدميرها في مطار التيفور العسكري بريف حمص الشرقي بعد استهدافها من قبل تنظيم "الدولة".
أسقط تنظيم "الدولة" ثلاث طائرات للنظام وروسيا على الأقل خلال الشهر الماضي، عدا عن الطائرات التي أسقطت بدون تحديد كيفية إسقاطها، وعلى يد من، ليكون هذان الشهران أصعب الأشهر على نظام الأسد وروسيا، منذ بدأت حملتها الجوية في سوريا.
فإسقاط طائرتين في يوم واحد شرق وغرب سوريا، ثم إسقاط طائرة أخرى البارحة يعتبر حدثاً مهماً جداً ولا يمكن أن يكون مجرد صدفة، خصوصاً مع انخفاض معدل إسقاط طائرات النظام منذ بدء الحملة الروسية، بسبب التغيير الكبير في تكتيك ومهام طائرات النظام، حيث تركز استخدام الطائرات الروسية على الخطوط المهمة للمعارك، والأهداف الاستراتيجية، وتفرغ النظام بطائراته المتهالكة لارتكاب المجازر، الأمر الذي تغير نسبياً خلال الشهرين الماضيين.
فقد خسر النظام وروسيا خلالهما 6 طائرات على الأقل، حسب إعلانات الفصائل المقاتلة للنظام، سواء فصائل الثوار أو تنظيم "الدولة"، والتي أسقطت بطرق مختلفة، بينها منظومة دفاع جوي "أوسا" خلال الشهرين الماضيين، أو سقطت بسبب عطل أصابها بسبب انتهاء عمرها الفني، وإصرار النظام على تشغيلها، ومنها ما سقط بطرق مجهولة لا تزال تثير الكثير من التساؤلات.
اصطياد "الصياد الليلي"!
بدأت خسائر روسيا في الطائرات مع سقوط حوامة MI-28n في ريف حمص الشرقي، والتي عللتها روسيا بعطل فني وبسبب العتمة لاحقاً! الأمر الذي يمكن اعتباره محاولة للتغطية على السبب الحقيقي لسقوط الحوامة، المخصصة للعمل ليلاً!
ليتبعها تدمير عدد من الحوامات على الأرض، في مطار التيفور بعد قصفها وهي جاثمة في المطار، والتي اعتبرت أكبر ضربة لروسيا منذ دخلت إلى سوريا، ونشرها الغرب رغبة منه في إحراج روسيا، والتي لم تكن ستعترف بها لولا تسريب صور الأقمار الصناعية.
MI-35
بعد عدة حوادث إسقاط وتدمير عمل النظام وروسيا على إرجاعها لأسباب مختلفة، ظهر تسجيل لإسقاط مروحية في بادية حمص الشرقية، شرق تدمر.
الفيديو المقتضب تظهر فيه حوامة روسية تتلقى صاروخاً، ثم تهوي على الأرض ليلقى طياراها مصرعهما، وتصبح أول إسقاط موثق لحوامة روسية في سوريا.
الغريب في التصريح الروسي حول الطائرة، قولها أنها طائرة حوامة نوع MI-25 ! وهو من الأنواع التي لا تستخدمها روسيا، بحكم أنها معدة للتصدير للدول (غير الموثوقة) مثل سوريا، هذا التصريح الذي يمكن القول أنه الطريقة التي حاولت بها روسيا التهرب من الحقيقة التي لم تستطع إنكارها هذه المرة، فمظهر الطائرة خلال تحليقها وتلقيها الصاروخ، يثير الكثير من علامات الاستفهام، حول طريقة إسقاطها والسلاح الذي استخدم.
فبعض التحليلات شحطت للقول، أن الحوامة أسقطتها الحوامة الثانية التي خلفها "بنيران صديقة"! لكن الفكرة الأولى التي تطرح ليست كيفية إسقاط الطائرة فحسب بل حتى نوعها.
فالنوع الذي اعترفت روسيا بإسقاطه هو MI-25، لكن الكثير من التحليلات تؤكد أنها MI-35، حيث يوجد اختلاف هائل بين النوعين في المستوى التقني، مع شبه تطابق في الشكل الخارجي (مع وجود بعض الفروقات) ففرق العمر بينهما يتجاوز العشرين عاماً، ما دفع روسيا لمحاولة الاستفادة من عدم ظهورها في الفيديو بشكل واضح.
فوحدة التشتيت الحراري المركبة على المحركين، إضافة إلى عجلات الهبوط المثبتة، والتي لا تطوى إلى داخل الحوامة، عنصران غير موجودين في حوامات MI-25 وموجودان في حوامات MI-35، قد يكونان الدليل الأهم على مزاعم روسيا في موضوع نوع حوامتها.
فعندما تكذب روسيا في نوع الحوامة التي سقطت، رغم وجود فيديو يكذب ذلك، فلا مشكلة أن تكذب في طرق سقوط طائراتها، بغياب الفيديوهات أو الأدلة.
حيث تعتبر نوعية الطائرة التي أسقطت، أحدث بثلاثة عقود من الطائرة التي اعترفت روسيا بإسقاطها، والذي يمثل إحراجا كبيراً لروسيا أمام الزبائن المحتملين لهذه النوعية من الطائرات، خصوصاً أن الفشل في الكثير من المنظومات التي يفترض أنها ستحمي الحوامة من الصواريخ المضادة للطائرات، يعني الكثير لروسيا وقدرتها على الاستفادة من الحرب في سوريا لتسويق سلاحها.
صواريخ مضادة للطائرات
نوع السلاح الذي أسقط الحوامة الروسية، وطائرات النظام الثلاث خلال الأسبوعين الماضيين، يعتبر أحد الألغاز التي ستكشفها الأيام والأسابيع القادمة.
فالتنظيم الذي عمل جاهداً على تطوير تكتيكات تسمح له بالتخلص من تأثير طائرات التحالف وبعده الروس، ونجح جزئياً في امتصاص تأثير الضربات الجوية التي يتلقاها منذ أشهر، يبدو أنه يسعى لأكثر من ذلك، فالحصول على صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف من عدة مصادر لا يعتبر عملاً مستحيلاً للتنظيم، فمخازن السلاح التي سيطر عليها احتوت في الكثير من الحالات على صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف، إضافة للكثير من المدفعية المضادة للطائرات متعددة العيارات، أو حتى شراء هذه الصواريخ من الجيشين العراقي وجيش النظام، وهذه ليست أموراً مستبعدة أو أفكاراً قد لا ينفذها التنظيم.
قد يكون التنظيم كذلك تجاوز مجموعة من المشاكل التقنية، التي تمنع تشغيل الصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف، والتي امتلكها سابقاً وواجه صعوبات في تشغيلها، أو ربما طور نوعاً من الأسلحة محلية الصنع المضادة للطائرات.
ما يعني أن التنظيم قد يسقط عدة طائرات أخرى خلال الفترة القادمة للنظام تحديداً، أو طائرات حوامة روسية، بحكم تهالك طائرات النظام بأنواعها، وتكتيكات استخدام الحوامات الروسية، بخاصة في ريف حمص الشرقي حيث المساحات الواسعة المفتوحة، التي تسمح باكتشاف واستهداف الحوامات من مسافات بعيدة.