بلدي نيوز – (ياسر الأطرش)
"بقوة وزخم تتناقل وسائل الإعلام صور ذبح الطفل.. التأثير مضمون فيما يبدو.. قبل أن تقتلوا هذا الذبّاح المجرم.. حققوا جيدا.. لماذا فعل ذلك؟! التناغم الإعلامي اللافت أوسع من أن يكون عفويا وأشرس من أن يكون إنسانيا محضا!"..
بهذه الثقة والوضوح وبانحياز كامل لـ"نظرية المؤامرة"، يعبّر الكاتب السياسي السوري خالد حاج بكري عن رؤيته لعملية ذبح من قيل إنه الفتى الأسير "عبد الله عيسى"..
وما يجعل نظرية المؤامرة مُعززة وأكثر احتمالاً، تزامن عملية "الذبح" مع يوم دامٍ حافل بالقتل والمجازر، حيث تشاركت قوات التحالف والقوات الروسية وقوات الأسد الجرائم في هذا اليوم غير العادي، فقتلت قوات التحالف أكثر من 160 مدنياً فيهم كثير من الأطفال والنساء بقرية إلى جوار منبج، كما تقاسمت طائرات روسيا والأسد دماء 60 مدنياً في حلب وريفها، ووصل عدد شهداء ذلك اليوم إلى 300 في عموم المناطق المحررة، فهل أومأ أحد ما إلى "أفراد" ليقوموا بفعلتهم تلك فتغطي سكينهم على هدير الطائرات ويضيع دم 300 شهيد في صدى جريمة مفتعلة؟!
أخلاقهم وأخلاق الثورة!
ويكمل الكاتب حاج بكري "هنا.. وبكل وضوح.. غير مرحّب بمداخلات منحبكجية المجرم بشار الأسد.. فمن يهلل لبراميل الحقد والغدر والإجرام أو يخرس عنها ويفرك كفيه حبورا لموت البشر جوعا وحصارا وغرقا وحرقا.. لن أهبه منبرا يدّعي على صهواته امتلاكه المشاعر الإنسانية!".
في إشارة إلى "الحاضنة الشعبية" لنظام الأسد التي تدعم إجرامه، بل وتحضه على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الأطفال والنساء والعزل، مباركة براميله التي توزع الموت الأعمى..
بينما كان لافتاً حجم الإدانة التي صدرت عن الثوار السوريين و"الحاضنة الشعبية" للثورة، حتى إنها وصلت حدا مبالغاً فيه كما قال البعض، فالحالة كادت تحظى بشبه إجماع على إدانتها وضرورة محاسبة المسؤولين عنها، فأي أخلاق تلك التي تجمع في صفحة واحدة وفي منشورين متجاورين إدانة مجزرة منبج، وقتل المقاتل العدو؟!.. وعلى الرغم من تسويق النظام للحالة واستثمارها، إلا أن الحاضنة الثورية كانت أسبق بالإدانة، لا نية في الاستثمار ولكن تعبيراً عن النقاء الإنساني والالتزام القانوني والأخلاقي الذي نادت به قيم الثورة وما زالت.
ويمكن للمراقب الخارجي بيسر وسهولة، تتبع تاريخ الثورة وأحداثها ليرى بأن أخطاء المقاتلين المعارضين، كانت دائماً محط انتقاد علني وبصوت عالٍ من الحاضنة الثورية، بينما يستحيل العثور على حالة انتقاد واحدة من مؤيد أو شبيح لقتل أكثر من نصف مليون إنسان على يد كتائب نظامهم المجرم، بل على العكس، فالجميع يدعو لقتل الثوار وأطفالهم ونسائهم، فهم "حاضنة الإرهاب" كما قال شاعر حمصي شهير، وكما تقول بلا مواربة صفحاتهم كلها، كلها وكلهم بلا استثناء.
الناقد والكاتب الصحفي محمد منصور رأى في اعتذار حركة نور الدين زنكي عن قتل الفتى الأسير، وتقديم مرتبكي الجريمة للمحاكمة، إقراراً بالخطأ وأنه أمر صحي يجب أن يُشجّع.
وتأكيداً على أخلاقية الثورة ونبلها، أضاف منصور في منشور على صفحته بموقع فيسبوك: "يجب أن نطالب بكشف وقائع المحاكمة أو نتيجتها على الأقل... فهذا أفضل حماية لثورتنا أمام أنفسنا وأمام أبنائنا حين نحكي لهم عن صورة شعب عظيمة، وليس أمام العالم العاهر، وهذا أفضل تمييز لها عن أعدائها الوحوش، وأفضل رد اعتبار لعشرات الآلاف من الأطفال الذين قتلهم النظام".
حاكموا قاتل حمزة ورفاقه
الغريب أن الحالة لم تستدعِ عند كثيرين استحضار مفجري الثورة السورية المباشرين، أطفال درعا، حمزة الخطيب ورفاقه، الذين كانوا أول شهداء الحرية، لم يقتلهم النظام في حرب، فلم تكن ثمة حرب، ولم يكونوا مسلحين ولا مقاتلين، بل طلبة مدارس تسلحوا بقلم وكتبوا أحلامهم على جدار، فكان هذا كافياً لاعتقالهم وتعذيبهم بشكل وحشي حتى الموت.. لقد قطعوا العضو التناسلي للطفل حمزة، في رمزية لم يفهمها كثيرون وقتها، ولم تفتح محاكم الديمقراطيات الغربية ملفها، وفيما بعد، واظب الأسد على قتل الأطفال كل يوم، كل يوم، ودعا إلى وليمة الدم أصدقاءه وحلفاءه وأعداءه المفترضين!..، فصار الأسد والروس والإيرانيون والحلفاء يقتلون أطفالنا كل يوم، فتعالوا نفتح الدفاتر، وأنا سأحمل وزر جريمة ذبح الفتى الأسير، ولكن موعد جلسة حمزة ورفاقه أسبق، أسبق بكثير..