داريّا.. صمود أسطوري وسيناريوهات سقوط مرعبة - It's Over 9000!

داريّا.. صمود أسطوري وسيناريوهات سقوط مرعبة

بلدي نيوز- (ريما محمد)

يخوض ثوار مدينة داريا في ريف دمشق الغربي، معركة شرسة مع قوات النظام السوري متمثلة بالفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد والمخابرات الجوية بقيادة جميل حسن، إضافة لمساندة من المليشيات الإيرانية.

وشهدت المعركة في الأيام الأخيرة تقدما جزئياً لقوات النظام على الجبهة الجنوبية الغربية، فقد عمد النظام لتحويل المعركة إلى حرب استنزاف للذخيرة، متبعاً استراتيجية الكر والفر من بعض النقاط على تخوم المدينة، مستغلاً إحكام الحصار على الثوار داخلها، وعلى الرغم من تمكن الثوار من فتح الطريق الواصل بين مدينة داريا ومعضمية الشام لساعات قليلة، الأمر الذي لو استمر لقلب موازين المعركة اليوم، فإن النظام أعاد إغلاق المعبر وأحكم مجدداً السيطرة عليه.

وتعتبر المساحة التي سيطر عليها النظام بشكل كامل اليوم والتي تقدر بـ 2كم السلة الغذائية للمدينة، والسيطرة عليها يعني حرمان 7000 مدني محاصر من الماء والخضار الغذاء الوحيد في المدينة، وبهذا فإن المدينة باتت اليوم تعتمد في الحصول على الماء على بئر أو بئرين فقط.

وفي حديث خاص لأبي عبادة قائد أجناد الشام في المنطقة الجنوبية مع بلدي نيوز قال: "مانخشاه أن تصبح داريا زبداني ثانية بريف دمشق".

واستطرد أبو عبادة قائلاً: "لدينا في المدينة قرابة 7000 مدني نريد أن نحيدهم عن ساحة القتال، لكن النظام لا يكترث بالمدنيين، حاولنا التفاوض معه بشأنهم لكنه أصر على قصف المدينة غير آبه بمئات الأطفال والنساء والشيوخ".

وتابع أبو عبادة: "على الرغم من قسوة المشهد اليوم في داريا لكن الأيام القادمة ستكون أفضل".

موضحاً بأن هناك تفاهمات بين الفصائل العاملة في المنطقة الجنوبية تتمثل "بهدم سياسية الهدن التي يتبعها النظام مع المدن الثائرة الأمر الذي يحول محيط العاصمة دمشق إلى نار ملتهبة"، بحسب ما أوضح أبو عبادة.

وبيّن أبو عبادة في حديثه مع بلدي نيوز أن الثوار ما زالوا يمتلكون أوراق قوة يضغطون على النظام من خلالها، تتمثل في الأسرى الذين مازالوا في قبضتهم، ويقدر عدد أسرى النظام لدى الثوار بنحو 150 أسيراً من جنسيات متعددة، بينهم رتب عالية.

آلية النظام في السيطرة على داريا

يسعى النظام للسيطرة على مدينة داريا سلمياً، فله تاريخ أسود مع المدينة وأبنائها، فهو الذي اعتقل مئات الشبان المثقفين من أطباء ومهندسين والمعروفين بأتباع "عبد الكريم السقا" في تسعينيات القرن الماضي، وما زال بعضهم إلى الآن مختفياً، كما تسبب نظام الأسد الأب بتهجير العقول خارج سورية بعد ملاحقتهم وقتلهم، فيما حرق الأسد الابن عشرات الشبان من مدينة داريا أحياء في مجزرة صيف 2012 حيث بلغت حينها حصيلة المجزرة مئات من الأطفال والنساء والشيوخ إضافة لاختفاء مئات الشهداء.

وبعد أن انهالت التقارير الأممية التي تبرز وحشية الأسد في مدينة داريا، عمد النظام إلى تطويق المدينة بمناطق تحت سيطرته أو مناطق مهادنة، فجوّع أهالي مدينة معضمية الشام البوابة الشمالية لداريا حتى توفي نحو 30 مدنياً جوعاً في 2013، وسيطر بالقوة العسكرية الحارقة على سبينة وببيلا والقدم جنوب دمشق، وهي العمق الجغرافي الجنوبي لداريا.

اضطرت معضمية الشام لتوقيع هدنة مع النظام بعد المجاعة التي اجتاحتها نهاية 2013 فوقعت داريا بين فكي كماشة، النظام جنوباً وغرباً وشرقاً ومدينة جائعة مهادنة شمالاً.

ثم اتبع النظام سياسة التفرقة وشق الصف، فقطع المعبر الوحيد بين المدينتين فانقسمت معضمية الشام بين ثائر محاصر في داريا ومدنيين يعيشون على وقع التهديد المستمر بالحصار مرة أخرى، ثم تواصل مع بعض ضعاف النفوس من عناصر الجيش الحر وتمكن من إخراجهم من المدينة، ما أدى إلى إحداث بلبلة خاصة بعد أن ظهروا على وسائل الإعلام الرسمية التابعة للنظام وهم يعترفون أنهم "عادوا لحضن الوطن" وبدأوا بالقتال الفعلي على الجبهات مع قوات للنظام.

السيناريوهات المحتملة

وبحسب مراقبين للوضع السوري فإن النظام يسعى إلى تفريغ محيط العاصمة دمشق، حيث برزت بوادر هندسة مجتمعية جديدة يسعى النظام لتطبيقها كخطوات نحو ما يسميها "سوريا المفيدة"، والتي تقضي بنقل الثوار المعارضين لحكم الأسد إلى الشمال السوري، إلى إدلب بالتحديد، مقابل نقل شيعة كفريا والفوعة إلى منطقتي السيدة زينب جنوب دمشق وداريا ومعضمية الشام غربها.

حيث يدعي الشيعة بأن زينب بنت الحسين حفيدة الصحابي علي رضي الله عنه، دفنت هناك أو توفيت هناك "وتعددت الروايات"، كما أنهم يدعون بأن سكينة إحدى حفيدات الصحابي علي رضي الله عنه دفنت في مدينة داريا، حيث أقام لها الشيعة بموافقة النظام السوري في بداية القرن الحادي والعشرين مقاماً ضخماً بإشراف إيراني.

وفي هذا الصدد قال أبو عبادة: "من المتوقع أن يطلب النظام تفريغ المدينة من الثوار نحو الشمال وهذا أمر مرفوض"، وكان النظام السوري عبر ممثله "وفيق لطف" قد عرض قبل شهور على ثوار مدينة معضمية الشام المتاخمة لمدينة داريا الانتقال إلى مدينة إدلب دون أن يجد آذاناً صاغية.

ماذا لو سيطر النظام على داريا

يرى مراقبون أن سيطرة النظام على مدينة داريا يعني عودة السوريين إلى ماقبل 2011، أي إلى نظام حكم تعسفي ظالم أشبه ما يكون بحقبة الثمانينات التي قتل وشرد فيها على يد الأسد الأب آلاف السوريين.

إذ أن السيطرة على المدينة يعني حكماً سقوط مدينة معضمية الشام وكسر قوة الثوار في محيط العاصمة دمشق، وبذلك يكون النظام قد أمّن حدود عاصمته كاملة باستنثاء الجهة الشرقية "جوبر"، والتي لن يختلف مصيرها، الذي يصبح حينها قريب، عن بقية مصائر المدن الأخرى.

ومن المعروف أن بقاء الأنظمة مرهون ببقاء العواصم تحت سيطرتها، ولذا فإن نظام الأسد سيمسك بزمام الأمور مجدداً، وسيكون لديه أوراق جديدة يستثمرها بمفاوضات يكون هو طرفها الأقوى.

مقالات ذات صلة

خلفت قتلى.. غارات إسرائيلية على دمشق وريفها

لأهداف أمنية.. وفد روسي يزور مدينة داريا بريف دمشق

ما الدوافع.. روسيا تعزز قواتها على تخوم الجولان المحتل

عبر الأمم المتحدة.. النظام يبدأ المتاجرة بالنازحين من لبنان

ميليشيا الحزب اللبناني تنسحب من موقعين بريف دمشق

ارتفاع ملحوظ في أسعار اللوز تشهده أسواق ريف دمشق