بلدي نيوز - (لونا آغاباشي)
يحيي الناشطون والحقوقيون السوريون، اليوم السبت 21 أغسطس/آب، الذكرى الثامنة لمجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية التي راح ضحيتها أكثر من 1400 مدني، غالبيتهم من الأطفال والنساء، بسبب استنشاقهم غازات سامة ناتجة عن هجوم لقوات نظام الأسد بغاز الأعصاب "السارين" على سكان الغوطة الشرقية ومعضمية الشام بالغوطة الغربية، في يوم 21 آب عام 2013.
وبدأ الناجون بنشر ما حصل على مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشر وسم "#لا_تخنقوا_الحقيقة" للتذكير بما حدث في تلك الليلة والمطالبة بمحاكمة رأس النظام "بشار الأسد" وعدم إفلاته من إجرامه.
وكتب الناشط والمصور "بسام خبية"، وهو أحد الناجين من تلك الليلة، أن "مجزرة الكيماوي حدث مؤلم وخانق بكل ما تحمله من تفاصيل وقصص، الهجوم الكيماوي استمر ربما للحظات، ولكنه خنق أرواح وأنفاس مئات الأطفال والنساء والشباب والشيوخ، ولليوم عندما نتحدث عن المجزرة أو نشاهد مقطع فيديو أو صورة، نختنق مرة أخرى، وكأننا نشتم رائحة الكيماوي، وكأن المجزرة حصلت ليلة أمس".
وأضاف خبية، في منشور له على صفحته في فيسبوك، "في تلك الليلة العصيبة انقلب المشهد لشيء أشبه بفلم الرعب، القاتل فيه غير مرئي، يمشي من حارة لحارة، ومن بيت لبيت، ومن غرفة لغرفة، ويترك وراءه الناس تختنق وتلفظ أنفاسها الأخيرة".
وفي الصدد، قال "ضياء الدين"، وهو أحد الناجين من المجزرة وشاهد على ما حصل في حديث لبلدي نيوز "في الساعة 12 من بداية يوم 21 من آب 2013 كنت قد عدت إلى منزلي، الجو حار جدا ولا يوجد كهرباء، بدأت أتصفح هاتفي لأقرأ عن وقوع حالات اختناق بصفوف المدنيين في بلدة زملكا باستهداف للنظام بصواريخ غريبة عند الساعة 1.45، تناقلت الخبر "التنسيقيات" في ذلك الوقت، تلاه خبر يفيد بأن حالات مشابهة قد حصلت في مدينة عين ترما".
ويضيف: "منزلي قريب جدا من مستشفى ميداني في الغوطة الشرقية، بدأت أصوات الإسعاف بالاقتراب وكثر الضجيج في الشوارع، ذهبت إلى المستشفى للمساعدة وفي الطريق شاهدت السماء وهي تعج بصواريخ صوتها غريب، وعند وصولي المستشفى شاهدت أشخاصا فوق بعضهم والبعض يختنق ويرتجف، ولا يوجد أي أثار للدماء".
وأردف "المستشفى امتلئ بالمصابين وخرج عن طاقته الاستيعابية، كانت رائحة المكان غريبة، وجرى استخدام الأدوات البدائية للمعالجة كالبصل والخل لمقاومة السارين، الكادر الطبي يتسابق لإنقاذ الأرواح، ومنهم من بدأ يفارق الحياة، حجم المصيبة كبير جدا على الجميع".
ما هو تقرير لجنة التفتيش الدولية؟
كانت لجنة التفتيش الدولية التابعة للأمم المتحدة موجودة في دمشق، وزارت مواقع الهجمات، بعد أيام من المجزرة، وعاينت المواقع وبقايا الصواريخ وأخذت عيناتٍ من التربة، وأجرت مقابلات مع عشرات السكان المحليين الناجين من المجزرة.
وأكدت اللجنة الهجوم بغاز السارين بتقرير أصدرته بعد أسبوعين من الهجوم.
وقالت، إن "الجهة التي نفذت الهجوم خبيرة باستخدام الأسلحة المزودة بغازات سامة، وإن الذين نفذوا الجريمة اختاروا المناخ والتوقيت الملائمَين، لتنفيذ الهجوم بحيث يوقع أكبر عددٍ من الضحايا.
وبعد أيامٍ من صدور تقرير اللجنة وبالتزامن مع تهديداتٍ الولايات المتحدة، أنها ستوجه ضرباتٍ عسكرية للنظام، واستخدم الكيميائي، عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً، تم التصويت فيه بالإجماع، على القرار رقم 2118، الذي طالب بنزع مخزون سلاح النظام الكيميائي وإتلافه، دون أن يستطيع إدانة النظام بالجريمة، وعرقلت روسيا القرار الدولي بالإدانة.
ماذا أفادت تقارير المنظمات دولية؟
وأكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بعد أكثر من أسبوعين من الهجوم حصولها على أدلة توضح وقوف قوات النظام السوري وراء مجزرة الغوطة.
أما تقرير "لجنة التفتيش التابعة للأمم المتحدة" الذي صدر في 16 سبتمبر/أيلول 2013 فلم يحمل مسؤولية الهجوم لأي جهة أو طرف، واكتفى بوصف الهجوم بأنه جريمة خطيرة، ويجب تقديم المسؤولين عنها للعدالة في أقرب وقت ممكن، مشيرا إلى أنه تم بواسطة صواريخ أرض أرض، أطلقت بين الثانية والخامسة صباحا مما جعل حصيلة الضحايا كبيرة.
تصريحات دولية
واكتفى البيت الأبيض بالتعبير عن القلق، ودعا وزير الخارجية الأمريكية الأسبق جون كيري النظام السوري إلى تسليم كامل مخزونه من الأسلحة الكيميائية في مقابل عدم تنفيذ ضربة عسكرية عليه.
وقدمت الاستخبارات الألمانية تقريراً جاء فيه أن اتصالاً جرى بين مسؤول كبير من "حزب الله" والسفارة الإيرانية في بيروت، أشار خلاله مسؤول الحزب إلى مسؤولية بشار الأسد عن الهجوم وإلى أنه بدأ يفقد أعصابه.
ونشرت صحيفة الغارديان بتاريخ 3 أيلول تقريرا استخباريا فرنسيا أشار إلى أن قوات النظام هي المسؤولة عن الهجوم، وأرفق التقرير الفرنسي صور ساتلية تظهر انطلاق صواريخ من مواقع قوات النظام وبسبعة وأربعين تصوير فيديو وضعها الناشطون وتحقق أطباء فرنسيون من صحتها.
لا محاسبة
ولم يتوقف النظام بعد مجزرة الغوطة عن استخدام الأسلحة الكيماوية؛ إذ استهدف العديد من المناطق 184 مرة، وبلغ عدد المرات التي استخدم فيها ذلك السلاح الفتاك 217 مرة منذ العام 2012.
ونشرت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" تقريرا، في الذكرى الثامنة للهجوم الكيماوي.
وقال التقرير، إن النظام لم يُحاسب على المجازر التي ارتكبها، والتي استخدم فيها كميات من غاز السارين على أهالي الغوطة وهم نيام، ما أدى إلى سكون الهواء وتطاير الغازات السامة الثقيلة.
وحمّل تقرير "الشبكة السورية" رأس النظام، بشار الأسد، مسؤولية استخدام الأسلحة الكيماوية كونه القائد الأعلى للجيش وللقوات المسلحة، إلى جانب نائبه، ومدير القوى الجوية، وإدارة المخابرات الجوية، وقادة المطارات العسكرية، والألوية التابعة للحرس الجمهوري، ومديري السرب، ومديري وحدات البحوث العلمية، الذين يتحملوا المسؤولية الكبرى عن استخدام الأسلحة الكيماوية.
ولفت التقرير إلى أن قاعدة الشبكة تضم بيانات لما لا يقل عن 387 شخصا من أعلى رتب ضباط الجيش وأجهزة الأمن والعاملين العسكريين والمدنيين، في مراكز البحوث والدراسات العلمية المتخصصة في تجهيز وتوفير المواد الكيمياوية المستخدمة عسكريًا في سوريا.
وطالب التقرير مجلس الأمن والأمم المتحدة بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية على النظام السوري، كنوع من أنواع التعويض المعنوي لعائلات الضحايا، بعد فشل استمر لعشر سنوات في منع الجرائم التي ترتكب بحق السوريين، وإحالة ملف الكيماوي إلى "المحكمة الجنائية الدولية" ومحاسبة المتورطين به.