بلدي نيوز - (خاص)
فجر قرار "الإدارة الذاتية" التابعة لقوات "قسد" حالة من الغليان والغضب الشعبي في محافظة الحسكة، تمثلت في خروج مظاهرات ردت عليها "قسد" بقتل 5 أشخاص، وتنظيم إضرابات عامة ببعض المدن، كما انتقده نشطاء بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، وتساءلوا عن المصلحة العامة التي تكمن وراء رفع الأسعار، معتبرين أن القرار سينعكس بشكل سلبي على المنطقة التي تعاني من آثار الجفاف الذي يضربها هذا الموسوم، إضافة لقلة فرص العمل وتفشي وباء كورونا فيها، مؤكدين أن القرار ليس له أي مبرر باعتبار أن حقول النفط السورية تقع في المناطق الخاضعة لسيطرة "قسد".
وكانت رفعت إدارة "ب ي د" تسعيرة ليتر مازوت التدفئة من 75 ليرة سورية إلى 250 ليرة سورية، والمازوت الممتاز من 150 ليرة سورية لليتر إلى 400 ليرة سورية، والبنزين من 210 ليرة سورية لليتر الواحد إلى 410 ليرة، واسطوانة الغاز من 2500 ليرة سورية إلى 8000 ليرة سورية".
وجاء في القرار الذي حمل رقم 119 إنه "بناء على مقترح إدارة المحروقات العامة ومقتضيات المصلحة العامة قررت الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي لشمال وشرق سوريا تحديد أسعار المحروقات في مناطق الإدارة الذاتية".
وقالت مصادر محلية من الحسكة لبلدي نيوز، إن المظاهرات الرافضة لقرار "الإدارة الذاتية" خرجت في مدن الحسكة والقامشلي والشدادي ومنطقة الـ47 ومركدة، كما شهدت منطقة المالكية وعامودا إضرابا وإغلاقا للمحال الرئيسية. وشهدت منطقتا الشدادي والحسكة المظاهرات الأعنف، حيث استشهد 5 مدنيين وإصابة آخرين، خلال فض المتظاهرين في الشدادي ومنطقة الـ 47 والحسكة، من قبل "الأسايش" التي بررت استخدام العنف في بيان إنه "كان هناك بعض المتربصين والعابثين بالأمن العام استغلوا خروج التظاهرات السلمية، وأقدموا على الاعتداء على النقاط والمراكز والمؤسسات العسكرية".
الصحفي السوري سامر الأحمد، علق على القرار قائلا إن "غياب رغبة قسد في تحسين الواقع الخدمي والمعيشي للمدنيين، مقابل الاستمرار في بيع المحروقات والغاز إلى نظام الأسد، وسوء إدارة وتوزيع الموارد رغم وفرتها، إضافة لمحاولة التغطية على ملفات فساد كبيرة تم الكشف عنها مؤخرا في جسم هذه الإدارة تمثل الأسباب الرئيسية لما وصل إليه الوضع".
وأضاف "الأحمد" في حديثه لبلدي نيوز "امتازت الاحتجاجات بشموليتها لمعظم مدن وبلدات الحسكة، وشارك فيها مختلف مكونات المجتمع من عرب وكورد وسريان ومختلف الفئات من مثقفين وصناعيين ومزارعين، واختلفت مظاهرها ما بين التظاهر السلمي والاعتصامات إلى قطع الطرقات وإغلاق الأسواق ورفع لافتات منددة، وصولا إلى الاحتجاج الإلكتروني".
وأكد أن "مواجهة قسد لهذه الاحتجاجات بكيل الاتهامات للمحتجين واتهامهم بالعمالة أو أنهم اتباع لـداعش إضافة لمقتل عدة مدنيين في تظاهرات الشدادي برصاص "قسد" لن يحل المشكلة، بل سيسهم في زيادة الغضب الشعبي، وربما يؤدي إلى تطور الأمور إلى مستويات تصاعدية أخرى".
واعتبر أن "الاحتجاجات تشكل لبنة جديدة في سلسلة تراكمات يعاني منها سكان المنطقة بسبب السياسة الإقصائية التي تمارسها "قسد" في إدارة المنطقة ومواردها، مايشكّل عامل ضغط على القوات الدولية الموجودة في المنطقة لتحسين الظروف الخدمية والاقتصادية وفسح مجال العمل أمام فضاء سياسي تشاركي أوسع".
ولفت أن "قسد" أمام خيارين الآن الإصرار على تنفيذ القرار 119 وبالتالي تبني خيار المواجهة مع الشارع واحتمال اتساع رقعة المظاهرات في عموم مناطق سيطرتها وليس فقط بالحسكة، أو التراجع عن القرار بعد هذه الضغوط الشعبية ما "يشكل دافعا قويا للمدنيين لتشكيل عامل ضغط جديد عليها مستقبلا لتحسين الظروف الاقتصادية في المنطقة، وزيادة وعي شعبي بأهمية طرق الاحتجاج اللاعنفي بعد عدة سنوات من الحرب والصراع".
وكانت الهيئة السياسية المعارضة في محافظة الحسكة، دانت في بيان قمع المتظاهرين في مدن الحسكة و "وارتكاب هذه الجرائم بقتل المتظاهرين بدم بارد كما يفعل نظام الأسد على مدى عشر سنوات"، وحملت التحالف الدولي مسؤولة ما "مايجري من قمع وقتل وتنكيل بأهالي المنطقة".
بدوره، المجلس الوطني الكردي اعتبر أن قرار رفع أسعار المحروقات بما يزيد عن ثلاثة أضعاف، سوف تكون له تداعيات خطيرة على جميع مستلزمات الحياة، داعيا إلى إلغاء القرار، وحذّر من استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين.
لكن بالمقابل، دافع رئيس مجلس سوريا الديمقراطية "مسد" الذراع السياسي لـ"قسد" رياض ضرار في منشور على فيسبوك، عن القرار وذكر جملة من الفوائد للقرار، بينها أن القرار "سيؤدي إلى تخفيض استخدام الوقود كمصدر للطاقة وبالتالي تخفيض نسبة الانبعاثات السامة للصحة وهذا في مصلحة البيئة ونقائها من التلوث"، كما أن القرار سيحول الناس في مناطق سيطرة "قسد "نحو الحلول البيئية للطاقة كالخلايا الشمسية والبحث عن المنتجات الأقل استخداما والأكثر توفيرا للطاقة"، ما تسبب بموجة سخرية واسعة.