بلدي نيوز – (علاء الحسين)
إن خُطفت اُتهمت بالخطف، وإن قُتلت فأنت القاتل والمقتول أيضاً. هنا كل شيء مباح، هنا تتهم الضحية بالجرم ويبرأ المجرم من جريمته ويقلدُ بوسام يملأ صدره. أنت هنا تحت سقف "سوريا الأسد".
أمس الأول، أعلنت وزارة داخلية الأسد في موقعها الرسمي على شبكة الانترنت أن "معظم حالات الخطف التي تمت في دمشق وضواحيها، كانت مفتعلة من الفتيات وحتى من بعض الشباب"، مستندة في إعلانها هذا إلى حالة وحيدة، وبعض القصص الهوليودية الأخرى، قائلةً إن "إحدى الحالات فتاة هربت مع شاب بحكم أنه حبيبها وفوضت شاباً آخر بالاتصال بوالدها على أساس أنها مخطوفة لابتزازه، وأنه طلب من والدها 5 ملايين ليرة".
واستعانت وزارة الأسد بالمجرم أو أحد أذرعه المتورطة (فرع الأمن الجنائي بدمشق) كأحد الشهود! والضبط الصادر عن الفرع كدليل على ذلك! وقالت بحسب "الضبط" إن "العديد من الفتيات اللواتي يدعين أنهن خطفن وتبين أنهن افتعلن حادثة الخطف لابتزاز ذويهن للحصول على الأموال بهدف الزواج من الذين ذهبن معهم أو التصرف بالمبلغ لمصالح شخصية".
وانخرطت أبواق الأسد الإعلامية في تبرئة المجرم وإدانة الضحية كعادتها، حيث قالت صحيفة "الوطن"، شبه الرسمية لمالكها "رامي مخلوف"، نقلاً عن مصدر في الوزارة إنه "بعد التحري تبين أن الفتاة خرجت بإرادتها وطلبت المبالغ المشار إليها للزواج من الشاب الذي هربت معه، بحكم أن والدها ميسور الحال".
وحاول الذراع الإعلامي لنظام الأسد أن تلصق الجريمة بمناطق سيطرة الثوار، مستندةً في توجهها هذا على نفس الضبط ونفس المصدر، واختلقت قصة لـ "فتاة هربت مع شاب آخر إلى برزة وكانت تتكلم مع والدها على أساس أنها مخطوفة وأن خاطفيها يعذبونها للحصول على مبلغ مالي كبير"، محاولة بهذه الرواية الإشارة إلى أن الخاطفين هم من الثوار أو ممن يتعاملون معهم، كون أن حي برزة الدمشقي على خط تماس مع المناطق المحررة، ويخضع قسم منه لسيطرة الثوار.
هذه التصريحات تأتي بعد تنامي الحديث في وسائل الإعلام المهتمة بالشأن السوري عن تزايد حالات خطف الفتيات في مناطق سيطرة النظام، وعلى وجه الخصوص في مدينة دمشق وضواحيها، حيث سجلت عدة حالات لاختطاف فتيات في أحياء معروفة في العاصمة، وأنهن اختطفن على حواجز قوات أمن الأسد، وفقاً لشهود عيان.
ويخفي أغلب ذوي الضحايا أنباء خطف بناتهم، خوفاً من "الفضيحة"، حيث تعتبر البيئة الاجتماعية الدمشقية "بيئة محافظة"، ويذعن هؤلاء لطلبات الخاطفين بدفع الفدية أو أن الضحية تقتل وتغيب دون معلومات تذكر.
تجدر الإشارة إلى أن العاصمة دمشق شهدت في الآونة الأخيرة عمليات سطو مسلح وحالات خطف علنية، حتى بلغت في ذلك أروقة وزارة العدل ذاتها، في حين تقطع حواجز أمن النظام كل شارع في المدينة بحيث يصعب على المشاة التنقل بحرية.