بلدي نيوز- (لونا آغاباشي)
محاولات حثيثة بذلتها من أجل متابعة مسلسل سوري، خاصة مع إطلاق الحفنة الجديدة من الأعمال في بداية رمضان الجاري، ولكن في كلمة مرة يظهر أحد الممثلين أو الممثلات تقفز إلى مخيلتي مواقفهم وتصريحاتهم، وانبطاحهم تحت أرجل وفي خدمة طاغوت دمشق.
محاولة فصل الفن أو بمعنى أدق الدراما عن السياسة لم تكن ناجحة رغم أن بعض الأعمال لا تحمل طابعا سياسيا، وليس لها أجندة داعم لنظام الاستبداد في دمشق، ولكن الأمر صعب للغاية، في عملية الفصل، كما كانت المحاولة الفاشلة في فصل الرياضة عن السياسة في متابعة منتخب البراميل.
خلال تنقلي بين القنوات الفضائية، وفي كل مرة يظهر ممثل سوري كأيمن زيدان، بسام كوسا، عابد فهد، دريد لحام، سلاف فواخرجي، عبد المنعم عمايري، شكران مرتجى؛ فإن حالة من الاشمئزاز تنتابني، وأتذكر مواقف هؤلاء من المجازر والاعتقالات والتعذيب التي يقوم بها نظام الأسد منذ عشر سنوات وحتى اليوم.
العلاقة وثيقة بين الفن والسياسة، فلا يمكن فصل العمل الفني بأشكاله المتنوعة، عن العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية المحيطة به، فالأنظمة الحاكمة عبر العصور تنبهت إلى دور الفن على الشعوب، وتبنته لإظهار وجهة نظرها، فيما كان للفن دور كبير في دعم الثورات، وهناك الكثير من الأمثلة على فنانين وفنانات وقفوا في وجه الحكام وفي صف الشعب.
في سوريا لا يختلف الأمر كثيرا من حيث الصورة العامة، فبضع الفنانين والفنانات وقفوا مع الشعب السوري في ثورته ضد الطغيان، وبعضهم اختار أن يقف مع الطاغية، ولكن الشيء البارز في الحالة السورية، هو وقوف عدد من النجوم الذين صدعوا رؤوسنا بالحريات وحقوق الشعب والوضع الاقتصادي السيء منذ عقود والفساد والمحسوبيات ووو، في مزاودة كبيرة على الوضع، ولكن عندما اندلعت الثورة على كل ذلك، اتخذوا موقفا داعما للطغاة، وطبلوا وزمروا لهم حفاظاً على مصالحهم الشخصية الضيقة!
طبعا لا يمكن أن ننكر مواقف البعض الآخر، وإن كانت من حيث العدد متواضعة، إلا أنها من حيث الدور كانت كبيرة، خاصة مواقف شخصيات كالراحلين "مي سكاف وخالد تاجا"، إضافة إلى مواقف مكسيم خليل، وفارس الحلو، ويارا صبري، وعبد الحكيم قطيفان، ونوار بلبل، ونسيمة ضاهر، وليلى عوض، وريم علي، ولويز عبد الكريم، وإيناس حقي، وعبد القادر المنلا، ومحمد آل رشي وغيرهم.
الفصل بين الإنسانية والفن أمر غير ممكن، فالموقف الإنساني هو أساس الفن، وما قام به نجوم السلطان من مواقف، وما قدموه من تصريحات في دعم نظام الأسد، تثبت أن إنسانيتهم سقطت عنهم، وإن لم يكن مطلوب منهم دعم الثورة، إن كان لديهم اعتراضات عليها، ولكن إنسانيتهم كان يجب عليها أن تمنعهم من دعم الديكتاتور وممارساته على الأقل.
لذلك لا يمكننا كسوريين أن نفصل بين الفن والسياسة، وأن نتابع الأعمال الدرامية السورية بحيادية على أنها فن غير مرتبط بصناعة أو برسالته، فلا حيادية في الحروب، إما تكون مع الطغاة، أو ضدهم، ولا يوجد خيار ثالث!