معابر شمال سوريا تتحدى قيصر وتنتشل الأسد - It's Over 9000!

معابر شمال سوريا تتحدى قيصر وتنتشل الأسد

بلدي نيوز – إدلب (محمد العلي)

منذ توقيع آخر اتفاقية لوقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد الرابعة في العاصمة الروسية موسكو في الخامس من مارس/آذار العام الفائت، اشترطت روسيا على تركيا فتح طرق التجارة الدولية والتي تسيطر روسيا ونظام الأسد وميليشياتهما على طريق "حلب - دمشق" والمعروف بالرمز M-5، في حين تسيطر فصائل المعارضة السورية المدعومة من قبل تركيا على طريق "سراقب - اللاذقية" المعروف بالرمز M-4، والذي لم يفتتح تجارياً أو مدنياً حتى اللحظة.

ومع تفاقم الكارثية المعيشية في مناطق سيطرة نظام الأسد وارتفاع الأسعار الجنوني والتضخم المالي الذي يتنامى يوماً بعد يوم، في ظل الحصار الاقتصادي الذي فرضه قانون "قيصر" على كيانات وأشخاص وشركات تتبع لنظام الأسد، وجدت روسيا نفسها مضطرة للتوجه إلى تركيا مطالبة إياها بالإيفاء بالتزاماتها وهي تلوح بالتصعيد العسكري تارة، وبين ادعاء انساني تارة أخرى، تمرر من خلاله فتح المعابر بين مناطق نظام الأسد والمناطق المحررة المفتوحة تجارياً على تركيا وكافة دول العالم.

التفاف على قانون قيصر:

المستشار القانوني "علي الرشيد" قال لموقع بلدي نيوز إنّ روسيا ومنذ عام 2014 لا تزال تعارض فتح المعابر وايصال المساعدات للمدنيين في محافظة ادلب واستخدمت حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن لعدة مرات، ونستغرب اليوم بعد أنّ شد الخناق الاقتصادي على النظام بسبب قانون قيصر لتطالب روسيا بفتح المعابر بحجة التدهور الاقتصادي وسوء الرعاية الطبية في محافظة ادلب، هذا في ظل ما تقوم به روسيا من قصف المشافي ومرافق الخدمات الانسانية في إدلب والأرياف المجاورة لها.

وأكد الرشيد أنّ افتتاح معابر تشرف عليها روسيا من جانب قوات نظام الأسد يحتاج قانونياً إلى قرار مجلس الأمن الدولي، كونها عرقلت لعدة مرات تمرير المساعدات الإنسانية عبر الحدود في شمال وشمال غرب وشرق وجنوب سوريا.

وأوضح الرشيد أن فتح المعابر في الوقت الراهن التفاف على قانون قيصر لأن قانون قيصر يستهدف أي محاولة لإنعاش النظام اقتصاديا وأنّ فتح المعابر هدفه إنعاش التبادل التجاري بينه وبين الدول المجاورة عبر تشغيل الخطوط الدولية بينه وبين دول الجوار

حيث تشغيل المعابر يتطلب البحث بطبيعة ما يتم تداوله عبر هذه المعابر وما يتم نقله وهذا يحتاج لآليات وأسس معينة لتحديد هذه المواد وهذه البضائع أو المساعدات أو ماهية هذه المساعدات.

في حين رأى الباحث في مركز بلدي نيوز للدراسات "تركي مصطفى" أن روسيا عملت على ابتزاز تركيا بخلق واقع انساني سيء للغاية في المناطق المحررة عبر قصف متزامن لمنشأة طبية ومنشآت أخرى حيوية وخدمية بالقرب من معبر باب الهوى الحدودي بالتزامن مع مقترح روسي للجانب التركي بضرورة فتح ثلاث معابر تجارية بين المناطق المحررة ومناطق سيطرة قوات النظام، تهدف من خلالها لانتشال نظام الأسد من الأزمة الاقتصادية التي حلت به بعد إقرار قانون قيصر، وبذلك تتهرب روسيا من العقوبات التي قد تلحق بها في حال قدمت دولتها أو شركات أخرى روسية الدعم المباشر أو التبادل المباشر مع نظام الأسد.

وأكد المصطفى أنّ تركيا حريصة جداً على عدم مواجهة القيادة الأمريكية الجديدة في ملف قيصر، مرجحاً عدم قبولها تحت كل الضغوط بفتح معابر مباشرة بين الفصائل المدعومة من قبلها وقوات نظام الأسد، لكنها قد لا تتمكن من منع افتتاح هذه المعابر في حال تمكنت روسيا من تمرير قرار أممي بفتحها عبر مجلس الأمن، وقبول من قبل الولايات المتحدة الراعية لقانون قيصر.

اقتصادياً:

وفي حديث خاص لبلدي نيوز مع الخبير الاقتصادي "حيان حبابة" قال: "بالتأكيد قرار افتتاح المعابر هو قرار سلبي كلياً بالنسبة للمنطقة المحررة ولفصائل المعارضة السورية العاملة فيها إن وافقت، كونه سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل مضاعف وخصيصاً المواد الغذائية بسبب اتساع مساحة التسويق وبالتالي ازدياد الطلب على السلع المتوفرة في أسواق المنطقة المحررة من قبل التجار الذين سيعملون على نقلها لأسواق النظام، مما سيخلق واقع معيشي سيء للغاية في كامل المناطق المحررة على حساب فائدة محدودة لفئة قليلة من التجار، كما سيساهم في ترميم الوضع الاقتصادي لنظام الأسد الذي يعيش حصاراً اقتصادياً بفعل عقوبات قيصر أدت لإغلاق كافة منافذه الحدودية والبحرية والجوية وعزله عن العالم".

وأضاف حبابة أنّ المصرف المركزي في حكومة الأسد خالٍ تماماً من القطع الأجنبي السبب الذي أدى لتهاوي سعر صرف الليرة السورية خلال الشهر الأخير بشكل متصاعد، ولا يمكن للمصرف بفعل العقوبات المفروضة عليه تعويض القطع الأجنبي إلا من خلال التبادل التجاري، ويعتبر هذا السبب الرئيسي الذي يدفع بنظام الأسد وروسيا من خلفه للإلحاح بطلب فتح المعابر.

الموقف التركي

أكد مصدران تركيان رفيعا المستوى لموقع "العربي الجديد" ، نفيهما للأنباء التي تحدثت عن توصل تركيا وروسيا إلى اتفاق من أجل فتح 3 معابر في ريفي إدلب وحلب.

وأكّد مصدر عسكري تركي، أن تركيا تلقت فعلا عرضا روسيا من أجل فتح المعابر الثلاثة، لكنهما نفيا حصول أي اتفاق بخصوص ذلك، مشيرا إلى أن الجانب التركي ما يزال يفاوض نظيره الروسي على العرض المقدم.

كما نفى مصدر في وزارة الخارجية التركية حصول أي اتفاق مع روسيا بخصوص فتح المعابر، موضحا أن هذه الأنباء "غير صحيحة"، في حين أشار المصدر العسكري إلى أن الإعلان الروسي هو للضغط على تركيا من أجل التوصل إلى اتفاق مشترك.

رفض شعبي

على المستوى الشعبي في الشمال السوري، شهدت مناطق شمال غربي سوريا، مظاهرات ترفض ما أعلنته روسيا، عن توصّلها لاتفاق مع تركيا يقضي بفتح معابر مع نظام الأسد في ريفي حلب وإدلب.

وخرجت مظاهرات في مدينة اعزاز وقرية سجو التابعة لها شمالي حلب، وفي مدينة عفرين المجاورة، تزامنت هذه المظاهرات مع حملة أطلقها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم (لا للمعابر مع النظام).

ويرجع جزء من الرفض الشعبي لفتح المعابر، إلى تجارب سابقة، استغل فيها التجار الحاجة الكبيرة للسلع والمواد في مناطق سيطرة النظام، الأمر الذي تسبب في ارتفاع السلع والمواد الأساسية في الشمال السوري.

من جانبه اعتبر الناشط "ساري الرحمون" أنّ الثورة السورية لا تحارب نظام الأسد عسكرياً، وإنما اقتصادياً وفكرياً وعلمياً وعلى كافة الأصعدة، ولا يمكن لأي مؤسسة أو إنسان ثوري القبول بفتح المعابر في هذا التوقيت وانقاذ حكومة الأسد من أزمتها الاقتصادية، معتبراً أنّ أي محاولة لإنقاذ هذا النظام خيانة لدماء الشهداء وعذابات المعتقلين ومآسي المهجرين في الخيام.

وأضاف الرحمون "من خلال التجارب السابقة للمعابر الواصلة لمناطق سيطرة قوات نظام الأسد، تمكن نظام الأسد من إدخال المفخخات والعبوات الناسفة والعملاء إلى المناطق المحررة، وعملوا على تفجير الأسواق والمؤسسات الثورية، وإيصال المعلومات التجسسية لأجهزة استخبارات الأسد وروسيا واغتيال الثوار، إضافة لإغراق المنطقة بالخمور والمخدرات ومادة الحشيش ضمن سياسة ميليشيا حزب الله في كسب المال وتمييع الأخلاق في المجتمعات المناهضة لها".

وفي نيسان/أبريل من العام الفائت رفض الأهالي في محافظة إدلب افتتاح معبر مع قوات نظام الأسد في قرية معارة النعسان بريف إدلب الشرقي، وخرجوا في مظاهرات احتجت على فتح المعبر وقطعوا الطرق الواصلة إليه، إلى أنّ هيئة تحرير الشام قامت بإطلاق الرصاص الحي على المحتجين ودهسهم بالسيارات ما أدى لاستشهاد مدني وإصابة آخرين، ثم تجاوبت مع مطالب المدنيين وأصدرت بياناً أكدت من خلال تأجيل افتتاح المعبر إلى حين انتهاء جائحة كورونا أو حدوث تغيير في خارطة السيطرة.

الفصائل العسكرية:

تخضع المعابر في المناطق المحررة لسيطرة الفصائل العسكرية، التي تفرض ضرائب مالية على الشاحنات الموّرِدة أو المصدِّرة تبدأ من 400 دولار أمريكي وقد تصل إلى 8000 دولار أمريكي بحسب نوع وكم وحجم البضائع، وتعتمد العديد من الفصائل في تمويلها على عمل المعابر سواء بين المناطق المحررة فيما بينها، أو بين المناطق المحررة ومناطق سيطرة النظام، أو بين المناطق المحررة ومناطق سيطرة قسد، أو المناطق المحررة وتركيا.

وحتى اللحظة لم تصدر أيٌ من الفصائل العسكرية بياناً رسمياً يوضح موقفها من الطرح الروسي، مما يدل على تركها القرار في الأمر للجانب التركي الذي من الممكن أن يقبل بالطرح الروسي مقابل تنازلات روسيا في ملفات أخرى عالقة بينهما.

مقالات ذات صلة

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

أردوغان: لدينا تواصل مستمر مع الإدارة الجديدة في سوريا

تجار هولنديون يبدون رغبتهم لتجديد تجارتهم في سوريا

قسد تقترح حلا لمدينة عين العرب شمال شرق حلب

مشروع خط غاز "قطر - تركيا" يعود إلى الواجهة من جديد

أزمة حادة في اليد العاملة بتركيا بعد عودة عدد كبير من العمال السوريين إلى بلدهم

//