بلدي نيوز - (فراس عزالدين)
تعيش معظم العائلات التي هجرها نظام الأسد، من ريف دمشق إلى إدلب، على نوافذ اﻷمل والذكريات، وتسترجع اﻷيام "الخوالي" خلف مدفأةٍ صغيرة من "الحطب"، وضوء "الليدات" الضعيف.
وتروي الجدة السبعينية "أم أسامة" مهجرة من ريف دمشق، ﻷحفادها عن عادات الدمشقيين، في الـ "مربعانية"، وسط استغراب الصغار الذين ولدوا بعيدا عن الشام وعاداتها.
تمتد يدها إلى المدفأة، وتسترسل في حديثها؛ "يا تيتة بأيام المربعانية، كانت الناس (تكمكر ببيوتها ورا الصوبيا)، وتقصد اقتصار العمل على فتراتٍ أقل هربًا من برودة الطقس.
وأضافت؛ "وياعيني على ريحة البصل المشوي والكستنا، والكعك الطازج المغمس بالحليب الساخن، والقضامة المشوية الساخنة/الاستنبولية".
وحدهم كبار السن هنا من يحكي ويعرف طقوس تلك الأيام، وكيف تلتف العائلة في غرفة واحدة حول المدفأة، يتسامرون ويلعبون "البرجيس".
وتروي أم أسامة ﻷحفادها؛ "المربعانية كنا نتجمع بغرفة وحدة اسمها (الفرنكة أو المربع)، ونلتم ورا "الكانونة/المدفأة"، ونغني ﻵخر السهرة مع طبق حلو وشاي أو شراب يدفينا من البرد".
ويعرف السوريون "المربعانية" بالعموم، وهي تمتاز ببرودة طقسها والتقلب المفاجئ، وتبدأ "مربعانية الشتاء"، والتي توصف فلكيا بأنها (ذروة الشتاء) منذ الثاني والعشرين من كانون الأول من كل عام، وهو بداية الانقلاب الشتوي، وتستمر حتى نهاية الحادي والثلاثين من كانون الثاني، (أربعين يوما)، وتعدّ من أبرد أيام السنة وبداية موسم هطول الأمطار والثلوج، كما يصبح نهارها قصيرا وليلاها طويلا.
وللمربعانية أيضا أمثالها؛ التي تستذكرهم الجدة "أم أسامة"، ولا تبخل بالحديث عنهم أمام أحفادها، فمع صبيحة كل يوم تكرر؛ (يا شمس تحرق يا مطر يغرق)، وأكثر كلماتها شيوعا (يا بتربِّع يا بتقبِّع)، وتختم ليلها بتوديع الصغار والدعاء؛ (يا رب نجنا من نزلة المربعانية).
ويقسّم الشتاء إلى قسمين "المربعانية والخمسينية"، وبينما تكون اﻷولى شديدة البرودة، تكون (الخمسينية) أخف منها، وتمتد حتى فترة الاعتدال الربيعي، ومدتها 50 يوما.