يتزاحم المئات من المدنيين، جلّهم من النساء والأطفال، يومياً، أمام مبنى الهجرة والجوازات في مدينة الحسكة، حيث تقف النساء في طوابير طويلة لتقديم أوراق الحصول على جواز سفر يسهل لها الهجرة والالتحاق بأزواجهن أو أبنائهن خارج سوريا.
وقالت مراسلة شبكة "بلدي": إن زيارة مبنى الهجرة والجوازات في حي غويران غربي، تكشف حجم الظاهرة المتزايدة، حيث تبلغ تكلفة الحصول على جواز السفر 5350 ليرة سورية، ويصدر الجواز بعد شهر من إتمام الأوراق المطلوبة، كصورة عن الهوية الشخصية أو إخراج القيد ومن ثم الحصول على موعد الحضور للتقدم بالأوراق ودفع الرسوم وغالبا ما يحدد الموعد بعد أسبوعين.
ويتكدس المراجعون القادمين من مدن الحسكة كافة، وغالبيتهم الساحقة من النساء وأطفالهن، مع كل صباح، ينتظرون أن ينادي الشرطي بأسماء المتقدمين مسبقا بطلبات التسجيل على جواز السفر، فيتجمع الحضور أمام نافذة صغيرة لساعات تحت أشعة الشمس، ثم يسلمون بطاقاتهم الشخصية، ودفع مبلغ 350 ليرة سورية في البداية، حسب مراسلتنا.
وتنتقل العملية إلى داخل مبنى الهجرة والجوازات، حيث ينتظر "طالب الجواز" دوره داخل المبنى لاستكمال عملية التسجيل على الحاسوب والبصم الأوراق في مكاتب أخرى، وتسديد مبلغ 5000 ليرة، ويحدث كثير ان ينتظر دون جدوى ليعاودوا الكرة في اليوم التالي، ما أفسح المجال لعمل السماسرة الذين يستغلون صعوبة التنقل والمراجعة للمواطنين خارج مدينة الحسكة.
في حيث مع مراسلة "بلدي"، السيدة "سميرة" (30عاماً) قالت: "جئت من قرية ذبانة للحسكة لإتمام إجراءات طلب جواز السفر ومنذ الصباح أقف أمام نافذة مكتب طلبات التسجيل تحت الشمس، وأنا حامل في شهري الرابع وأشعر بالتعب، وتمنيت لو فعلت كما فعلت أختي عندما دفعت 30000 ليرة سورية، للحصول على جواز السفر وهي مرتاحة في منزلها".
وأوضحت سميرة، "أريد الذهاب لتركيا فأنا متزوجة من رجل تركي التقيته بتركيا، وانا مجبرة على الالتحاق به لذا يجب الحصول على جواز سفر لسهولة السفر".
ومن جهتها، قالت "رهف" (20 عاما) من سكان مدينة الحسكة: "أنا متحمسة للذهاب لتركيا للقاء خطيبي الذي فرّ إلى هناك منذ عام، بسبب حملات الاعتقال ضد المعارضين في غويران، وأصبح زوجي منذ فترة بعد أن تم تسجيل عقد الزواج في المحكمة بحضور أهله وأهلي رغم عدم استطاعته الحضور وسأغادر لتركيا فور حصولي على جواز السفر".
السيدة "إيفلين" (35عاما) -أم لأربعة أطفال، جاءت مع صغارها من مدينة القامشلي لتجديد جواز سفرها والحصول على جوازات لأطفالها، قالت: "أريد الحصول على جوازات السفر لي ولأطفالي لنهاجر إلى تركيا، حيث يعمل زوجي، وإذا لم أستطع استكمال التسجيل اليوم فسنضطر للمبيت عند أحد الأقارب في الحسكة".
التقت مراسلة شبكة "بلدي" امام مبنى الهجرة، سيدة في عقدها الخامس، تدعى "حميدة" جاءت من القامشلي أيضا من أجل جواز السفر، وتقف في الشمس قرب نافذة مكتب التسجيل تارة، وتجلس على الأرض تحت الظل تارة أخرى، وتقول: "جئت وحدي لأسجل على جواز سفر، فجميع أولادي مهاجرين في أوروبا ويريدوني اللحاق بهم".
ويعمد الكثير من السكان، حتى من لا نية لهم بالسفر، إلى الحصول على جواز سفر تحسباً لمور طارئة، كما قالت "شيرين" (19عاما)، في حين قالت السيدة "أم نينوس" (40 عاما): إن أولادها خارج البلاد لكنها لا تنوي الهجرة بل الحصول على الجواز لاستخدامه وقت الضرورة".
وتشهد مناطق سورية عدة، من ضمنها محافظة الحسكة، موجة هجرة غير مسبوقة، افرغت المدن والبلدات والقرى من الشباب الاناث منهم والذكور، بسب ما تفرضه ظروف الحرب من ضغط اقتصادي واجتماعي، عدا عن الضغط الأمني والسياسي بالنسبة للمعارضين لنظام الأسد، ما جعل أكثر من 5 ملايين سوري يعيشون في دول الجوار فارين من بطش النظام، منهم ما يقارب 2 مليون سوري في تركيا وحدا.