الإبادة الجماعية تستمر في سوريا.. والغرب يواصل الثرثرة! - It's Over 9000!

الإبادة الجماعية تستمر في سوريا.. والغرب يواصل الثرثرة!

لوس أنجلوس تايمز – (ترجمة بلدي نيوز)
اجتمع أعضاء المجموعة الدولية لدعم سوريا، والمؤلفة من 20 دولة ومنظمة، في فيينا في وقت سابق من الشهر الماضي في محاولة لتقرير مصير الشعب السوري لمرة أخرى، كما هو متوقع، وغادر الدبلوماسيون العاصمة النمساوية مع قليل من الوعود "لوقف الأعمال العدائية".
كما أعلن وزير الخارجية الاميركي جون كيري، مشيراً الى "الإطار الأساسي" الغير طائفي لسورية بقوله: "إن التحدي الذي نواجهه الآن هو تحويل هذه الاحتمالات إلى حقيقة وجود اتفاق".
إن هذه الكلمات لا تعني أي شيء لأولئك المقاتلين على الأرض، الذين يواصلون الضغط من أجل كسب المزيد من الاراضي، ففي حلب، تتساقط القذائف و طائرات الهليكوبتر تهدر في السماء، وفي داريا، إحدى ضواحي دمشق التي تحاصرها قوات النظام السوري منذ عام 2012، هناك حالياً 8000 نسمة يتضورون جوعاً.
وتقدر "حملة سوريا"، المجموعة المستقلة، بأن هناك سوري يموت في كل 51 دقيقة، وفي اليوم الذي اجتمع فيه الدبلوماسيون في فيينا، قتل 28 مدنياً، بينما تم إطلاق 94 صاروخاً، وتم إسقاط 40 برميلا متفجرا على رؤوس المدنيين، إن هناك عدم واقعية على أقل تقدير، بين "عملية السلام" وبين ما يحدث فعلاً في الوقت الحقيقي على الأرض في سوريا.
إن ذلك الاجتماع المريح، للدبلوماسيين في بزاتهم الرمادية في فيينا، كان قد ذكرني بحادث في عام 1992، عندما كنت أقوم بتغطية حرب البوسنة، قبل أسبوع من عيد الميلاد، حيث كان الناس في سراييفو يقومون بقطع أشجار الحدائق لحرقه كحطب ليتدفئوا به، في حين أوقفت شحنات المساعدات الإنسانية، ولم يكن هنالك كهرباء، بينما كانت الأسرة التي أعيش معها، متجمعين حول شمعة واحدة في الليل، يستمعون إلى القصف المرعب.
وبدلاً من تقديم المساعدة، قام على مضض، بطرس غالي الأمين العام للأمم المتحدة حينها، بالقدوم في وقت متأخر ولفترة وجيزة إلى العاصمة البوسنية، حيث صرح بغطرسة عميقة، قائلاً للصحفيين بان "محادثات السلام" القادمة هي الحل الوحيد، وأن هناك "10 أماكن أسوأ" من سراييفو في العالم، في حين قام السياسي المصري السابق لمرة أخرى بركوب طائرته وطار، كان علي حينها أن أشرح لأصدقائي البوسنيين، أنه نعم، في الواقع، العالم قد تخلى عنهم، و طالت الحرب لمدة ثلاث سنوات مريرة أخرى!
لقد كنت أتساءل دائما كيف وصلت الأمم المتحدة في نهاية المطاف لاعتبار البوسنة -حيث قتل أكثر من 250 ألف شخص– بأنها الـ11 على لائحة المعاناة، كيف يمكنك الحكم على ذلك؟ هل تجميع قوائم الأطفال الذين قتلوا، وأطرافهم التي فقدت، والمدارس والمستشفيات التي تحولت إلى غبار، أصبحت تستخدم في وضع لوائح لمعرفة من الأسوأ في معاناته؟
لقد كانت فيينا المزيد من الشيء نفسه، تجمع لسماسرة السلطة، الذين بدوا فقط مهتمين بشكل خافت في إنهاء المعاناة، ومثلما هو الحال في البوسنة، فإن الأمم المتحدة -والتي تقوم بدور الوسيط في المحادثات غير المثمرة ما بين الأطراف السورية- أصبحت عاجزة كلياً، إن هذا ليس تماماً خطأها، إذ لم تكن إرادة الإدارة الأمريكية متماسكة أو ثابتة، ونتيجة لذلك فقد سمح لبشار الأسد وفلاديمير بوتين، بأخذ زمام المبادرة، وفي الوقت نفسه، يقومون بتجويع المزيد من السوريين، وحرق البلاد.
وعندما بدأت العمل في سوريا في وقت مبكر من الحرب، استطعت الوصول إلى المسؤولين الحكوميين والأراضي التي تسيطر عليها الحكومة، بما في ذلك دمشق والمناطق المحيطة بها، ومثل العديد من الأماكن حيث إرهاب الدولة هو السائد، لم يكن من السهل أن أقوم بعملي، في حين تتم ملاحقتي من قبل مرافقين حكوميين واستخبارات، وكان علي حينها، ولحماية مصادري التي أكتبها، أن أحتفظ بها سراً أو على الإنترنت.
في تموز من عام 2012، قمت بتحدي القواعد الحكومية، متسللة إلى داريا وذلك بعدما ادعى السكان المحليون قيام القوات الحكومية بمجزرة دامية، بينما كانت الحكومة تطلق على ما حدث تسمية "عملية تبادل للأسرى حصلت بشكل خاطئ" لقد أودت تلك المجزرة بحياة ثلاثمائة مدني، بينما كان أحد الشهود الأوائل الذين التقيتهم، رجلا مصابا، وهو يعمل ميكانيكيا، يقوم بالبحث عن والده المسن، فقد تعرضوا للفصل أثناء القتال، لقد كان الميكانيكي قد خسر عينه، وكانت رائحة الجثث تفوح في كل مكان، بحثنا لفترة من الوقت، جنباً إلى جنب، بينما وجد الميكانيكي في نهاية المطاف جثة والده، المتعفنة، في مزرعة خارج المدينة.

"هذه ليست بلادي سوريا" قال لي، وهو يبكي "هذا ليس بلدي سوريا".
بعد ذلك، كنت قد فقدت "امتياز" التقرير لصالح الحكومة، ولم أعد قادرة على الحصول على تأشيرات دخول، لذلك بدأت في العمل إلى الجانب المعارضة، وواصلت اللقاء مع شهود عيان -ضحايا التعذيب والاغتصاب والاحتجاز القسري وعائلات أولئك الذين اختفوا ببساطة عن وجه البسيطة.
قضيت أربع سنوات في جمع شهادات المدنيين في دفتر ملاحظاتي، التقيت ندى، الناشطة اليافعة من اللاذقية، والتي تم إلقاء القبض عليها في منزلها، ووضعت في زنزانة صغيرة، تعرضت فيها للضرب والاغتصاب على مدى شهور طويلة من قبل الشرطة الحكومية والأجهزة الأمنية، بينما قالت "لقد كانوا يستخدمون جسدي لممارسة "فنونهم القتالية".
حسن، الطالب في كلية الحقوق من حمص، تعرض للتعذيب من قبل أطباء النظام الذين قاموا بالعمل عليه دون مخدر، ثم لاذ بالفرار مدعياً الموت، فقاموا بإلقاء جسده على كومة من الجثث، وكان واحد منهم شقيقه.
لقد كانت أسوأ تلك القصص الكثيرة قصة الصبي الصغير الذي تبعني حول مخيم للنازحين قرب عزاز، بينما لم يكن له أي وجه، سوى ثقب للفم وفتحة للأنف، وأخبرني والده أسوأ قصة من الممكن أن تروى، "أسوأ شيء في العالم، صرخات ألم طفلك نفسه" بعد أن أصيب ابنه بصاروخ استهدف منزله في مدينة حماة.
إن سوريا اليوم هي نتيجة خمس سنوات فاسدة دامية، لم يكن فيها وجود للتعليم الابتدائي مطلقاً، حرب اقتلعت 9 ملايين سوري من أرضهم لينزحوا داخل البلاد، و4 ملايين آخرين خارجها، ومن مستشفى في حلب، حيث كنت قد عملت سابقاً وكتبت التقارير عنها، والتي استهدفت عمداً وقصفت من قبل قوات النظام، في 28 من شهر أبريل، قتل طبيب الأطفال الوحيد في المدينة -ذلك الرجل الإنساني اللطيف الذي كان يقوم بنوبات اضافية في تلك المستشفى لمساعدة أطفال حلب- والذي قتل في ذلك الهجوم.
إن من السهل التفكير في تلك الحرب، بأنها حياة شخص آخر، بينما نحن في مكان بعيد، ليس منزلك، وليست عائلتك، وليست مشكلتك، ولكن الإبادة الجماعية بطيئة الحركة التي تستمر في سوريا، سوف تصل إليك في النهاية، حتى لو تكن تعيش في حماة أو حلب أو حمص، فسوف تشعر بموجة تلك الصدمة، ما لم يتم تتصرف إزاء هذه الحرب، لقد كان سقوط الموصل في أيدي تنظيم الدولة في يونيو 2014 دعوة للاستيقاظ، وكذلك الهجمات الإرهابية في كل من باريس وبروكسل.

وقبل بضعة أشهر، قامت مجموعة من الصحفيين الذين التقيت بهم سابقاً في سراييفو، بإرسال فيلم قصير في ذكرى هذا الصراع لي، شاهدته مراراً وتكراراً وبكيت، لم أكن قد تعرضت للاغتصاب، لم يقتل والدي أمامي، لم أفقد أطفالي، لم أكن قد فقدت إحدى ساقاي أو ذراعاي في القصف، ولكنني شعرت بالخجل الشديد، والأهم من ذلك كله، بالحزن العميق، لأننا قد فشلنا ولمرة أخرى، بشكل جماعي، بحماية أولئك الذين هم في حاجة ماسة للحماية!
إن الحرب في سوريا ستنتهي في نهاية المطاف، وسيتم جمع البلاد التي تعرضت للكثير من الصدوع معاً لمرة أخرى، ولكننا قد فوتنا العديد من الفرص لمنع الحرب، أو لإيقافها، ففي الأيام الأولى للانتفاضة السورية، كان هناك وقت كافي للولايات المتحدة للضغط على الأسد، وليس بتركه يقوم بقتل شعبه، في حين كان تجاوز الخط الأحمر الشهير، باستخدام السلاح الكيميائي المحرم دولياً في عام 2013 فرصة أخرى لإنهاء كل شيء.
لكن الحرب استمرت، وكذلك محصلة القتلى المخيفة، كيف سنفسر -لأولئك الذي يصارعون في سبيل ابقاءهم على قيد الحياة، إلى الناجين، للأيتام، لأولئك الذين فقدوا منازلهم وأسرهم وكل سبل العيش- كيف تنحينا سلباً عن كل الأدوار، ووقفنا مكتوفي الأيدي، نشاهد ما يحدث فقط، بينما لم نفعل أي شيء؟

مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى حشد الدعم الإقليمي والدولي لسوريا

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

//