بلدي نيوز - (محمد وليد جبس)
شهدت الأيام الأخيرة ظهورا متكررا لزعيم هيئة تحرير الشام "أبو محمد الجولاني" في عدة أماكن مختلفة بعضها إلى جانب المدنيين والمرضى ووجهاء العشائر بعيدا عن المظاهر العسكرية، الأمر الذي اعتبره مراقبون رسائل سياسية بحتة.
وأحدث ظهور للجولاني كان أول أيام عيد الأضحى المبارك 1/آب/2020، مع مجموعة من النازحين والأطفال في أحد مخيمات الشمال السوري، بحسب صور نشرتها وسائل إعلام مقربة من تحرير الشام، وقالت إنها "معايدة لأبناء الشهداء بمناسبة عيد الأضحى المبارك".
أسباب الظهور
وعن أسباب الظهور المتكرر للجولاني، قال المحلل السياسي العميد "أحمد رحال"، لبلدي نيوز: "إن أبو محمد الجولاني زعيم "هيئة تحرير الشام" يحاول من خلال ظهوره على الإعلام بلقاءاته المدنية مع الوجهاء والعشائر وزيارته للمخيمات والأسواق أن يظهر للعالم أجمع أنه موجود مع المدنيين ويتعايش معهم ويتحمل مسؤولياتهم وهمومهم".
وأضاف "أن الرسالة التي تقدمها هيئة تحرير الشام وتحديدا زعيمها "أبو محمد الجولاني" هي رسالة بشقين؛ حيث لدى تحرير الشام والجولاني مشكلتين "خارجية وداخلية"، الخارجية تتمثل بوضعه على قوائم الإرهاب ومطالبة روسيا من تركيا بإزالته من كل التفاهمات التي حصلت بين أنقرة وموسكو، إضافة إلى تصنيفه من قبل المجتمع الغربي على صفوف القاعدة، وبالتالي يجب التخلص منه كما تم التخلص من زعيم تنظيم "داعش"، "أبو بكر البغدادي"، وغيره من رايات الإرهاب".
ولفت إلى أن الجولاني يعمل بجد في الشق الخارجي حيث أرسل مجموعة وحضرت اجتماع مع مجموعة الأزمات الغربية قبل ما يقارب الأربعة أشهر، وقدم نفسه على أنه مقاوم ولم يقم بأي عمل إرهابي أو تفجيري أو قتالي خارج سوريا، وأن نشاطه منحصر داخل سوريا ضد نظام الأسد ومن يحالفه وضد من يقتل الشعب السوري على حد زعمه، وهذا كلام غير صحيح لأنه قتل واعتقل من الشعب السوري الثائر ضد نظام الأسد أضعاف ما تم قتلهم واعتقالهم على يد نظام الأسد".
رسائل الجولاني
وأوضح الرحال في حديثه لبلدي نيوز؛ أن الجولاني أرسل عدة رسائل إلى تركيا على أنه هو "صمام الأمان" للمناطق المحررة وأنه العثرة الوحيدة في وجه الروس إذا فكروا في اجتياح المنطقة وأنه القوة الأساسية الموجودة على الأرض، وبالتالي التخلص منه عملية إضعاف للجبهة الداخلية وإضعاف لمحاور أو جبهات التماس مع النظام، وبالتالي يجب بقاءه، مشيراً أن أنباء تواردت في الآونة الاخيرة عن مبادرة لضم ودمج بين "تحرير الشام وأحرار الشام وفيلق الشام"، حيث تم التعتيم عليها سابقا، ولم يعرف هل ألغيت أم أُجّلت إلى مرحلة أخرى.
بنية تحرير الشام
على الصعيد الداخلي تعاني تحرير الشام من عدم القبول الشعبي، بحسب الرحال، حيث بدأت الأصوات تتصاعد مؤخرا ضدها في مركز مدينة إدلب معقل القوة وثقل تحرير الشام في المنطقة، بعد أن خرجت عشرات المظاهرات ضدها في مناطق مختلفة من أرياف حلب وريف إدلب الجنوبي وريف إدلب الشمالي والغربي، بعد أن كشف الناس حقيقة مشروعها.
وأشار إلى أن الجولاني لم يكن همه نصر الثورة السورية ولم يكن همه يوماً إسقاط بشار الأسد إنما همه الحصول على منطقة يعلن ويقود بها إمارته، وبالتالي أمام هذا الرفض الشعبي يحاول الجولاني من جديد أن يظهر نفسه قريباً من السكان ومن الحاضنة الشعبية من خلال زيارته إلى المخيمات والأسواق والمطاعم وزيارة الوجهاء والعشائر، بالإضافة إلى إصدار خطابات معتدلة وأنه لا مشكلة مع علم الثورة الذي مرغ عناصره به الارض سابقاً، والممارسات الأمنية ضد النشطاء في إدلب من خلال اعتقال طاقم "راديو فرش" ومصادرة معداتهم واعتقال عشرات النشطاء الآخرين.
المعتقلون
ولفت إلى أن الجولاني نسي أمرا مهما قبل أن يظهر بصورته الجديدة ويلتقي مع الناس وهو الإفراج عن معتقلي الجيش الحر الذي لا يعلم عددهم إلا الله الموجودين في سجن العقاب وأكثر من 12 سجن آخر في المناطق المحررة، إضافة إلى تخفيف الضرائب عن الناس بعد سيطرته على الوقود والمحروقات والإغاثة والأفران ومحطات المياه، فضلاً عن حكومة الإنقاذ التي من المفروض أن تقدم الخدمات للشعب بدلاً من فرض الضرائب والإتاوات، حيث جميع حكومات العالم تقدم عشرات الخدمات للمواطن قبل أن تطالب بضريبة واحدة.
أوامر خارجية
من جانب آخر، قال المعارض السوري "ميشيل كيلو" لبلدي نيوز "لا اعتقد أن الجولاني سيغير سلوكه عاطفيا باتجاه الثورة السورية والشعب السوري، وإنما سيغير سلوكه تجاه السكان لأنها ستلبي مطالب خارجية، مضيفا "لو كان تغير السلوك باتجاه الشعب السوري لكان خرج وصرح عن غلطه، وأطلق سراح السجناء، واعترف بأن الوجه الوحيد للثورة السورية هو الشكل العام الذي عبر عنه الموقف المطالب بالحرية للشعب السوري باعتباره الهدف الرئيسي للسوريين".
وتابع قائلا "لو كان بالفعل موقف الجولاني الجديد حقيقي وصادق؛ لكان اعتذر للسوريين عن الأفعال الذي مارسها فصيله بحقهم وحق عشرات الفصائل الثورية التي فكّكها وصادر أسلحتها بعد أن قتل ورحّل مقاتليهم، بالإضافة أيضا، لكان أعاد المهاجرين الذين جاؤوا من خارج سوريا بحجة الجهاد".
واوضح أن "مواقف الجولاني الجديدة بتبني بعض المواقف المدنية جاءت بطلب من الأتراك للتكيف".