تاريخ سوريا الحديث.. طمس معالمه الأسدان وبعثته "أورينت نيوز" - It's Over 9000!

تاريخ سوريا الحديث.. طمس معالمه الأسدان وبعثته "أورينت نيوز"

بلدي نيوز – (أيمن محمد)
من لا يملك تاريخاً وجذوراً ممتدة في الأرض، يحمل حقداً كبيراً وغلاً عظيماً على من يقصّون التاريخ كسير لآبائهم وأجدادهم و أسلافهم.
"حافظ الأسد" أكثر اللقطاء حظاً عبر الأزمنة، والذي قذفت به تصاريف الدهر ليحكم قلب العالم، فسام أهله العذاب، وأفرغ عليهم غله وحقده، الذي رضعه منذ ولادته، فكان التاريخ أحد أول ضحاياه، والجسد الأول الذي صلب على يده.
فقد غيب النظام الوحشي كل ما يظهر وضاعة أركانه، وبؤس أصولهم وعمالتهم التاريخية لكل شذاذ الآفاق، فطمس الكلمات والحروف وأحرق الكتب، ومنع أي استنهاض للتاريخ أو إذاعة له، فالتاريخ بما يحمله من كرامة وعزة، برجالاته التي لم تخضع، بأبطاله الذين دخلوا معارك خاسرة رغم معرفتهم بنتائجها، مؤثرين التضحية على الرضوخ، ومفضلين الشهادة على حياة العبيد، عدا عن أبطال آخرين يحرجونه بانتصاراتهم الهائلة على جيوش دول عظمى، وإمبراطوريات لا تغيب عنها الشمس، كل هذا يقلق الديكتاتور ويقض مضجعه، فهو عاجز عن الاتيان بأي فعل من أفعال الرجال، ويحجم عن المقارعة والنزال، ولا يقوى إلا على المستضعفين من الرجال والنساء والعجز، الذين لا يمتلكون الأسنة، ولا يجدون لآلة الحرب سبيلاً، وليس لهم ظهير ولا نصير.
هجوم النظام على التاريخ ورجالاته، كانت له نتائج وخيمة على السوريين، فهم لا يعرفون عن تاريخهم الكثير، فلو سألت أحدهم عن عيد ميلاد حافظ الأسد لأجابك، وإن سألته عن السنوات التي حكم فيها الملك فيصل سوريا لارتبك وتلعثم وقال لك من فيصل؟!
فكتب التاريخ التي تدرس في المدارس خالية من أي ذكر ولا أي أثر إلا للقائد "الأوحد"، الذي لم ينتصر في حرب ولم يأت بأي مأثرة.
لكن يبدو أن الغل سيستشيظ ويستعر في قلب الدكتاتور الجديد، فالتاريخ ليس رجلاً ليقتله، وليس بيتاً ليهدمه، فهو محفوظ في الصدور قبل السطور، ولا بد أن يأتي يوماً من يعيد التاريخ من غفوته.
"أورينت نيوز" بعد نقلها للواقع ودعمها للشعب المظلوم، بدأت بخطوة غير مسبوقة، قررت خلالها بعث التاريخ، إمعانا في قهر الديكتاتور، الذي ظن أنه نجح في طمس الكلمات ومحو المآثر والرجالات.
وبدأت أورينت منذ أسابيع عبر "موسوعة سوريا السياسية" بإعادة نشر التاريخ، وإعادة تقديمه من جديد، تستنطق به الرجال، تكلمهم وتسمع قصصهم، وتقول للناس ما أراد الديكتاتور إخفائه ومنعه عنهم، وبعد أن يطلعونا على ما أخفاه الأسد تعيدهم إلى قبورهم التي شطبها الأسد من خرائط المدن وكتب الجغرافيا، فارضاً عليها حصاراً تعلم منه حصار المدن والحناجر.
في تلك الفيديوهات القصيرة، المرسومة كلوحة من الأدب والفن، تُستعرض الأحداث برصانة السرد التاريخي، وتشويق قصص المغازي والحروب، ففيها نرى رؤى العين صلاح البيطار الذي قتله الأسد غيلة في باريس، وهو يخط بيده مقالته الشهيرة "سوريا مريضة" ونشتم الحبر على الوريقات التي كانت سبب مقتله، ثم نجلس بجوار إبراهيم هنانو على نفس المقعد في محاكمته، نستمع معه لمرافعة فتح الله الصقال التي هزت المحكمة، ثم نصفق بلهفة عندما نسمع حكم البراءة، الذي صدر من أعتى سفاحي الشرق، تلك البراءة التي لم يحصل عليها أحد في عهد الأسدين.
لتأخذنا خطواتنا معها بين حواري دمشق العتيقة، يوم قصفها الفرنسيون، لنشهد أن ما فعله الأسد يفوق بأضعاف ما فعلته فرنسا بدمشق يوماً، عندما طالبت بحريتها.
ثم نمر بيوسف العظمة شهيداً جميلاً في ميسلون، بعد أن قارع مع بضعة من الرجال جيش الشرق العظيم، الذي تصطك ركبتا الأسدين إذا ذكر أو مر اسمه في كتاب أو جريدة.
يبدو أن السلسلة الموسوعية المصورة التي تصدرها الأورينت تباعاً عن التاريخ السوري المعاصر خلال المئة عام الأخيرة، بدأت تخرق الجدار السميك الأصم الذي رفعه الأسد، ليحجب به التاريخ بشخوصه وأحداثه، بعد أن زينه بصوره وطرزه بكلماته الجوفاء، لينصب نفسه منطلقاً للتاريخ ومستقراً له، بعد أن عجز عن إعلان ألوهيته على السوريين.
فحرفية الصنعة، ودقة المعلومة والفن الراقي في السلسلة، يجعل منها تحفة جديدة للأورينت، رشيقة مرهفة لكنها حادة بتارة، كسيف دمشقي حمله القعقاع بن عمرو التميمي يوماً، بينما كان يهدم أسوار المدائن، بعد أن مزق جيش الفرس في القادسية.
فلا شكّ أن عظام الأسد الأب تصطك في قبره الآن، كلما ظهرت حلقة جديدة في هذه السلسلة، فهي تحدث خرقاُ أخر في ذلك الجدار الأصم، لتنسكب من هذا الخرق دفعة جديدة من اللعنات، تهوي به إلى قاع الجحيم، ليتفرج من بين ألسنة اللهب كيف يخلد الرجال ويعيشون في وجدان الشعوب إلى الأبد.

رابط الموسوعة

مقالات ذات صلة

صحيفة إسرائيلية: النظام وإيران يطوران أسلحة كيماوية ونووية في سوريا

ارتفاع حصيلة قتلى قوات النظام وميليشيات إيران بالغارات الإسرائيلية إلى 150

قضائيا.. مجلس الشعب التابع للنظام يلاحق ثلاثة من أعضائه

روسيا تعلن استعادة 26 طفلا من شرق سوريا

صحيفة غربية: تركيا تعرض على امريكا تولي ملف التظيم مقابل التخلي عن "قسد"

بدرسون يصل دمشق لإعادة تفعيل اجتماعات اللجنة الدستورية