بلدي نيوز
يشكك أهل الاختصاص براوية البروفسور الفرنسي الحائز على جائزة نوبل للطب الذي يؤكد أن فيروس "كورونا" تم تصنيعه في المختبر الصيني المذكور؛ فإن تحقيقات تُجرى في الوقت الراهن، منها ما تقوم به المخابرات الأميركية للتحري عن احتمال حصول "حادث تسرب" غير مقصود نتيجة تعامل خبراء المختبر المتخصص بدراسة الفيروسات المستجدة، وما يزيد من منسوب الشكوك أن السلطات الصينية حالت دون قيام منظمة الصحة الدولية بتحقيق حول هذه الحادثة، كما أنها لم تذع نتائج التحقيقات التي قامت بها مكتفية بنفي الادعاءات الغربية.
مختبر أوهان "صناعة فرنسية"
وأصبحت جميع هذه الأمور معروفة ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أن مختبر "بي ٤" صناعة فرنسية جاء نتيجة تعاون بين فرنسا وبكين.
ففي عام 2004، كان "جاك شيراك" رئيسا للجمهورية الفرنسية؛ فيما كان "هيو جينتاو" رئيسا للصين، وقبل ذلك بعام ضرب الصين وباء "سارس" الذي يصيب الجهاز التنفسي، ونقلت صحيفة "لوفيغاروا" الفرنسية أول من أمس عن مسؤول سابق لم تكشف هويته، أن قناعة تنامت في باريس حول ضرورة مساعدة الصين في تلك الفترة والعمل معها بشأن الفيروسات المستجدة وتمكينها من إجراء الدراسات والاختبارات حولها في ظروف جيدة وآمنة، والاستعانة بالأجهزة اللازمة، ودون ترك الخبراء الصينيين يتعاملون لوحدهم ومن غير رقابة مع هذه الفيروسات. وبما أن هذه الفيروسات جديدة، فليس لها لقاحات أو أدوية وهو حال "كوفيد – 19" اليوم.
من هذه الزاوية، يرى مراقبون أن هناك مسؤولية ما تقع على كاهل فرنسا، ويفند تحقيق قامت به الإذاعة الفرنسية "راديو فرنس"، أن مشروع تزويد الصين بمختبر بالغ الحساسية لم يكن يلقى إجماعا في باريس رغم الدعم الذي وفره رئيسا الجمهورية والحكومة "جاك شيراك" و"جان بيار رافاران" وجزء من الجسم الطبي وبينهم "برنار كوشنير" الذي أصبح لاحقا وزيرا للخارجية. والمعارضة جاءت من خبراء منع انتشار الأسلحة البيولوجية في وزارتي الدفاع والخارجية والأمانة العامة للدفاع والأمن الوطني، فضلا عن أوساط البحث العلمي. والتخوف الأول هو أن يستخدم المختبر المتقدم الذي لا يوجد إلا القليل منه عبر العالم، من أجل تطوير ترسانة أسلحة بيولوجية، علما أنه لا توجد في العالم رقابة على هذا النوع من الأسلحة بعكس حال الرقابة على المواقع النووية أو الكيماوية.
ونقلت "لوفيغارو" عن أحد الذين عملوا على هذا المشروع قوله إنه "يتعين أن نأخذ في الاعتبار أن مختبرا من هذا النوع يشابه مصنعا لمعالجة المادة النووية. إنه قنبلة ذرية – بكتريولوجية". ويضيف هذا المصدر إن "الفيروسات الأكثر خطورة يتم التعامل معها مثل فيروس (إيبولا وسارس) أو غيرهما، والتدابير الأمنية والمحافظة على السلامة وتجنب العدوى أو التسربات التي يجب أن تحترم بشكل صارم".
تعاون صيني بطيء
وقررت السلطة التنفيذية السير بالمشروع، وأسندت للصناعي "آلان ميريو" وهو أحد أهم الضالعين في تصنيع الأدوية في فرنسا ولنظيره الصيني الدكتور "شين زهو" الإشراف على المشروع. وكانت فرنسا قد وفرت للصين مختبرا أقل تقدما من طراز "بي ٣" مباشرة بعد تفشي وباء "سارس" الذي أوقع حوالي عشرة آلاف ضحية. وقد شكا الفرنسيون من ضعف التعاون الصيني، بينما كانت باريس التي نقلت إليها إنتاجها الكثير من شركات تصنيع الأدوية، تسعى لشراكة كاملة، ونقلت شهادات تعكس رغبة الخبراء الصينيين في الاستفراد في تشغيل واستغلال مختبر "بي ٣" والتحلل من الرقابة الفرنسية وعدم التزام الشفافية.
افتتاح مختبر اوهان
تم تدشين المختبر عام ٢٠١٥ وبدأ الصينيون العمل به رغم أن الاتفاق عليه وقع عام ٢٠٠٤والبدء بتشغيله عام ٢٠١٨ وصادف أول زيارة لماكرون كرئيس دولة كانت للصين.
وبانطلاقه، تكون الأوساط الصينية قد حصلت على مختبر متقدم جدا ومتخصص بالأوبئة والفيروسات الجديدة ومنها وباء "كوفيد 19" الذي لم يكن معروفا سابقا.
ووفق لتحقيقات متعددة أجريت في الأيام الأخيرة، تبين أن الصين لم تحترم بنود الاتفاق الأساسي مع فرنسا ومنعت الخبراء الفرنسيين الخمسين الذين كان يفترض أن يعملوا في مختبر أوهان خلال خمس سنوات إلى جانب زملائهم الصينيين، لم يذهب منهم أي أحد إلى الصين بحيث وجد الصينيون بحوزتهم أحدث مختبر في العالم ومن غير رقيب أو حسيب.
مصدر الوباء
وتجدر الإشارة إلى أن معلومات أميركية كشفت عنها النقاب مؤخرا صحيفة "واشنطن بوست"، أفادت بأن ديبلوماسيين أميركيين أشاروا منذ العام 2018 إلى غياب تدابير السلامة اللازمة في المختبر الجديد ونبهوا سلطات بلادهم بهذا الخصوص.
ومن هذه المعلومات يتجدد السؤال هل مصدر الوباء سوق الحيوانات أو تسرب الفايروس بفعل الإهمال أو الخطأ عبر أحد العاملين فيه، ولا يمكن تبديد الشكوك إلا بحصول تحقيق محايد وشفاف، وهذا لن يحصل إلا إذا تعاونت الصين وقبلت أن تفتح مختبرها أمام خبراء منظمة الصحة الدولية أو أية جهة محايدة.
المصدر: الشرق الأوسط