بلدي نيوز – ياسر الأطرش
وانقلب السحر على الساحر.. وهذه المرة تجاوز الفرد المسيء، ليغيّر من توجه جماعات وأحزاب ووسائل إعلام مؤثرة.
فالحملة ضد الفنان الكوميدي المصري، أحمد آدم، لم تتوقف، على خلفية سخريته من مذبحة حلب الأخيرة، والتي راح ضحيتها أكثر من مئتي شهيد جلّهم من النساء والأطفال، على الرغم من اعتذار قناة "الحياة" التي تبث برنامجه، والتي ألمحت إلى تبرّئها منه ومن برنامجه إذ قالت إن البرنامج تنتجه جهة خاصة، وأن كلام آدم يعبر عن وجهة نظر شخصية ولا يعبر عن وجهة نظر القناة، ووعدت الجمهور بأنه سيعتذر في الحلقة القادمة عما اقترف من خطيئة.
إلا أن الاعتذار لم يكن ليمحو الجريمة، فهذه السقطة كلفت أحمد آدم سقوط هيبته ومحبته واحترامه من قلوب الملايين، سوريين وغير سوريين، وأجبرت أفراداً وجماعات وهيئات إعلامية على التبرؤ من خطيئته التي شعروا بأنها لحقت وعلقت بمصر كلها، فأرادوا تبرئة بلادهم وتطهيرها مما علق بها من رجس.
أكاديمي مصري يدعى أحمد أميري، لا يناصر الثورة السورية، إلا أنه شعر بالعار مما اقترفه الممثل المصري، فأرسل إلى صديقه السوري د. نمير الناصر رسالة قال فيها: "إلى صديقي السوري نمير... برغم اختلافنا في وجهات النظر، ومن منطلق الصداقة الجميلة التي نمت بيننا في بلاد الغربة منذ أكثر من٢٠عاما ... أعتذر لك عن كل ما بدر من هذا الذي يدعي أنه فنان مهما كان قصده... رجاء أن تتقبل اعتذار كل مصري تأذى من هذا المشهد السخيف.. أعلم أنك خارج سوريا الآن. رجاء إن استطعت أن تبلغ اعتذارنا لكل سوري تقابله وكان قد شاهد هذا المقطع المبتذل.. أطيب أمنياتي لك ولشعب سوريا بالعودة السريعة إلى وطنكم الغالي".
وما هذه إلا واحدة من آلاف الرسائل التي وجد المصريون أنفسهم مضطرين لإرسالها لأصدقائهم السوريين أو للرأي العام والضمير الإنساني.
ولم تقف القضية عند هذا الحد، بل تجاوزته إلى قاعات المحاكم للاحتكام للقانون الذي يجرّم دعم القتل ودعوة القاتل لمزيد من الاستهتار بدم ضحاياه.
فقد رفع المحامي المصري يوسف المطعني قضية أمام المحاكم المصرية ضد أحمد آدم، واصفاً فعلته بالجريمة التي تستوجب عقاباً صارماً.
كذلك تصدى إعلاميون مصريون معروفون للحادثة، وأعلنوا براءتهم من هذه الفعلة الشنيعة.
ويبدو أن أحمد آدم قد لبسته أشهر شخصياته التي أداها واشتُهر بها في فيلم "معلش احنا منتبهدل"، وهي شخصية "الأرموطي" الرجل الكاذب المدّعي، وهو كما يوصف في الفيلم "بقّ عالفاضي"، وهناك في عالم الخيال ادّعى صداقة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، إلا أنه هنا حاول –واقعاً- اكتساب صفة صديق السفاح، زاعماً أن وحش القرن الحادي والعشرين هو حامي حمى العروبة والديار، ولولاه لاحتلت إسرائيل دمشق في ثلاث دقائق!.
ولو كان مناصرو القتل يستحقون الشكر، لكان "الأرموطي" جديراً بشكر السوريين، لأنه ببذاءته وابتذاله، أعاد كثيراً من الأمور إلى نصابها في دولة "شقيقة" قرر نظامها السياسي الوقوف إلى جانب القاتل وشركائه، إلا أن الصفعة كانت أقوى من أن يُسكت عنها، فتحدث الضمير، وصرخت الفطرة معلنة عن براءتها ونقائها.
ودعواها أن: سحقاً أيها المهرج "الأرموطي".