بلدي نيوز-إدلب (ليلى حامد)
يفتقد أبناء الشمال السوري المحرر إلى عوامل الدفء ومعداته، ورغم وجود بعض البدائل المتاحة، إﻻ أنّ خواء الجيوب يلعب دورا هو اﻵخر، فضلا عن آثار البديل على صحة هؤلاء المقهورين كما يصنفون أنفسهم.
أثر ارتفاع سعر الوقود على حركة الشراء، ومع تزايد برد الشتاء في إدلب وريفها، بات اﻻعتماد على مدفئةٍ تحولت نيرانها إلى مكبٍ للنفايات بديلا لا حرج فيه.
تقول السيدة "أم عدنان" لبلدي نيوز؛ "بتنا نستخدم اﻷلبسة القديمة، المواد البلاستيكية، بعض ما نريد رميه كنفاية".
وعلى ذات المنوال تسير أسرة "أبو خالد" أحد مهجري ريف دمشق، الذي اعتمد على شراء قطعٍ قماشية "كنزات، بنطال" من قرب جامع سعد في مدينة إدلب، ليعمل على إحراقها في مدفئةٍ يقول أنه اشتراها بعد تهجيرهم إلى إدلب، وكانت معدةً ليوضع "الحطب" بداخلها.
وأضاف "أبو خالد" لمراسلتنا؛ "الحطب هذا العام رطب ومرتفع الثمن، لذلك اخترنا شراء كميات قليلة، واﻻستعاضة باﻷلبسة والقماش الذي حدثتكم عنه".
وأردف؛ "حتى الأحذية الجلدية المستعملة دخلت إلى الموقد".
بدورها "أم عدنان" تضحك بصوت خافت ساخرةً؛ "سنة استخدمنا فيها المازوت واتحملنا رائحته الكريهة، بعدها الحطب، واليوم ألبسة البالة، هذه باختصار قصة تهجيرنا وقهرنا".
وﻻ تزال بعض العائلات تستخدم الحطب إضافةً للبرين؛ إﻻ أنها اﻷوفر حظا في إدلب، أو تلك التي تجد في خارج البلاد من يعيلها، ويمد لها يد المساعدة.
ويشهد سكان المناطق المحررة في إدلب وريفها، ظروفا معيشية قاسية، ﻻ سيما مع مزيد من حركة النزوح على خلفية تصعيد قوات النظام على الريف، وارتفاع سعر صرف الدولار.
كما أدى توقف دخول النفط الخام بشكل كامل من مناطق سيطرة "قسد"، قوات سوريا الديمقراطية، في اﻷشهر الماضية، إلى مزيد من اﻻختناق وانعكست آثاره على حياة الناس.
يؤكد السيد "منذر عيسى" أنّ التحول إلى ألبسة البالة للتدفئة، لا يمكن أن يكون بديلا عن الحطب أو المازوت بأي حال، إﻻ أنه وسيلة مساعدة في هذه اﻵونة، وبديل للأسر الأكثر فقرا في المحرر.
وأضاف؛ نحن نتحدث أيضا عن آثار المواد البلاستيكية والنفايات واﻷلبسة البالية على صحة الناس، داخل البيوت.
وأردف؛ اللجوء إلى البالة مكلف أيضا، خاصة بعد استشعار الباعة أنّ هناك حركة بيع بهدف التدفئة.
ويباع كيلو اﻷلبسية القديمة بنحو 100 ل.س، وتبلغ حاجة المدفأة إلى 15 كيلو غرام في اليوم، وبمعدل شهري يصل إلى عتبة 45 ألف ليرة.
وحددت "شركة وتد" للمحروقات أسعار المازوت بعد ربطها بسعر الدولار، ما أثر سلبا بشكل ملحوظ على حركة الشراء.
وحددت "وتد" سعر البرميل ضمن نشرتها بتاريخ 25 كانون الثاني/يناير الجاري على النحو التالي:
أسعار المحروقات(المستوردة)بالجملة للمستهلك:
برميل مازوت مستورد أول (الأوكراني): 181000 ل.س
برميل مازوت مستورد ثاني (العراقي): 159000 ل.س
وكلاهما يدخلان الأراضي السورية المحررة عبر تركيا.
أسعار المحروقات(بالمفرق) للمستهلك:
مازوت مستورد أول: 840 ل.س
مازوت مستورد ثاني: 740 ل.س
كما يبلغ سعر أسطوانة الغاز المنزلي للمستهلك: 11400 ل.س، وبعض اﻷسر تستخدمها للتدفئة أيضا.
بالمقابل؛ يصل سعر الطن الواحد من الحطب ما بين 100- 135 ألف ليرة، حسب جودته أو يباسه.
"غيض من فيض حياة أبناء المحرر"، عبارةٌ تختصر معاناتهم في البرد هذا العام، شعارهم؛ التدفئة تحتاج إلى نار، "والنار تأكل كل ما حولها"، محملين نظام اﻷسد والمجتمع الدولي آثار الكارثة اﻹنسانية.