بلدي | السويداء (نورا الباشا)
برزت ظاهرة "مشايخ الكرامة" في السويداء منذ قرابة العام، وبقيت هذه الظاهرة محط أنظار المتابعين لتطورات الأوضاع في المحافظة وجارتها درعا، على أمل أن تكون حجر الأساس في الالتحاق بركب الثورة السورية، حيث يراها البعض أنها لم ترقَ لدرجة الوقوف في وجه النظام، ومساندة المدن السورية المطالبة بالحرية والكرامة، وإسقاط نظام بشار الأسد، بينما يرى فيها أهالي السويداء خطوة إيجابية، حيث وضعت حداً لانتهاكات النظام بحق المدنيين، ومنعت زج أبناءهم على جبهات القتال في باقي المحافظات السورية.
ولدت هذه الظاهرة من خارج رحم المؤسسة الدينية "مشايخ العقل في طائفة الموحدين الدروز"، وقادها الشيخ أبو فهد وحيد البلعلوس، وأطلق تصريحات لاقت انتقاداً واسعاً من قبل شبيحة النظام ومواليه في السويداء، كان أكثرها وضوحاً هو شعار "لا للخدمة في جيش النظام عنوة، ولا لزج أبناء السويداء على جبهات القتال في بقية المحافظات السورية، ولا للقتال خارج حدود المحافظة"، وجوبه البلعوس من قبل المؤسسة الدينية، ونزعت عنه الصفة الدينية من قبل مشايخ العقل وهي العقوبة الأشد التي تقع على الشيخ على المستوى الديني.
ولم يثنِ هذا القرار البلعوس عن متابعة مواقفه، فرفع السقف وقرر مجابهة رئيس المخابرات العسكرية في المنطقة الجنوبية وعين الأسد في السويداء العميد وفيق ناصر، ووصل الأمر لدرجة تهديد ناصر بالقتل في حال الاعتداء على كرامات أهالي المحافظة.
طوق نجاة
وقال أحد المقربين من الشيخ وحيد البلعوس لـ"بلدي نيوز" أن السويداء تضم أكثر من 50 ألف شاب ما بين متخلف عن الالتحاق بخدمة العلم في جيش النظام وآخرين مطلوبين لتأدية الخدمة الاحتياطية، وكل هذا يعود لقرار شيخ الكرامة".
وأشار إلى أن قرار البلعوس جاء بعد التأكد من نوايا النظام بتوريط أهالي السويداء في حربه على الشعب السوري، ولذلك كان قرار البلعوس بمثابة طوق نجاة لآلاف الشباب الذين يتم اعتقالهم عنوة على حواجز النظام، وزجهم في المعارك مع الثوار في عدد من المدن السورية.
ونوه إلى أن الشيخ البلعوس بعث برسالة تحذير لحواجز أمن النظام في المحافظة، حذرهم فيها من اعتقال أي شاب وسوقه عنوة للخدمة الإلزامية.
شعبية البلعوس
بعد هذا التصريح حاول عناصر الأمن التابعين لرئيس المخابرات العسكرية وفيق ناصر استفزاز البلعوس، بأكثر من موقف، فكانت النتيجة -حسب الناشط أبو ريان- خروج مظاهرات مسلحة في السويداء تهتف ضد وفيق ناصر، وتطالب برأس وفيق ناصر، حيث أطلقت الرصاص على فرع الأمن العسكري، فكانت النتيجة حالة من الرعب والذعر في صفوف قوات الأمن في المحافظة، وفقاً للناشط.
وأضاف أبو ريان لـ"بلدي نيوز": "ليس هذا فحسب، بل عندما حاول الأمن اعتقال الشباب في تحد للشيخ البلعوس، قام المشابخ بمهاجمة الأفرع الأمنية، وأطلقوا سراح الشباب عنوة، لا بل وصلت بهم الجرأة في بعض الأحيان لسحق حاجز المخابرات الجوية واقتلاعه، مما دفع الكثير من الشبان الفارين من الخدمة للانضواء تحت راية الشيخ الذي بات ملجأً آمناً لعدد كبير من الشبان".
شوكة النظام
وأكد أحد المعارضين الناشطين في السويداء لمراسل "بلدي نيوز" أن البلعوس استطاع أن يمزق صورة النظام في السويداء.
وقال "أصبح الكثير من الشبان جاهزين لمواجهة النظام، والرد على انتهاكاته بحقهم، دون أن يخافوه، أو يخافوا أمنه الذي بات يعيش على صفيح ساخن، حالياً لا يجرؤ النظام حالياً على اعتقال أحد، وليس لديه الصلاحية لمداهمة أي منزل لا بل يمنع أحيانا من التدقيق على الهويات الشخصية".
وتابع: "أثبت البلعوس أنه حالة وطنية بامتياز، وهي أقرب للمعارضة، على الرغم من رفض الشيخ أن يتبع أي من الطرفين سواء أكانوا موالين أو معارضين، إلا أن الوضع الديني للشيخ الذي يحتم عليه الابتعاد عن السياسة آل دون وضوح تام لخلفية الحالة السياسية".