بلدي نيوز - (فراس عزالدين)
لم يسلم سوق البالة، "اﻷلبسة المستعملة"، في مناطق النظام، من جنون اﻷسعار، وبعد أن كانت ملجأ الفقراء، وذوي الدخل المحدود، بات حكرا على غيرهم، من أصحاب "القدرات المالية"، الذين دخلوا معهم خط المنافسة.
ويصل سعر الحذاء على سبيل المثال، ما يزيد عن 7000 ل.س، في حين ارتفعت أسعار "السترة الشتوية"، بنحو 35000 ل.س، عن سعرها القديم، إﻻ أنها تبقى أقل مقارنة بالسائد في أسواق أخرى كالصالحية، وشارع الحمراء.
ويعتقد "مهند حسن"، اسم مستعار، من دمشق، أنّ التفكير في كسوة أوﻻده يخضع للتريث والتفكير الطويل، ويخشى أن يخرج سوق البالة، هو اﻵخر من قائمة وجهته.
وتتنوع اﻷلبسة في "سوق البالة" من حيث المصدر، ومنها اﻷكثر تفضيلا لدى البعض، على اعتبار الجودة، وهي ما تعرف باسم "البالة اﻷوروبية".
وتدخل طرود ألبسة البالة اﻷوروبية بشكل مغلق، وتباع ﻷصحاب المحال بالكيلو غرام، وهؤلاء بدورهم يقومون بتحديد السعر وفق الوزن وما يسمى بـ"العيار"، بلغتهم المتداولة.
ويقصد بـ"العيار"، مستوى جودة القطعة، والتي ربما تحمل علامة تجارية معروفة، وهذه تسمى (كريم)، أي جودة عالية ولم تستخدم كثيرا، وتباع بأسعار مرتفعة، وغالبا هي "السُتر واﻷحذية"، ويكون الراغبون بالشراء أصناف محددة من الناس من ذوي الدخل المرتفع. ثم تكون العيارات التي تليها، وعلى هذا اﻷساس تحدد اﻷسعار.
وارتفعت أسعار الملبوسات الشتوية، لا سيما البالة اﻷوروبية، مقارنةً بغيرها، من الثياب البالية المستعملة، والتي تحمل غالبا عيوبا في الصنع؛ نتيجة تأثرها بمجموعة عوامل.
ويعتقد "أبو سامر كيوان"، اسم مستعار، يعمل في بيع ألبسة البالة، في منطقة الحريقة بدمشق، أنّ تأثير سعر صرف الدوﻻر أثر على الألبسة اﻷوروبية المعروفة باسم (البالة)، بشكلٍ واضح.
وأضاف؛ "نقوم بشراء الملابس "البالة" بالدوﻻر، الذي يرتفع ويتقلب في سوق الصرف بين ثانيةٍ وأخرى، ومن المنطقي تأثر أسعار البيع بسعر الصرف".
في حين اعتبر "أبو سمير" صاحب محل ألبسة للبالة اﻷوروبية، في منطقة اﻹطفائية بدمشق، أنّ اﻻضطرابات في لبنان أثرت على استيراد تلك الملابس، وتوقف بعض الباعة عن شراء البضائع".
ويؤكد عددٌ ممن استطلعت بلدي نيوز رأيهم، من أبناء دمشق، أنّ حركة سوق البالة شبه معدومة، إذ إنها في الغالب كانت تعتمد على شريحة ذوي الدخل المحدود.
ويرى "أبو سمير وأبو سامر"؛ أنّ الركود في سوق البالة، انعكس سلبا على حياتهم، ولم يقف عند حدود امتناع وإحجام الزبائن عن الشراء، بسبب ارتفاع اﻷسعار.
وأردف "أبو سامر"؛ إن أغلب اﻷلبسة اﻷوروبية المستعملة، تدخل بطرق التهريب، وللبائع حرية تحديد السعر، بما يتناسب مع التكلفة وهامش الربح، وبالطبع أثر الدوﻻر المتقلب.
وتعتبر بيروت إحدى مصادر الألبسة الأوروبية المستعملة، والتي يتم شراؤها بالدوﻻر.
ويشار إلى أنّ اﻷلبسة اﻷوروبية المستعملة (البالة)، كانت تأتي عبر ميناء طرطوس، الذي تسيطر عليه روسيا، وفق عقد استئجار مدته 49 عاما، منحه رأس النظام، شار اﻷسد، لهم.
ويجمع عددٌ ممن سألتهم بلدي نيوز عن رأيهم، حول سوق الألبسة اﻷوروبية المستعملة (البالة)، أنها باتت خاضعة للتفكير المطوّل، ويبدو أنّ التوجه لتدوير الملابس بين اﻷبناء من الكبير إلى اﻷصغر سنا أنجع الحلول.
وبعد أن كانت ملاذ الفقراء وذوي الدخل المحدود، بات واضحا أن حرب النظام وتدهور الليرة الكبير، سيخرج "البالة" من ضمن خيار شريحةٍ واسعة من ذوي الدخل المحدود، والتي لم تعد تراها ملاذا آمنا.
ويعتقد اﻷستاذ معن العابد، المهتم بالشأن اﻻقتصادي، أنّ هذه الحالة تقرأ على أنها إحدى أشكال الصراع الطبقي الذي فرضته حرب اﻷسد على الناس.
وأضاف العابد؛ إﻻ أنه حتى اللحظة ﻻ يوجد خيار أمام تلك الشرائح الفقيرة من دخول محلات البالة، ومجرد مقارنة أسعارها بالسوق اﻷخرى، تمنح نوعا من الراحة، وتجبر على الشراء، ﻻسيما في حال الضرورة.