بلدي نيوز - أحمد عبدالحق
تتعقد طبيعة المرحلة التي تمر بها منطقة خفض التصعيد الرابعة شمالي سوريا، بتغيّر الخارطة العسكرية مجدداً مع بدء النظام وروسيا عملية عسكرية من الخاصرة الشرقية لإدلب، بعد عدة أشهر من تقدمها جنوباً وسيطرتها على خان شيخون وريف حماة الشمالي، وسط تحليلات عديدة بدأت تكشف عن النوايا الروسية من وراء هذه الحملة.
وشكل ملف الطرق الدولية "M5 ,M4" عقدة الخلاف بين الأطراف الضامنة لمنطقة خفض التصعيد شمال سوريا، مع دخولها على ملف شرقي الفرات بين القطبين الأبرز بالاتفاق "روسيا وتركيا"، إلا أن الملف لم ير أي انفراجة في التوصل لأي اتفاق في اجتماعات أستانا بجولتيها الأخيرتين، دفع روسيا للتصعيد بهدف السيطرة عليها عسكرياً.
ووفق متابعين، فإن روسيا تضغط على الجانب التركي لتنفيذ ما سمي بمخرجات مؤتمر شوتشي بين الطرفين المتعلق بإدلب، من أبرزها منطقة منزوعة السلاح، وفتح الطرق الدولية، وإنهاء ملف هيئة تحرير الشام، وتحتج على الجانب التركي أنه لم يطبق أي من تلك البنود، وبالتالي وجود الحجة للتصعيد والدخول في غمار معركة جديدة في المنطقة.
والمتتبع لتطورات المعارك خلال الأيام الثلاث الماضية، يكشف جلياً أن روسيا بدأت العمل العسكري من محورين بريف إدلب الشرقي والجنوبي الشرقي، ومع تقدمها تشير المعطيات إلى أن وجهتها الأولى ستكون حصار مدينة معرة النعمان أبرز مدن ريف إدلب الجنوبي والواقعة على الطريق الدولي "M5"، بالتزامن مع تصعيد جوي غير مسبوق يطال المدينة.
وأكدت مصادر عسكرية لشبكة "بلدي نيوز" رفضت الكشف عن هويتها، أن هناك إصرار روسي على حسم ملف إدلب عسكرياً، ورفض لكل الحلول الممكنة لتجنب ذلك، في محاولة منها لكسب الوقت الدولي المسموح لها قبل الحل السياسي، تهدف روسيا من وراء التصعيد - وفق المصدر - إتمام السيطرة على الطرق الدولية وتملّك إدارتها بنفسها.
وأوضحت المصادر أن روسيا تمكنت من خلال دخولها في ملف شرقي الفرات من تضييق أبواب التفاوض مع الجانب التركي، الذي بات في موقع ضعيف وفق وصفه، ما يعطي لروسيا مجالاً واسعاً للتقدم، علاوة عن الظروف الدولية التي باتت تحاصر الضامن التركي، وقيدت قدرته على اتخاذ أي وسائل ردع حتى في دعم فصائل المعارضة بعد عملية "نبع السلام".
وعن السيناريوهات المتوقعة في معركة روسيا الجارية بإدلب، لفتت مصادر "بلدي نيوز" إلى أن معرة النعمان وسراقب ستكونان هدف المرحلة الأولى من العملية، لتتم السيطرة على الأوتوستراد الدولي من خان شيخون جنوباً حتى سراقب شمالاً، وقد تتبعها بتصعيد مماثل على ريف حلب لإتمام السيطرة على باقي طريق الأوتوستراد.
ورأى أن روسيا تعمل على اتخاذ خطط عسكرية جديدة في منطقة الكبينة بريف اللاذقية، لحسم المعركة التي استنزفتها طيلة العام الماضي هناك، وإحداث خرق لخط الجبهة هناك، والذي إن حصل سيتيح لها التقدم باتجاه منطقة جسر الشغور وإتمام السيطرة على سهل الغاب بكل سهولة، وبالتالي حصار منطقة جبل الزاوية وريف إدلب الجنوبي كاملاً بعد أن تكون المنطقة قد دخلت بين فكي كماشة.
وأشارت المصادر إلى أن كل المؤشرات تدل على أن لروسيا هدف كبير في السيطرة على الطريقين الدوليين، وهذا برأيها يتطلب معارك عنيفة قد تكون في صالحها بريف إدلب الشرقي كون المنطقة سهلية ومنبسطة، ولكن قد تتغير المعادلة في حال وصلت لمناطق وعرة تتيح لفصائل المعارضة المناورة فيها، وبالتالي قد تؤخر عمليات التقدم، وهذا ما قد يكون في غير صالح روسيا والوقت الممنوح لها.