بلدي نيوز - (فراس عزالدين)
أثار ملف "التكية السليمانية" بدمشق، حفيظة نشطاء مهتمين بالآثار المعمارية الإسلامية، بعد الحديث عن إفراغها من العاملين فيها، بحجة استثمارها.
وأطلق مجموعة من الشباب على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حملةً بعنوان؛ "معا لحماية التكية السليمانية بدمشق من التخريب".
تبعها نفيٌّ من وزارة الأوقاف التابعة للنظام، لتقرير نشرته صحيفة تشرين الموالية، حول ملف استثمار "التكية السليمانية"، واعتبرت الوزارة أنّ؛ "مشروع الترميم قانوني ولا يوجد أي شيء مخفي تحت الطاولة".
ويشار إلى أنّ صحيفة "تشرين" الموالية، ألمحت في تقرير لها إلى وجود أشخاص لهم أغراض ومطامع استثمارية في التكية، يحاولون منع ترميمها لمصلحة إقامة مشروع استثماري فيها، وأشارت صراحةً أنّ هناك محاولات لإخلاء الحرفيين من السوق الذين هم مستثمرون للمحال الموجودة فيه منذ سبعينيات القرن الماضي.
وتؤكد مصادر مطلعة في مديرية الآثار والمتاحف، لبلدي نيوز، أنّه تبين وجود خسف في أرضية التكية بعد عملية سبر أجريت عام 2017.
وأضاف المصدر؛ "عمدت حكومة الأسد خلال عقود طويلة إلى إهمال التكية، فيما بقيت محاولات الترميم محصورة بيد بعض أصحاب المحال بداخلها، وضمن نطاق ضيق، وبما تسمح به وزارة السياحة".
ويذكر المصدر أنّ؛ حصول تصدعات أتت كنتيجة طبيعية لموقع المبنى على ضفة نهر بردى، فقد أدى انحسار مياهه إلى تآكل التربة.
وأكد أنّ عمليات الترميم ﻻ تحتاج إخلاء شاغلي المحال كليا، ومن المفترض أن تكون جزئية، فالبناء من الناحية الإنشائية، غير مهدد بالانهيار، ويعتبر مقاوما للزلازل شأنه شأن الكثير من البيوت الدمشقية القديمة.
ويؤكد المصدر أنّ صيف العام 2005 بدا حاسما واستدعى ضرورة ترميم التكية، بعد هزة أسهمت في مزيد من تشقق الجدران بشكل طولي وعرضي.
وشهد سوق المهن اليدوية، "التكية السليمانية"، في عام 2007، حملة ترميم فريدة من نوعها على خلفية تحسن العلاقات الدبلوماسية السورية-التركية، إثر اتفاق رسمي مع أنقرة لتولي ملف الترميم.
ولم يكتب لهذا الاتفاق الاستمرار، بعد محاولات لعرقلة المشروع من متنفذين مقربين لآل الأسد، وفق مصدر مطلع في وزارة السياحة.
يشار إلى أنّ عمليات الترميم التي قامت بها الحكومة التركية آنذاك أسهمت في نهضت الأعمدة الداعمة، وبرزت تموضع الأحجار السوداء بوضوح وبشكل منتظم، إضافة لمعالجة تشقق الجدران في أحد أقسامها.
وشغلت وزارة الدفاع التابعة للنظام طيلة ثلاثة عقود إدارة "التكية"، تحت مسمى "المتحف الحربي"، رغم تخصيص جزء منه لصالح المهن التراثية، أسهمت تلك الفترة بتشويه واضح لمعالم "التكية".
وفي سياق متصل، فَرضَت حكومة الأسد غرامات ورسوم ترميم، إضافة إلى مبالغ كبيرة على أصحاب محال المهن اليدوية العاملين في السوق، في إطار التضييق المتعمد، ونتيجة تراجع المبيعات، بدأ العزوف عن العمل وإغلاق بعض المحال، حسب "م.ط" صاحب محل صناعة منسوجات في التكية.
وتتألف التكية السليمانية من بنائين شرقي وغربي، محاط بسور يحوي ثلاثة أبواب رئيسية وصحن سماوي بالإضافة لمسجد يقع في الجهة الجنوبية منها.
وتعد من أهم الآثار العثمانية في المدينة، وسميت بالسليمانية نسبة إلى السلطان سليمان القانوني الذي أمر ببنائها عام (966هـ-1554م) في الموضع الذي كان يقوم عليه قصر الظاهر بيبرس المعروف باسم (قصر الأبلق) على جانب نهر بردى خارج دمشق القديمة.
ويعتقد مراقبون، أنّ حالة الفوضى في البلاد واستياء النظام من مواقف أنقرة السياسية على خلفية الحراك الثوري ضده، دفع باتجاه خلط الأوراق ومحاولة طمس أي معلم تاريخي يشير إلى تلك الفترة، تحت مسمى "الترميم أو الاستثمار".