بلدي نيوز
نشرت وكالة الأناضول التركية مقالا للكاتب محمود عثمان، اعتبر فيه أنه رغم الاختلاف في وجهات النظر بالموقف السياسي التركي من اللاجئين السوريين، بقي التعاطي الإنساني نحوهم محل إجماع شعبي ورسمي.
لكن الكاتب لم ينكر وجود "زمرة قليلة تتبنى خطاب العداء والكراهية، وهي رغم قلة عددها، فإنها الأعلى صوتا والأكثر جلبة وضجيجا، والأقدر على الحشد، خصوصا بين صفوف الشباب والعاطلين عن العمل، والمؤلدجين تلقائيا ضد الرئيس رجب طيب أردوغان وجميع إجراءات حكومته".
وأشار إلى أن الحديث عن أخطاء أو قصور في إدارة الملف السوري، لا ينفي ما قدمته تركيا حكومة وشعبا للسوريين من معروف، كما لا ينفي وجود بعض الأخطاء على صعيد إدارة الملف.
ولفت أن خطاب الكراهية والتحريض ضد الآخر.. ليس محصورا في نطاق تركيا وحسب، بل إنه تحول إلى ظاهرة اجتماعية وسياسية مقلقة، باتت تهدد الأمن والسلم المدني للدول، وتأتي دول الاتحاد الأوروبي في مقدمة الدول التي تعاني من هذه الظاهرة الخطيرة، معتبرا أن وصول دونالد ترامب بخطابه العنصري التحريضي لحكم الولايات المتحدة، شكل عامل دفع وتحفيز إضافي على بروز تلك الظاهرة وشيوعها.
ونوه إلى أن ما يدعو للقلق، أن العنصرية وخطاب الكراهية الذي يستهدف السوريين اليوم، لا بد وأن يتعداهم إلى كل ما هو مخالف، سواء في الرأي أو العرق أو المذهب وحتى الانتماء المناطقي. وتركيا ليست ببعيدة عن تلك الاستقطابات، فحتى عهد ما قبل حزب العدالة والتنمية، لم يكن بمقدور المواطن التركي في بعض مناطق تركيا البوح بثقافته، ولا الحديث بلغته الأم في الأماكن العامة، وما محنة المحجبات ببعيدة.
وعبر عن أسفه "لانزلاق بعض السياسيين نحو استخدام ورقة السوريين من أجل تحقيق مكاسب سياسية" مشيرا إلى أن عددا من الكتاب الأتراك "تحدثوا عن علاقة الكيان الموازي المباشرة بحملة العنصرية ضد السوريين، وغني عن التعريف ارتباط هذا الكيان الإرهابي بدوائر الاستخبارات الأجنبية. من هنا تتضح معالم الأصابع الخارجية في هذا الملف الحساس".
وذكر الكاتب ما اعتبرها أسباب الموقف السلبي من السوريين وهي:
العوامل السياسية واعتبر أن بعض أطراف المعارضة نحو استخدام ورقة السوريين في التجاذبات السياسية الداخلية.
لكن الأخطر من ذلك هو ما شاهدناه عشية انتخابات اسطنبول المكررة في 23 حزيران/يونيو الماضي، من تدخل خارجي سافر باستخدام ورقة السوريين، سواء من خلال الحملات التضليلية للناخب التركي، أو التحريض ضد الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية بين السوريين، حيث البصمات الخارجية كانت واضحة بجلاء، حسب الكاتب.
العوامل الاقتصادية
هناك حاجة ملحة لدراسة تأثير وجود السوريين على الاقتصاد التركي إيجابا أو سلبا. لكن غالبية الدراسات الأكاديمية ، وتقارير غرف الصناعة والتجارة وبعض جمعيات الأعمال، تشير إلى أن اسهامات السوريين في قطاع العمل التركي ايجابية وليست سلبية.
وبين أن الأرقام والإحصاءات تكذب فرضية زيادة السوريين للبطالة، حيث معدل نسبة البطالة عام 2009 بلغ 14% وفي عام 2010 نزل الى 11.9% ، حتى في 2015 العام الذي اجتاح فيه الروس مدينة حلب، وشهد موجة نزوح هي الأكبر، كان معدل البطالة 9.9% ، بينما وصل في العام المنصرم 2018 إلى 11% أي إلى مستوى أقل عما كان عليه قبل نزوح السوريين لتركيا.
وشدد على أن العمالة السورية المدربة والجاهزة سدت ثغرة وفراغا كانت سوق العمل التركية بأمس الحاجة له، حيث كان هناك نقص كبير في العمالة المتوسطة سده السوريون.
العوامل الاجتماعية
حرصت بعض القوى على تضخيم تأثير القادمين السوريين على النسيج الاجتماعي التركي، وخصوصا فيما يتعلق بالجانب الذي يخص النساء تحديدا، من توجه الرجال الأتراك إلى الزواج من النساء السوريات، لكن الاحصاءات تدل بوضوح على انغلاق السوريين على أنفسهم اجتماعيا وحتى اقتصاديا.
الإصرار والعناد الذي يظهره بعض السوريين على بعض العادات التي تستفز جيرانهم الأتراك وتستجلب غضبهم، مثل السهر الطويل ورفع الصوت الضحك العالي والضجيج، وتورط بعض الشباب السوري بأعمال مخلة بالأمن.
مسؤوليات الدياسبورا السورية
لم ينجح السوريون رغم ضخامة عددهم، والظروف المتاحة بل والتشجيع من طرف السلطات التركية، من تشكيل "دياسبورا/ الشتات" سورية ذات مؤسسات تعمل بطريقة منظمة، حسب الكاتب.
ورغم كثر عدد الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني التي أسسها السوريون، لكن غياب التعاون والتنسيق جعل دورها في عملية الإصلاح الجماعي محدود جدا بالرغم من المسؤوليات الكبيرة التي تقع على عاتقها. ومن الواجب على المؤسسات السياسية المعترف بها رسميا، ائتلاف وحكومة مؤقتة، الاضطلاع بمسؤولية تنظيم عملية التواصل مع الجانب الرسمي التركي، وليس ترك الأمر لمنظمات المجتمع المدني الكثيرة والمتفرقة، التي لا يجمعها سقف واحد.
المصدر: الأناضول