بلدي نيوز - (محمد العثمان)
تميزت الثورة السورية منذ انطلاقتها عام 2011 بسلميتها في مواجهة نظام قمعي استبدادي، قابل أصوات الجماهير المطالبة بالتغيير بالرصاص والنار، ما دفع أبناء الحراك الشعبي في مراحل متقدمة من ثورتهم لحمل السلاح والدفاع عن أبناء هذا الحراك.
ولم تكن محافظة الرقة ببعيدة عن الحراك الشعبي، إذ كان لها مشاركات جماهيرية كبيرة منذ البدايات، كما كان لثوارها بصمات واضحة في العمل المسلح، مع تأسيس أول كيان عسكري للجيش الحر في عام 2012 عرف باسم "لواء ثوار الرقة" لاحقاً.
أسس اللواء "أحمد العلوش" المكنى "أبو عيسى" وهو من أبناء الرقة وينتمي إلى عشيرة العلي إحدى عشائر الرقة، كانت بدايات التحرك العسكري سرياً عبر مجموعات صغيرة، تنفذ عمليات ضد مواقع النظام في المحافظة.
ومع انطلاق قطار التحرير في المحافظة، كان لـ "لواء ثوار الرقة" الذي ذاع سيطه وبات مقصداً للمنشقين عن النظام، ممثلاً للجيش السوري الحر هناك، بصمة قوية وفاعلة بمشاركة باقي الفصائل أبرزها "أحرار الشام" في عمليات التحرير.
وفي اليوم الخامس من شهر آذار 2013 تم تحرير "الامن العسكري" آخر نقطة عسكرية داخل المدينة، وكان للواء ثوار الرقة الدور الأبرز في عملية تحرير الرقة، قبل أن يبدأ بمشاركة باقي الفصائل حصار الفرقة 17 كبرى الثكنات العسكرية للنظام قرب المدينة.
كما شارك اللواء في معارك الفوج 93 المتمركز في عين عيسى 50 كم شمال غربي المدينة، وأثناء المعارك في الرقة وعين عيسى قدم اللواء عشرات الشهداء، ليتابع عمله المدني إلى جانب المدنيين في إقامة فعاليات كثيرة ونشاطات خدمية بعد خروج مؤسسات النظام، أبرزها حفظ السجلات في الدوائر الحكومية.
لم يبق الوضع على ما كان عليه بعد أن تصدرت تشكيلات جديدة لها أيديولوجية متشددة مثل "دولة الإسلام في العراق والشام"، والتي كانت تعمل بالخفاء، حيث قامت بخطف القادة العسكريين والناشطين السياسيين ومنع التظاهر في المدينة.
وبدأت المعركة بين الجيش الحر و"داعش" للسيطرة على مدينة الرقة، حيث انسحبت معظم الفصائل العسكرية من المعركة وبقي لواء ثوار الرقة في قتال استمر سبعة أيام، وجاء قرار الانسحاب من مدينة الرقة من قائد لواء ثوار الرقة "أبو عيسى" بعد أن أقدم تنظيم "داعش" على استعمال الهاون داخل المدينة وحرصا على سلامة المدنيين، أمر بالانسحاب من المدينة في 14كانون الثاني 2014 إلى منطقة صرين التابعة لمدينة حلب.
وقاتل اللواء تنظيم "داعش" في معارك كثيرة وتعرض للحصار في أكثر من مرة من قبل التنظيم، إلى أن وصول إلى عين العرب كوباني في 16 تشرين الأول 2014، حيث كانت معارك طاحنة بين لواء ثوار الرقة وفصائل أخرى بينها "الوحدات الكردية" بدعم من التحالف الدولي من جهة، وتنظيم "داعش" من جعة ثانية التي كانت بداية النهاية لتنظيم "داعش".
وتوالت الانتصارات على "داعش" حتى تحرير عين عيسى و تل أبيض في 17حزيران 2015، وبعدها انقلب حلفاء الأمس على اللواء، بداية تشكيل ما يسمى حاليا بـ "قوات سوريا الديمقراطية" ورفضوا مشاركته في عملية تحرير مدينة الرقة وذلك بسبب الخلافات حول تجريف القرى العربية وتغيير ديمغرافية المنطقة.
وللتضييق على اللواء كونه القوة العسكرية الجامعة الأكبر للمكون العربي، تمت محاصرته في مناطق تمركز اللواء في ريف تل ابيض إلى أن تم تحرير الرقة بعد انسحاب تنظيم "داعش" منها في 20 تشرين الأول 2017، سمح له بالعودة إلى الرقة مع تجميد كافة نشاطاته في مدينة الرقة وأريافها .
وبدأت الاستخبارات التابعة للوحدات الكردية بتضييق الخناق على عناصره واعتقالهم أكثر من مرة، إلى أن جاء الأمر من القيادة بحل "لواء ثوار الرقة"، حيث نفذت الاستخبارات حملة اعتقالات واسعة بحق عناصر اللواء في المدينة، ومن ثم حصار مقراته في 14 تموز 2018، وأجبر قائد لواء ثوار الرقة على تسليم نفسه، حيث تمت مصادرة كل مقتنيات اللواء واعتقال عناصره.
ونقل قائد اللواء ومؤسسه الى مدينة القامشلي وخضع للإقامة الجبرية هناك، وتم إخراج قسم من عناصره في حين لا يزال مصير البقية في غياهب المجهول.
وبعد تشكيل المجلس العسكري في مدينة الرقة من قبل "قوات سوريا الديمقراطية"، كانت القيادة من نصيب أحد قادة فصائل "لواء ثوار الرقة" المدعو "فرحان العسكر" حيث تم حل جميع الفصائل من المكون العربي الذي تم تشكيلها من أبناء الرقة وريفها، والذين قاتلوا مع "قوات سوريا الديمقراطية" في معارك طرد التنظيم في الرقة ودير الزور وإخضاع عناصرها إلى معسكرات مغلقة، ومن ثم فرز جميع العناصر في مناطق متفرقة ضمن مناطق سيطرت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" ووضع مراقبين عليهم من أجل تقييد تحركاتهم.