راهن نظام الأسد قبل ومنذ بداية الثورة السورية على إثارة الفتنة بين أهالي درعا والسويداء محاولاً توجيه الأنظار لعمليات الخطف بين المنطقتين، والتي يقوم بها لصوص الثورة على أراضي حوران (لأهداف مادية بحتة)، وبالمقابل محاولته إثارة مخاوف أهل الجبل (السويداء) من الحركات والتيارات الإسلامية في درعا.
ويتذرع نظام الأسد بأن "أهالي حوران يريدون الاقتصاص من الجبل وأهله، وأن فكرهم داعشي لا أكثر، بغية تخويفهم ومراده استغلال ذلك بزج شباب الطائفة (الدرزية) في ساحات القتال إلى جانب ميليشياته الطائفية، وفي معركة ليست معركتهم".
آخر عمليات الخطف الناتجة عن شائعات النظام، كانت أن احُتجز اثني عشر رجلاً وشاب من بلدة الكرك الشرقي بمحافظة درعا في ريف مدينة السويداء، وكان الهدف منها "إجبار جبهة النصرة" في حوران الإفراج عن عدد من الجثث، والتي تعود لمدنيين من محافظة السويداء، حيث تم اعتقالهم وتصفيتهم قبل نحو عامين ونصف.
الحوادث الاخيرة كانت بمثابة الهدايا المقدمة للنظام على طبق من ذهب، وكان يسعى حتى تصل الأمور ذروتها، وبالتالي إشعال فتنة كبرى لا تُحمد عقباها، إلا أن تدخل رجال السلم الأهلي والعقلاء من محافظتي درعا والسويداء في الوقت المناسب، كان سيد الموقف، وكانوا سباقين في الوصول إلى جذور المشكلة والفتنة وقطعها، وإزالة الخلافات بين الطرفين رغم محاولات النظام زج عملاءه لإفشال المخطط.
صباح يوم الخميس، وصل الوجهاء إلى نقطة جوهرية لحل جميع الخلافات والصعوبات العالقة، وتم الاتفاق على صفقة تبادل تم بموجبها الإفراج عن شباب الكرك مقابل الإفراج عن الشابان المحجوزان عند فصائل عسكرية، إضافة لأربع جثث تعود لشباب من السويداء، قتلوا سابقاً بريف درعا في ظروف غامضة.
وفي مشهد ولقاء هو الأول من نوعه على الحدود الواصلة بين المحافظتين، عانق السهل الجبل، وأكد المجتمعون نبذ الخلافات بين الجبل وسهله، واستنكار عمليات الخطف المنظمة.
الناشط الإعلامي في محافظة درعا "مهند الحوراني" قال لشبكة بلدي: "التصرفات السابقة والغير مقبولة والغير مبررة، كانت ستؤجج التوتر بين درعا والسويداء، بعد فترة وصفت بالهادئة والمستقرة، ووسط انخفاض ملحوظ لحالات الخطف المتبادل بين المدينتين"، مضيفاً: "هذه الحالات (الخطف) توصف بالذهبية بالنسبة للنظام كونه انتظرها كثيراً، وإننا إذ نتوجه بالشكر الجزيل لكل من ساهم بالمفاوضات وإنجاح عملية التبادل من أحرار السهل والجبل".
من جهته "نابغ سرور" أحد الناشطين في درعا والمقرب من أهل الجبل كتب على صفحته الشخصية في فيس بوك "من حقي العتب عندما يعتقل النظام أبناء درعا في السويداء .. ومن حقي الامتعاض عندما يصول ويجول شبيحة النظام في السويداء دون رادع .. وكإبن السويداء .. من حقي العتب عندما بدأ خطف الدروز في درعا في بداية الثورة وقتلهم .. وبالنهاية من حقنا كأبناء درعا والسويداء أننا طالبنا البلعوس والثوار بالإفراج عن أبناء الكرك وشباب السويداء".
وقالت الناشطة الإعلامية "نورا الباشا" من مدينة السويداء: "لا يمكن تبرير خطف مدنيين أبرياء مهما كانت الحجة والذريعة، لاسيما أن الشيخ البلعوس عرف بمواقفه المناوئة للنظام، وردات الفعل العبثية تخلق حالة من الفوضى، ولا تخدم أحد إلا نظام الاسد الساعي لتأجيج الفتنة بين المحافظتين".
وأضافت الباشا: "لا يوجد عرف أو قانون يسمح بخطف مدني مهما كانت الاسباب الدافعة لذلك، وعلى وجه الخصوص أن الشيخ البلعوس يحظى بالكثير من الاحترام لدى ثوار محافظة درعا".
وختمت: "درعا والسويداء أثبتتا عبر التاريخ أنهما لا يمكن أن تكونان، إلا الشقيقتان والجارتان، وكل الفتن التي حاول النظام تفجيرها آلت الى الزوال، بسبب جهود العقلاء من الطرفين".
"على العهد باقون أخوة السهل والجبل" يقولها أهالي المدينتين، ويضيفون "لا قدرة لمخلوق على ابعاد جبل عن سهله، ولا عزل سهل عن جبله".