أفسحت قوات لنظام في الأشهر الفائتة، المجال لتنظيم "الدولة" للتسلل إلى ريف السويداء الشرقي والشرقي الجنوبي، في محاولة من النظام تقديم نفسه كأهون الشرين، وفي ذات الوقت إجبار المجتمع الدولي القبول به ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة" بعد فشل محاولات مشابهة له في المنطقة الشمالية، التي اعتمد فيها الحلفاء على الوحدات الكردية.
النظام بشكل متعمد، فتح الطرقات أمام التنظيم في الريف الشرقي للسويداء، التي تنتشر فيه مقراته وقطعه العسكرية بكثافة، ودون مقاومة تذكر أو معارك، وهدفه من ذلك تعويض النقص البشري الحاد في صفوف قواته من شباب محافظة السويداء الرافضين لــ "الخدمة العسكرية"، وانشقاق المئات منهم عن قواته، واحتموا بظاهرة "شيوخ الكرامة"، سيما الشيخ "أبو فهد وحيد البلعوس"، الذي أسس مليشيا محلية.
وكانت "لونا الشبل" المستشارة الإعلامية لرأس النظام، هددت شباب السويداء في حال عدم انخراطهم في صفوف قوات النظام وميليشياته قائلةً: "داعش ليست بعيدة"، وهو ما يلخص أفعال النظام بمحاصرة الجبل عن طريق التنظيم، وإفراغ المحافظة من السلاح الثقيل.
جبهات هادئة
يسيطر تنظيم "الدولة" على عدة قرى في ريف السويداء الشرقي، منها قرية القصر القريبة من قرية الحقف، وإلى الشمال من قرية القصر يتمركز التنظيم في قرية "رجم الدولة" بحوالي 2 كم، والتي تحوي 12 بيتاً، بالإضافة لمعمل الأعلاف بين القريتين.
مصادر محلية، قالت لشبكة "بلدي": إن "هناك طريقين من رجم الدولة، أحدهما للشرق ويمتد بطول 3 كم، يؤدي إلى قرية الساقية، أهم معاقل التنظيم في البادية والآخر لاتجاه الشمال، يتجه من قرية رجم الدولة باتجاه الشمال، يفضي لقرية تسمى صيرة عليا".
وبحسب المصادر ذاتها، فإن "قرية شنوان الواقعة شمال قرية صيرة عليا بحوالي 3 كم، وهي من أكبر القرى في المنطقة ومعقل مهم للتنظيم هناك، وإلى الشمال من قرية شنوان بـ 3 كم تقع تل أصفر وهي منطقة مرتفعة، يتفرع عنها طريق باتجاه الشمال، يفضي لبئر القصب، وهي بادية واسعة يحدها من الشرق بيار الصريخي، ومن الشمال الغوطة ومن الغرب الهيجانة والبيطرية.
كما يتفرع عن منطقة الأصفر طريق اسفلت يتجه باتجاه الغرب، ثم ينعرج إلى الشرق ليفضي إلى منطقة الأشيهب، والأخيرة كانت عبارة عن معسكراً وتلولاً تتحصن فيها قوات النظام، وقد تركتها قوات النظام ليتمركز بها التنظيم ويخنق المحافظة من الشرق، حسب المصادر.
لأشيهب إلى الشمال الغربي منها قريتين صغيرتين هما "مرتع الفرس وأبو حارات" خاضعتان لسيطرة التنظيم أيضاً، وإلى الغرب من قرية أبو حارات بـ 2 كم يقع "تل ضلفع" وهو نقطة دفاعية لقوات النظام شرق مطار خلخلة، مسؤولة عن حماية المطار وعناصرها من ميليشيا "جيش التحرير الفلسطيني"، بينما يسيطر التنظيم على قرية صغيرة تقع شرقي أوتوستراد دمشق الدولي تدعى "الشقرانية"، وهذه القرى جميعها موجودة في البادية وتتبع إداريا لمدينة شهبا، وفقا للمصادر.
السكان يتحدثون عن تتغاضى قوات النظام عن أهم مراكز تجمع التنظيم شرق السويداء، وعلى وجه الخصوص "بير الرصيعي شرقي قرية الرضيمة بـ 25 كم ومنطقة الشعاب شرقي ملح"، ما يضع المحافظة أمام تحول خطير، في حال اعتزم النظام تقديم السويداء كطعم للتنظيم، بهدف استقطاب تعاطف دولي، وبالتالي طريق قصير للدخول في التحالف ضد تنظيم "الدولة"، وضمان التخلي عن اسقاطه بشكل كلي".
مصالح مشتركة
الناشط "أبو ريان المعروفي" قال لشبكة "بلدي": إن "أهم مواقع قوات النظام هو حقل الرمي في قرية البثينة، ولم يطلق ضربة مدفعية واحدة على مواقع تمركز التنظيم، بالرغم من تواجد التنظيم تحت مرمى نيران الحقل، بل وفي الكثير من المعارك، التي خاضها مسلحون من المحافظة ضد التنظيم، تعرضوا لنيران مدفعية النظام من الحقل نفسه" مؤكداً أن "عملاء التنظيم في البادية هم على ارتباطات بكل أفرع نظام الأسد في المنطقة".
ويضيف "المعروفي": إن "من يقوم بعمليات تهريب المازوت والسلاح من مناطق التنظيم، هم قادة في مليشيات الدفاع الوطني والمخابرات الجوية، ولاتزال شوارع مدينة القريا تشهد على خيانة قائد مليشيا الدفاع الوطني وقيادات أمنية أخرى".
وقال الناشط "أبو عمار" لــ "بلدي": أن شاحنة محملة بالبندورة تعرضت لحادث سير على دوار ساحة تشربن في مدينة السويداء، فتبين أنها محملة بالسلاح كانت في طريقها إلى عناصر التنظيم، من مناطق قوات النظام".
الجدير ذكر، أن أقرب تواجد لفصائل الثوار من بادية السويداء هو "تل سيس" الأثري شرقي تلول الصفا، تحت سيطرة فصيل "جيش أسود الشرقية" وشمال شرقي بير القصب ب 55 كم جبال القلمون الشرقي "الضمير، والرحيبة، وجيرود"، وتضم هذه المنطقة فصائل مثل "تجمع الشهيد أحمد العبدو" التابع لـ "أحرار الشام"، و"أسود الشرقية"، و"فيلق الرحمن"، و"جيش الإسلام".