بلدي نيوز- (ليلى حامد)
إحداهن تمضي يومها خلف مكنة الحياكة، وأخرى تحمل المقص بيد وباليدٍ الأخرى مشطا لتصفيف الشعر؛ القاسم المشترك بينهنّ الاعتماد على النفس لكسب قوت يومهنّ وإعالةِ أزواجهنّ في ظروفٍ أقل ما يقال عنها أنها قاسية، يعيشها أهالي محافظة إدلب المحررة من نظام الأسد.
تعمل (هناء 40عاماً) منذ التاسعة صباحاً في ورشةٍ لخياطة الثياب النسائية، تعود عصراً إلى منزلها مبتسمةً تحمد الله أنها أنجزت عملها، تقول لبلدي نيوز؛ "ساقيةً جارية خيرٌ من نهرٍ مقطوع، أتقاضى أجراً يومياً يصل إلى 1500 ل.س، أو ما يعادل 3 $، وهو مبلغ غير كافٍ لكنه خيرٌ لحفظ ماء الوجه".
أمّا "منتهى" وهي في عقدها الثالث، فتعمل في صالونٍ تجميل نسائي لإحدى صديقاتها، وهي من مهجري ريف دمشق، تقول؛ "بحصةٌ تسند جرة، أساعد أسرتي في المصروف، فضلاً عن إشباع النفس بالمتعة والثقة".
أسهمت المرأة السورية بشكل فاعل في دعم الرجل ضمن المناطق المحررة، فحضورها متزايد، بل لم يعد ثانوياً وإن لم تكن حاضرةً في المشهد السياسي بالشكل المطلوب، فهي تدير أسرتها جنباً إلى جنبٍ مع الرجل.
الناشطة "ساجدة الديري" تؤكد أنّ دور المنظمات المحلية المدعومة من بعض هيئات الإغاثة الإنسانية، وبغض النظر عن مسمياتها؛ فقد أدت دوراً جيداً في تدريب المرأة، وتوجيهها لتكون قادرةً على العطاء، ويمكن القول أنها، (المنظمات الإنسانية)، وضعت النساء على السكة الصحيحة بفضل الدورات المهنية والفكرية التي انتشرت في المحرر تحت مسمى "تمكين المرأة".
واضافت؛ "قد ﻻ ينسجم مفهوم عمل المرأة مع بعض العقليات، لكنه بدا هذه الأيام وسيلةً في تجاوز عقبات الحياة، بل ناقلاً للمرأةِ من حالة الخوف إلى الثقة، ومنحها شيئاً من الاستقرار مهما كان بسيطاً، حين أحست بقيمة الاعتماد على ذاتها".
وتجمع كلٌّ من هناء ومنتهى على أنّ التعلم ﻻ عمر له مع الإرادة، والحرفة النسوية تحديداً في هذه الظروف تمنحهنّ دعماً معنوياً، إضافةً لكون العمل أحد مصادر الدخل البسيطة التي تعين على نوائب الدهر.
كما تؤكد منتهى "أنّ بعض المطلقات أو من غاب عنهن المعيل بسبب الاعتقال أو الموت؛ وجدنّ في بعض المراكز النسائية التي تعنى بتمكين النساء نافذةَ أمل".
فيما تقول "هناء" في حديث لبلدي نيوز؛ "رجالنا غيبتهم زنزانات الأسد أو استشهد بعضهم، وإن كانت إحدانا لم تكمل تعليمها في المدارس، فقد أكسبتها الثورة وعوضتها قوةً وصلابةً، حين انقلبت على واقعها القديم" مؤكدةً أنّ؛ أهلها رفضوا أن تكمل المرحلة الإعدادية، والثورة أخذت منها وأعطتها.
بين الحقول وخلف ماكينات الحياكة، المنسوجات اليدوية، التدريس وغيرها من المهن، بما فيها الإعلام، أبوابٌ طرقتها المرأة في إدلب، ولم تستسلم لنظرية العجز أو الضعف، بل كانت المرأة قوةٍ إبان الثورة السورية، على عكس ما كان يتوقع البعض.
وتختم الناشطة "ساجدة الديري" بالقول؛ "الفقيرة بترده على حالها والغنية بتزيد بخلخالها".