بلدي نيوز - (عبدالعزيز الخليفة)
يعكس الوضع القائم في سوريا بعد ثماني سنوات من الثورة المستمرة ضد نظام بشار الأسد، زيادة التعقيد بالملف السوري؛ ففي الجزء الخارج عن سيطرة النظام شمالي سوريا، تتقاسم هناك السيطرة فصائل مدعومة من أمريكا بالشمال الشرقي (الحسكة ودير الزور والرقة)، وفصائل حليفة لتركيا بريف حلب الشمالي، فيما تسيطر فصائل معارضة أخرى على إدلب أبرزها هيئة تحرير الشام. بالمقابل تشهد المناطق الباقية منافسة شرسة بين حلفاء النظام الروس والإيرانيين الذين ساهموا عسكريا في إنقاذ نظام الأسد من السقوط، كل ذلك يدفع إلى التساؤل عن مدى التغير الذي نجحت الثورة بإحداثه في سوريا؟
نجحت الثورة السورية في إسقاط النظام منذ اليوم الأول لها قبل ثماني سنوات، حين خرجت أول المظاهرات المطالبة بالحرية، أما سوريا التي يسيطر عليها النظام اليوم فهي خاضعة لاحتلال روسي إيراني مشترك، حسب ما يرى ياسر الفرحان عضو الهيئة السياسية بالائتلاف الوطني المعارض.
ويضيف الفرحان بحديثه لبلدي نيوز، إن 14 مليون سوري يعيشون بالمناطق المحررة ودول اللجوء ويرفضون العودة إلى المناطق السورية التي يسيطر عليها، حيث أن هؤلاء ورغم كل الظروف السيئة التي يواجهونها يرفضون العودة للخضوع لنظام الأسد، وهذا يدل على أن الثورة لم تفشل ولم يتراجع الشعب عن إرادته بالتغيير رغم استخدام كل وسائل الإجرام المتاحة لديه.
ويرى أن حبل العدالة بدأ يلتف حول رقاب قادة النظام، وذلك بصدور مذكرات دولية لاعتقال بعض رموز النظام، ما يعني إن إمكانية تأهيل النظام مستحيلة.
المعارضة مطالبة بتطوير نفسها
ويؤكد ياسر الفرحان، أنه على المعارضة أن تقوم بمراجعات لما مرت به الثورة خلال السنوات الماضية، ومن هذه المراجعات ضعف الإرادة الدولية والضمير الدولي، حيث أن المجتمع الدولي لم يفِ بالالتزامات والوعود إلى الشعب السوري، لذلك على المعارضة الاعتماد على السوريين والتوجه للشعوب بالعالم الحر كي تضغط على حكوماتها.
ويشير إلى أن الجيش الحر شكل من عسكريين رفضوا تنفيذ أوامر النظام بقتل المتظاهرين وبذلك بدأت تحرر المدن من قوات النظام، إلا فراغ الدعم المقدم إلى قوات النظام من حلفاء الأسد (روسيا وإيران) إضافة لرضى "إسرائيل" عن النظام الذي تراه بمثابة الحامي لحدودها، وعدم وجود قيادة موحدة لفصائل الجيش الحر والاقتتال الداخلي بين هذه الفصائل، غيّر خارطة السيطرة على الأرض، لكن بالتأكيد لا يعني انتصار النظام لأن الثورة مستمرة.
ويوافق الباحث عبد الناصر العايد، عضو الائتلاف (ياسر الفرحان) في أن الثورة السورية أحدثت تغيرا كبيرا في سوريا، معتبرا أن عدم سقوط النظام ترجع إلى طبيعة النظام العالمي الدولي التي يلعب فيها نظام الأسد دورا وظيفيا لا يمكن الاستغناء، إضافة إلى أن النخبة السورية السياسة الفاعلة التي عجزت عن بلورة مشروع وطني وقيادة وطنية للثورة السورية بمشروع وطني يقود الحراك الشعبي.
ويشير العايد بحديثه لبلدي نيوز، أن النظام كان ممكن أن يهزم عسكريا بعد أن دفع بالثورة إلى العسكرة لأنه يعتبر نفسه أقوى بهذا الميدان، إلا أن الذي حدث أن النظام شارف على السقوط، لولا التدخل الإيراني الذي حافظ على النظام لفترة من الزمن إلى أن تدخلت روسيا لصالح النظام بعد عجز إيران وحدها، إضافة إلى توقف الدعم المقدم إلى فصائل المعارضة السورية.
ويذهب الباحث عبدالوهاب العاصي مع الرأي القائل أن الثورة حققت أثرا كبيرا بنفوس السوريين لن تسمح بعودة النظام القديم، مدللا بحديثه بالمظاهرات التي تجري في درعا ضد النظام رغم سيطرته عليها، معتبرا "إن ما يجري في درعا جنوب البلاد من مظاهرات ودعوات للوقفات الاحتجاجية دليل على الاستجابة لكسر حاجز الخوف وعدم الخضوع إلى كل التهديدات المرافقة للقبضة الأمنية والعسكرية على مفاصل المجتمع، وكذلك الحال بالنسبة لما يجري في مناطق سيطرة النظام نفسه، حيث بدأ صوت الناس يعلو للتعبير عن احتياجاتهم".