بلدي نيوز – (مصعب الأشقر)
لم تثنِ الصعوبات والأخطار التي يعيشها الناشطون والصحفيون السوريون، من ممارسة نشاطهم الإعلامي في إيصال الصورة الحقيقية لما يجري في البلاد من جرائم وانتهاكات، وعلى الرغم من تعرض البعض منهم للإصابات المزمنة، وقتل واعتقال وتغييب آخرين في سجون النظام، إلا أنهم أصروا على مواصلة طريقهم في فضح ممارسات النظام بحق السوريين.
الناشط الإعلامي أو "المواطن الصحفي"، مصطلح ولد من رحم الثورة السورية، فلم يكن هناك وسيلة لنقل الصورة على الأرض إلا من خلال ما تصوره عدسات الناشطين، وعملوا شهرا بعد الآخر على تطوير أدواتهم، حتى باتوا يمارسون العمل الإعلامي بكل حرفية، ويعمل كثير منهم اليوم في وسائل إعلام سورية وعربية وعالمية في تحرير الخبر والتصوير الفوتوغرافي والتلفزيوني، ونال كثيرون جوائز عالمية لعل أبرزها جائزة "مراسلون بلا حدود" و"تي في 5 موند" الخامسة والعشرون لحرية الصحافة للناشط هادي العبدالله، كما فاز مراسل بلدي نيوز "محمد الراغب"، بجائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، للتصوير الضوئي، في دورتها السابعة، والتي نافس فيها مصورين عالميين.
الناشط، محمد هويش، واحد من مئات الناشطين السوريين الذين واصلوا عملهم في نقل الصورة على الأرض لوكالات الأنباء العالمية، وتحدى الإصابة وظروف التغطية الشاقة في الداخل السوري ليواصل عمله كناشط إعلامي ينقل بالصوت والصورة ما تتعرض له المناطق السورية الخارجة عن سيطرة النظام من انتهاكات وقصف يومي.
وبلغ عدد الناشطين الإعلاميين الذين قتلوا في سوريا منذ عام 2011، أكثر من 450 إعلاميا، بحسب تقارير حقوقية.
وبحسب التقرير السنوي الصادر عن المركز السوري للحريات الصحفية التابع لرابطة الصحفيين السوريين، قتل خلال العام الماضي (2018) في سوريا 15 إعلاميا.
كما وثق تقرير المركز 32 حالة اعتقال أو اختطاف للصحفيين والإعلاميين في سوريا خلال عام 2018، إلى جانب 25 حالة إصابة، وأربع حالات اعتداء بالضرب، عدا عن 17 انتهاكا ضد المؤسسات الإعلامية ومصادرة المعدات، وخمس انتهاكات "أخرى مختلفة".
بدورها، صنفت منظمة "مراسلون بلا حدود" سوريا كثاني أكثر البلدان فتكاً بالصحفيين (بعد أفغانستان) خلال عام 2018، وذلك في تقريرها السنوي الصادر في كانون الأول/ ديسمبر 2018، عن حصيلة الانتهاكات المرتكبة ضد الصحفيين عبر العالم، حيث ذكرت المنظمة أن 2018 شهد مقتل ما لا يقل عن 80 صحيفا، بينما لا يزال 348 قيد الاحتجاز و60 في عداد الرهائن، حيث يعكس هذا الارتفاع في الأرقام عنفاً غير مسبوق ضد الإعلاميين حول العالم.
كل ذلك لم يمنع النشطاء التوقف عن ممارسة عملهم الإعلامي، وتغطية مواقع القصف معرضين حياتهم للخطر في سبيل نقل الصورة لوسائل الإعلام.
الناشط "هويش" يروي لبلدي نيوز صعوبات العمل الإعلامي في سوريا، ويتحدث عن تجربته كناشط إعلامي منذ بداية الثورة السورية ضد النظام، ويقول "مع بداية الثورة، شاركت مع عدد من الشبان في بلدتي بريدج غرب حماة، بكتابة الشعارات وتنظيم المظاهرات في البلدة أو في الأماكن القريبة".
وأضاف "مع تطور الأحداث وتحول العمل إلى حراك مسلح، زادني الشغف للعمل بسبب كثرة الأحداث وضعف نقلها مقابل نظيرتها في باقي المحافظات؛ فصورت مشاهد عديدة للقصف زودت بعض وكالات الأنباء العالمية بها".
وأعرب الهويش عن شعوره بالفخر إثر عرض مقاطعه المصورة على وسائل إعلام عالمية، بعد أن انضم إلى وكالة "سمارت" للأنباء، في العام 2014.
وعن لحظة إصابته بقصف للنظام، يقول الهويش "بتاريخ 2222016 وأثناء العمل على تغطية مجريات معركة تحرير ريف حماة الشمالي، كنت مع عدد من الإعلاميين وبينما كنا نتحضر بأحد الكهوف الصخرية استهدفنا الطيران الحربي الروسي بعدد من الصواريخ".
ويصف الهويش لحظة تعرضه للإصابة، بالقول "كانت تلك اللحظات أشبه بالحلم والكابوس الذي تريد أن تستيقظ منه، كنت أنظر بدهشة إلى أجساد زملائي المضرجة بالدماء والمبتورة الأطراف منها، إضافة لأجساد أشخاص غير واضحة المعالم".
ويضيف، "وفي تلك الأثناء وقع نظري على أحد أصدقائي المقربين "سيف العبد الله" كيف يسحب جسده زحفا باتجاه باب المغارة الذي غطت الصخور والأتربة أكثر من نصفه، وفي تلك اللحظة هممت لأساعده وأحمله بين يدي، إلا أنني لم أستطع الحركة ليقع نظري على جزئي السفلي المغطى بالدماء ومع ذلك المنظر ذهبت في غيبوبة قصيرة".
ويتابع هويش، "خضعت لعدة جلسات علاج انتهت ببتر طرف قدمي الأمامي من ساقي الايسر، وكسر لم أتعافَ منه لليوم في الساق الأيمن وأنا اليوم أب لأربعة أطفال".
ويقول الناشط "لم يعترنِ الندم للحظة بالرغم من كل ساعات الألم والسهر، سوى أنني قدمت شيئا عظيما أسوة لما يتعرض له مئات آلاف السوريين من المعتقلين والمشردين بفعل إجرام النظام".
وختم هويش حديثه قائلا، "لازلت إلى اليوم أمارس عملي ضمن وكالة "سمارت" التي أكن لها كل تقدير، ولا زلت أحاول أن أطور عملي في برامج الميديا المختلفة ونقل انتهاكات النظام ورصدها، وبتصوري لم ولن تنحسر الثورة برقعة جغرافية؛ فالثورة تجري في عروق كل مؤمن بها ولابد أن تتحقق الحرية والكرامة التي علت بها هتافات الجماهير والتي ضحى لأجلها المهجرون والشهداء والمعتقلون والمعتقلات".