The Economist - ترجمة بلدي نيوز
بدأت محادثات السلام السورية برعاية الأمم المتحدة في جنيف ، يوم 14 أذار، ومن المقرر أن تستمر حتى 24 أذار، وكانت هناك محاولة أولية للمحادثات تعثرت في أوائل شهر شباط.
وقالت الهيئة العليا للمفاوضات، ممثل المعارضة الرئيسية (HNC) أن مفاوضات السلام كانت عقيمة دون إيقاف الغارات الجوية التي يقوم بها النظام السوري ومؤيده الروسي على المناطق التي يسيطر عليها الثوار السوريين، كما لم يكن هناك تدابير لإيصال الإغاثة الإنسانية للمدنيين في المدن المحاصرة، وكلاهما كانا من متطلبات قرار مجلس الأمن رقم /2254/، الذي صدر بالإجماع في شهر كانون الاول وكان من المفترض أن يوفر أساساً للمحادثات، فما هي الآمال في المحادثات الآن؟
لبدء المحادثات مرة أخرى، تم التوصل الى "وقف الأعمال العدائية" وهو اتفاق رعاه جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، ونظيره الروسي، سيرجي لافروف، ورغم الشك العام بهذا الاتفاق، تم إقراره من قبل 20 دولة وهي المجموعة الدولية الداعمة لسورية (ISSG) في 22 شباط، ودخل حيز التنفيذ في وقت لاحق من ذلك الأسبوع.
ويستبعد الاتفاق تنظيم الدولة الإسلامية (IS) وجبهة النصرة، الفرع السوري لتنظيم القاعدة، واللذان يعتبران منظمات إرهابية، ولكن بسبب كون جبهة النصرة تحارب جنباً إلى جنب مع العديد من جماعات المعارضة الرئيسية، فقد كانت الهدنة جزئية فقط، واستمرت الغارات الجوية الروسية حول حلب وعلى مدينة تدمر.
ومع ذلك، فإن الهدنة قد صمدت أفضل مما كان متوقعاً لها، وبدأت قوافل المساعدات تصل إلى عدة آلاف من السوريين اليائسين والمحاصرين من قبل القوات الحكومية، ونتيجة لهذا التحسن، عادت محادثات جنيف مرة أخرى إلى طريق السلام، وقد ساعد ذلك إعلان فلاديمير بوتين أن روسيا ستسحب جزءاً كبيراً من القوة العسكرية التي نشرتها في سورية، والتي كانت من المفترض أن تحارب تنظيم الدولة الإسلامية ولكنها قوت ودعمت موقف نظام بشار الأسد وأنقذته من خطر الانهيار .
فمنذ أيلول الماضي، حلقت الطائرات الروسية لأكثر من 9.000 طلعة جوية، وأدت إلى تغيير كبير في مسار الحرب، ومع مساعدة الضربات الجوية الروسية والميليشيات الإيرانية، تبدلت الأمور على أرض الواقع، واستطاعت قوات النظام إعادة السيطرة على أكثر من 400 منطقة "مأهولة بالسكان" وحوالي 4.000 ميل مربع من الأراضي.
وللأسف، يبدو أن هذه المكاسب قد تحولت للرئيس الأسد، فعلى الرغم من بدء سريان اتفاق "وقف الأعمال العدائية"، إلا ان الأسد كان ما زال يتحدث عن تحقيق هدفه النهائي باستعادة السيطرة على كل البلاد، كما قال الرئيس السوري أنه على الرغم من ذهاب مفاوضيه إلى جنيف، فهو ليس لديه أي نية أو اهتمام بأن يكون جزءاً من خطة الأمم المتحدة لإقامة حكم "له مصداقية وشامل وغير طائفي" في غضون ستة أشهر، أو تحديد جدول زمني وعملية لصياغة دستور جديد للبلاد، والذي سيؤدي بدوره لانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة.
ويبدو أن تعنت الأسد المتزايد قد أغضب بوتين، الذي يبحث عن اتفاق سلام يخدم مصالح روسيا، فالرئيس الروسي ليس لديه النية لكتابة شيك على بياض لعميله السوري، والذي قد يؤدي إلى إرهاق كبير ومكلف وخطر للقوات الروسية .
بوتين مستعد لبذل كل ما يلزم للحفاظ على الدولة السورية الهشة، ولكن معظم المحللين الروس يعتقدون أيضاً أنه مستعد لإسقاط الأسد وبأن يضع محله شخص أكثر ليونة إذا لزم الأمر، ولعل الأيام المقبلة القادمة ستبين إن كان الأسد سيستوعب هذا الواقع أم لا.
والسؤال الرئيسي هو ما إذا كانت سورية ستستطيع البقاء كدولة واحدة تحت غطاء فيدرالي فضفاض يسمح للنظام السوري أو خليفته من التمسك بكانتونات علوية تمتد على طول الساحل من اللاذقية وحتى العاصمة دمشق.
وإن أعطي الأكراد الأراضي التي يسمونها كردستان السورية أو"روجافا"، وتركت بقية البلاد في سورية للسنة، والذين سيواجهون مشكلة إخراج تنظيم الدولة من الرقة والمناطق الشرقية، ولكن مع مساعدة غربية (وربما سلاح الجو الروسي) وفي حالة عدم وجود مثل هذا الاتفاق، فمن المرجح أن يكون هناك مزيد من القتال، كبديل وحيد حتى يؤدي الإرهاق في نهاية المطاف إلى تقسيم فعلي على غرار ما يحدث الآن.
إن أساس التسوية السلمية موجود ومرئي ولكنه فوضوي، وسيتطلب من الجميع تقديم تنازلات، وإذا كانت أمريكا وروسيا على استعداد للعمل معاً، فهناك المزيد من التقدم لإنشاء ما يطلق عليه الدبلوماسيون "تدابير بناء الثقة"، وقبل كل شيء، إذا استمر وصمد وقف إطلاق النار الجزئي، فشيء أفضل من ويلات الحرب الحالية يمكن أن يتم فعله من قبل السياسيين لإيقاف الحرب في سورية.