بلدي نيوز - (خاص)
باتت حكومة "الإنقاذ" أمام امتحان جدي لمواجهة متطلبات المناطق المحررة، عقب العملية الواسعة التي شنتها "تحرير الشام" على المناطق المحررة مطلع العام الحالي، وحلها بالقوة لعدد من فصائل المعارضة، وإجبار كل مناطق سيطرتها الجديدة على إغلاق مكاتب الحكومة المؤقتة، واعتماد حكومة "الإنقاذ" التي تعتبر الذراع السياسي لتحرير الشام كوكيل حصري في المناطق المحررة شمال سوريا.
وتوجهت حكومة "الإنقاذ" لمحاصصة المنظمات والجهات الإنسانية العاملة في المجال الإغاثي والخدمي، وفرض ضرائب على التجار والمدنيين وسائقي السيارات العمومية وتسجيل السيارات الخاصة دون القيام بالمهام المرتبة على فرض الضرائب.
وذلك على الرغم من تجارب حكومة الإنقاذ خلال أعوام تشكيلها وفشلها في إنشاء ائتلاف مؤسسات أو مؤسسة متكاملة محورية ذات قرار موحد ورصد وميزانية عمل ثابتة ضمن خطط مسبقة.
ومما لا شك فيه أن الواقع المفروض الجديد وضع أهالي المناطق المحررة في حالة من الترقب الممزوج بالريبة من استمرار الإنقاذ بعقليتها السابقة وعدم خروجها من عباءة وتبعية العسكر.
"محمد.ر" ناشط من جنوب إدلب، قال لبلدي نيوز: "منذ سبع سنوات وحتى اليوم لم تستطع فئات الثورة من خلق مؤسسة مدنية بحتة ومستقلة باستثناء "الدفاع المدني" والقطاع الصحي، وذلك بسبب تدخل الفصائل العسكرية بمعظم مشاربها بالإشراف على المؤسسات مقابل حمايتها، ما أدى إلى اختلاق مؤسسات مدنية تحمل خلفية عسكرية، لم تستطع الاستقلال بقرارها والخروج من عباءة الفكر العسكري".
وأضاف الناشط الذي رفض الإفصاح عن اسمه الكامل "وفي حال استمرت الإنقاذ بعقليتها السابقة، بإهمال المدنيين، وجعل الأولوية بدعم عناصر تحرير الشام من حصة المدنيين وعدم استثمار مردود الضرائب والمعابر في تحسين الحالة المعيشية للمدنيين وتقديم الخدمات، فنحن الآن أمام انحدار كامل لن يتأثر بتبعاته سوى المدنيين على حساب "البحبوحة" التي سيعيشها العسكر ومن يعملون في دوائر حكومة الانقاذ.
أما أبو ميلاد وهو نازح من ريف حماة الجنوبي، قال لبلدي نيوز: "أما اليوم وقد فرضت تحرير الشام حكومة الإنقاذ بالقوة وأصبحت أمراً واقعاً، فيجب على الإنقاذ إثبات عكس ذلك واقترابها من الشارع والدخول إلى خيام النازحين ومنازل المحتاجين والنظر في مشاكلهم والسعي لإيجاد حلول عاجلة لها، وعدم الاكتفاء بزيارة منزل أو اثنين لمحتاجين، أو مخيم أو اثنين وأخذ الصور التذكارية وبيعهم الوعود الزائفة في تحسين معيشتهم".
وأضاف أبو ميلاد أن حكومة الإنقاذ تملك رصيدا ماليا كبيرا من خلال معبر باب الهوى والمعابر المشتركة مع النظام وغصن الزيتون، بالإضافة إلى ضرائب المياه والكهرباء، وأن نصف هذا المردود قد يحسن الوضع المعيشي لسكان المخيمات وللفقراء والأرامل وأسر الشهداء، وعدم تحويلها بشكل تام للمصاريف الحربية لتحرير الشام، كما لفت إلى ما يترتب على "الإنقاذ" من إرسال تطمينات إلى المنظمات الإنسانية والخدمية للعمل في مناطق سيطرتها دونما فرض وصاية أو تدخل في سياسة عملها ومحاصصتها، بالإضافة إلى العمل على استمرار العملية التربوية والجامعات ودعمها وعدم وضع العصي بين عجلات العملية التربوية والتعليمية.
يذكر أن تحرير الشام أشرفت على تشكيل حكومة الإنقاذ نهاية العام ٢٠١٧، وأعلنت "الإنقاذ" انطلاقها في مؤتمر تأسيسي عُقد في باب الهوى في الثاني من تشرين الثاني من عام ٢٠١٧، ولم تتفق الإنقاذ خلال فترة عملها مع الحكومة المؤقتة، واقتصر وجودها على مناطق سيطرة تحرير الشام حينها، إلا أنها أصبحت مسؤولة عن مناطق الشمال المحرر بعد إخراج الزنكي وأحرار الشام وصقور الشام التي كانت ترعى وجود الحكومة المؤقتة في أرياف حماة وإدلب وحلب.