بلدي نيوز – (ليلى حامد)
لم يكد يمضِي على إقامتنا في المنزل الجديد 25 يوماً، ويا فرحة ما كملت، حتى غرقت أمتعتنا بمياه الأمطار التي تسربت من شقوق السقف الإسمنتي. بهذه الكلمات بدأ "حمزة الشامي" المهجر من قدسيا إلى الشمال السوري، حديثه لبلدي نيوز.
يقيم "الشامي" في منزلٍ وسط مدينة إدلب، يتألف من أربع غرفٍ صغيرة، تأثرت جدرانه بقصف طائرات النظام السوري قبل نحو ثلاثة أعوام.
وشهدت محافظة إدلب عاصفة مطرية منذ مساء الأربعاء 2 كانون الثاني من العام الجديد، أعنفها تلك التي جرفت خيام المهجرين على الحدود في "أطمة" ومناطق أخرى.
يعيش المهجرون ظروفاً إنسانيةً صعبة في شتاء بدا استثنائيا لكثرة الأمطار والسيول، من جهته "أبو أحمد 35 عاماً"، المقاتل في الجيش السوري الحر ومهجر من ريف دمشق، يشبه حياتهم كالرقص على حبلٍ رفيع يتأرجح بهم فيغدو كالراقص في حركته أو كالطائر المذبوح.
"أبو أحمد" استطاع الحصول على منزلٍ من أحد أقاربه الذي التقاه مصادفةً في سوق إدلب، وتمكّن من استدانة ما يقارب 700 دولار لترميم سكنه الجديد الذي يصفه بـ "شبه منزلٍ" نتيجة تأثره بقصف طائرات الأسد.
اعلو محياه ابتسامة خفيفة ويهمس؛ "استدنا ولم نفلح في حجب المطر عن البيت فغرقنا".
ويضيف في حديث لبلدي نيوز، "مياه الأمطار تسللت إلى الغرفتين، شعرنا بأننا ننام تحت قبة السماء، ضحكنا كثيراً على الاستحمام المجاني تلك الأمسية، وشكرنا الله واستذكرنا بيوتنا التي استولى عليها شبيحة "حزب الله" في الزبداني".
مزيج من البسمة والدمعة سيطر على كلمات الشابين "حمزة الشامي" و "أبو أحمد" ومعهما أسرتيهما، وضجّ المكان بصراخات الأطفال وهم يلعبون بكل براءة بما تجمّع من مياه المطر.
يرفض كل من "الشامي و"أبو أحمد" التراجع عن مطلبهما، ويؤكدان أنّ عروضاً مغرية سبق أن قدّمت لهما للعودة إلى ما يسمى "حضن الوطن"، معتبران أنّ الكرامة التي خرجوا من أجلها تستحق شيئاً أكبر من الغرق ريثما يحصل المطلوب. حسب وصفهما.
بيوتٌ هدمتها الحرب وحطمتها طائرات الأسد الغاشم، جدرانٌ بلا طلاء وأسقفٌ متصدعة، تعلوها شوادر قدمتها الأمم المتحدة وباتت بديلاً عن الأبواب الخشبية، لتتحول اليوم إلى نوافذ وأسقفٍ تقيهم بعض المياه ولا تحميهم من برودة الطقس.
ينتظر المهجرون بحسب "الشامي" نهاية الشتاء المكلف مادياً ومعنوياً، مشيراً إلى بعض الحطب المركون جانباً قائلاً: "خبينا حطباتنا الكبار لشهر آذار"، ولدينا أملٌ بالعودة إلى الديار.