ترجمة بلدي نيوز - Vice News
وضعت وزارة الخارجية الأمريكية خطاً ساخناً بينها وبين الحكومة السورية للمساعدة في توثيق تقارير العنف في البلاد، ولكن بعض العاملين على هذا الخط لا يتكلمون العربية بطلاقة وأحياناً لا يجيب أحد على الإطلاق على الاتصالات.
وقد تم الكشف عن المشكلة يوم الأربعاء، من قبل مراسلين يعملون مع موقع الأخبار "سورية مباشر" والذي يتلقى دعماً مالياً من وزارة الخارجية الأمريكية، حيث حاول أحد المراسلين الاتصال على الخط الساخن في 27 شباط، بعد ساعات من "وقف الأعمال العدائية " والتي هي في الأساس هدنة محدودة، وتوسطت فيها الولايات المتحدة وروسيا، ودخلت حيز التنفيذ بين العديد من الأطراف في الحرب الأهلية الدائرة في سورية.
غرفة الأخبار المباشرة لـ "سورية مباشر" تقع في عمان الأردن، وتتبع أخبار القصف في عدد من المحافظات السورية، وكانت قد وصلها تقارير عن استمرار أعمال العنف بعد أن دخلت الهدنة حيز التنفيذ، وحين اتصل أحد الصحفيين الأمريكيين على الخط الساخن واسمه أوريون ويلكوكس ، ليستعلم عن انتهاكات محتملة في سورية، وجد أن الطرف الآخر على الخط لا يفهم اللغة العربية.
وقال ويلكوكس "كان الشخص الآخر يكافح حقاً لكي يستطيع فهم ما أقوله، وقلت لنفسي كيف لشخص أمريكي على الهاتف لا يستطيع التحدث بالعربية أن يعطي وصفاً تفصيلياً لشيء يحدث في مدينة حمص" ولذلك اضطر ويلكوكس لإكمال بقية المكالمة باللغة الانكليزية.
في اليوم التالي، اتصل أسامة أبو زيد، مراسل آخر من "سورية مباشر" على الخط الساخن ليبلغ عن تقرير انتهاك آخر لوقف إطلاق النار في مدينة حمص، وقدم الموقع نسخة من التسجيل الصوتي لموقع صحيفة " فايس نيوز".
وفي التسجيل، يجيب موظف من وزارة الخارجية الأمريكية، وهو يتحدث بلغة عربية ثقيلة وركيكة، ويقدم في الغالب إجابات من كلمة واحدة على الأسئلة، وعند نقطة معينة يخلط بين القرية السورية "حر بنفسه" بريف حمص الشمالي وبين الكلمات العربية لـ "حرب البيبسي".
يوم الأربعاء، كشف المتحدث باسم وزارة الخارجية "مارك تونر" في مؤتمر صحافي أن الخط الساخن كان يعمل به موظفو الدولة كمتطوعين، واعترف بأن كفاءات لغتهم لم تكن "قد فحصت بشكل صحيح".
وأضاف "من المهم لدينا أن يكون هناك متحدثين باللغة العربية ليستطيعوا الرد على المكالمات الواردة".
واتصلت "فايس نيوز" على الخط على فترات منتظمة يوم الخميس باستخدام رقم هاتف محجوب، وتم الرد فقط على مكالمتين من أصل خمسة، وكان الموظف يتحدث اللهجة المصرية وقال بأن موظفي الخط الساخن يقدمون أفضل ما بوسعهم للرد على المكالمات.
وحين تابعت الصحيفة مع وزارة الخارجية موضوع نقص الموظفين المستمر، قال مسؤول في وزارة الخارجية، تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه "نحن مدركين للمشكلة ونعمل على معالجة الصعوبات التي تواجه البعض حين يتصل لينقل تقارير الحوادث باللغة العربية " وعندما سئل عما تم القيام به لضمان أن الموظفين يمكنهم فهم المتصلين في المستقبل، أجاب المسؤول أن هناك تطور في الجهود، وأن الإدارة تدرس "المزيد من الترتيبات الدائمة".
وأضاف في الوقت الراهن، هناك ضابط واحد للرد على الخط الساخن، وهو يتقن بعض اللغة العربية.
وتمثل مسألة التوظيف على الخط الساخن مصدر قلق بسبب توظيف أشخاص غير كفؤين لا يستطيعون التمييز بين أسماء المدن أو لم يعتادوا على المصطلحات العسكرية، وهذا يعرقل بشكل كبير تقديم تقارير دقيقة عن انتهاكات وقف إطلاق النار، ويأتي بمعلومات غير صحيحة أو غير كاملة، فخلال الـ 24 ساعة الماضية، على سبيل المثال، لم تذكر وزارة الخارجية الأمريكية عن "رقم جديد" في انتهاكات وقف إطلاق النار، لكن موقع "سورية مباشر" كان قد علم من قائد الثوار في حمص أن رجاله كانوا تحت القصف الروسي والنظام السوري، وإن اتصل هذا القائد على الخط الساخن فليس من المؤكد أن أحداً سيرد عليه أو أنه سيستطيع التواصل معه بشكل فعال.
وقالت رئيسة تحرير "سورية مباشر" كريستين ديميليو "بذلك تكون وزارة الخارجية الأمريكية تقول للعالم بأنه لا توجد أي انتهاكات خطيرة لوقف إطلاق النار في سورية، ولكن موظفيها على الخط الساخن لا يستطيعون حتى أن يفهموا إن تم الإبلاغ عن انتهاكات".
وأضافت "لا يكفي ان تغلق أذنيك وتتظاهر بأنك لا تسمع شيئاً ، فنحن نتابع المنطقة وهناك الكثير من القتال".
ويعتبر مركز الاتصال جزء من جهد دولي لمراقبة وقف الأعمال العدائية، وهو اتفاق تم التوصل إليه في أواخر الشهر الماضي، و تتم مراقبة تنفيذ الهدنة من قبل فريق عمل تم تشكيله من قبل المجموعة الدولية الداعمة لسورية (ISSG)، وهي مجموعة من 20 قوى عالمية برئاسة الولايات المتحدة وروسيا.
وتمثل مراقبة الانتهاكات تحدياً بسبب عدم إدراج كل الفصائل المتحاربة في سورية ضمن الهدنة، فهي لا تنطبق على تنظيم الدولة وجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، وما زاد الأمور تعقيداً، أنه غالباً ما تكون جبهة النصرة جزءاً لا يتجزأ من جماعات ثورية أخرى في سورية يغطيها وقف إطلاق النار.
من جهتها، اعترفت الأمم المتحدة والتي تساعد في جمع المعلومات حول انتهاكات محتملة، يوم الأربعاء، بأن عملية الرصد مؤقتة، وقال مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا "إذا أردنا أن يكون وقف إطلاق النار كاملاً فذلك يتطلب بطبيعة الحال 4000 مراقب ".
وبدلاً من ذلك، وضعت روسيا والولايات المتحدة سلسلة من مراكز الرصد، مثل الخط الساخن في وزارة الخارجية، ليأخذ التقارير عن أعمال العنف على الأرض، وتقوم الجماعات الثورية ومنظمات المجتمع المدني، والصحفيين بتقديم التقارير عن الانتهاكات لـ ISSG، والتي تتمثل مهمتها في تقييم تلك الشكاوى.
وبذلك تكون الخطوط الساخنة الوسيلة الوحيدة للإبلاغ عن انتهاكات وقف إطلاق النار، وقد أكدت وزارة الخارجية لفايس نيوز أن المعلومات الواردة إلى مركز الاتصالات يتم تحويلها في نهاية المطاف إلى فريق عمل ISSG لتقديم تقييم فعال وشامل للهدنة.
كما تشجع وزارة الخارجية الأمريكية أولئك الذين يرسلون التقارير باستخدام تطبيقات الرسائل والبريد الالكتروني ، وقد قال المسؤول الذي تحدثنا معه أن معظم التقارير الواصلة تأتي عن طريق "قنوات مكتوبة " مثل تطبيق الرسائل الفورية الـ WhatsApp، بدلاً من المكالمات الهاتفية.
لكن البرتو فرنانديز، وهو من قدامى المحاربين لمدة 30 عاما في وزارة الخارجية، وشغل منصب منسق الاتصالات الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب قبل أن يصبح نائب رئيس معهد الأبحاث الإعلامية للشرق الأوسط، وصف الخط الساخن للوزارة بـ "خطأ غير مبرر".
وقال "السؤال هو: من الذي خرج بهذه الفكرة اللامعة بإقامة خط ساخن باللغة العربية، فيما ليس لديهم القدرة على التواصل بها؟" فرنانديز هو نفسه يتحدث العربية بطلاقة، وكان يعمل كموظف في خدمة الأجانب في الكويت وسوريا والأردن والعراق قبل أن يتقاعد العام الماضي.
وأضاف "إذا كنت تريد فهم تفاصيل ما يجري في غارة جوية، فأنت على الأقل تحتاج إلى تصنيف أعلى من ثلاثة باللغة، مشيراً إلى نطاق اللغة الذي تستخدمه وزارة الخارجية لتقييم اللغويين، فشخص بهذا المستوى يعتبر بالنسبة لهم مؤهل لتشغيل الخط الساخن ولكنه في الحقيقة سيناضل لفهم المصطلحات العسكرية واللهجات الإقليمية المختلفة ".