بلدي نيوز - (ليلى حامد)
تصف حياتها خلال اﻷعوام الثلاثة اﻷولى من الحراك الثوري ضد نظام اﻷسد، بأنها تقوم على ركنين "المحبة واﻻحترام"، أمّا اليوم فقد انعكست اﻵية إلى حدٍّ ما، بحسب وصف هالة (53 عاماً)، بعد مقتل زوجها قرب أحد حواجز داريا في ريف دمشق الغربي، نهاية العام 2014.
تؤكد هالة لبلدي نيوز، أنّ الحرب أخذت معها كل جميل كانت تحلم به اﻷسرة، لم تختطف فقط الزوج واﻻبن، وإنّما اغتالت الحلم بالتغيير، وتستطرد؛ وغدا لقبي مثل كثيرات غيري وفي نفس سني أو أقل، "أرملة".
وتضيف هالة، "زوجي لم يحمل السلاح لكنه خرج في معظم التظاهرات ملثماً، حتى وقع في قبضتهم دون معرفة السبب الحقيقي وتمت تصفيته على الفور، تاركاً لي طفلاً يشبهه".
تغير حالي وأصبحتُ مسؤولةً عن طفلٍ صغير، أحمل همّ تربيته وإعالته، فضلاً عن إلصاق مسمى "أرملة فلان" التي تلاحقني حين التعريف عني، اﻷمر الذي شكل عبئا إضافيا.
تتابع، "متنقلةً بين أهلي وأهل زوجي رحمه الله، أخرج من هنا وهناك بمزيدٍ من التفاصيل المملة والنصائح التي يدلي بها الجميع حول التربية، والتدخل في شؤوني الخاصة؛ فالكل يعتبر نفسه -عن حسن نية- وصياً على اﻷرملة وابنها".
وتضيف، "قبلت الزواج من رجلٍ خمسيني، قتلت زوجته في إحدى غارات النظام على بلدة حزرما بريف دمشق، بعد أن أكد لي أنه سيعامل طفلي بما يرضي الله، كان هذا أحد الخيارات المطروحة وأفضلها، تختلف معاملته عن زوجي الشهيد، لكنها في الحدود المقبولة، بحسب وصفها.
تقول هالة، "أما البقاء أرملة مع طفلٍ صغير استعطف هذا وذاك، فليس لدي عمل أو منزلٌ خاص، أو قبول الزواج من رجلٍ لديه زوجة أخرى، ﻻنتقل من مسمى "أرملة" إلى "ضرة/زوجة ثانية"، بالتالي اختيار الرجل الخمسيني "أبو محمد" هو القرا والخيار اﻷنسب".
وفي السياق؛ يؤكد الناشط اﻹعلامي "حمزة الشامي" من مهجري ريف دمشق إلى الشمال السوري لبلدي نيوز، "ظاهرة تعدد الزوجات انتشرت مع بداية العمل العسكري المسلح ضد نظام اﻷسد، وجاءت كنتيجة حتمية لمقتل الكثير من الرجال والشباب الذين تركوا خلفهم نسوة بأعمارٍ مختلفة، معظمهن في سنٍ دون العمر القانوني للزواج، لكنه ضمن المتعارف عليه في الأرياف".
بينما اعتبرت المحامية هديل الشامي، "قبول المرأة اﻷرملة أن تكون الزوجة الثانية هو الحل اﻷنسب من بين حلولٍ ضيقة ومحدوة، في ضوء الظروف اﻹنسانية التي تمر بها، ﻻسيما في المناطق التي يعد تعدد الزوجات فيها أمراً اعتيادياً لعلاج المشاكل الناتجة عن وفاة الأزواج".
وبينت "الشامي" أنّ الكثيرات من اﻷرامل اللواتي يحتضن عدداً قليلاً من اﻷطفال اﻷيتام ويشكلنّ معهم عائلةً صغيرة أوجدت الحاجة إلى معيل لتلك العائلة التي لم تعد قادرةٍ على مواجهة مصاعب الحياة وحدها.
بينما تعيش أسرة "خالد" المؤلفة من زوجتين وأربعة أطفال قصةً أخرى ترويها "سمر" الزوجة الثانية، كما تصف نفسها، والبسمة ترتسم على شفتيها.
تقول "سمر" لبلدي نيوز، "قتل زوجي ياسين في إحدى معارك حي جوبر الدمشقي، كنتُ حاملاً وقتها، بعد انتهاء المعركة عاد "خالد" يحمل جثة صديقه "ياسين" الذي قتل أمامه، ومعه وصيةً بخط يده يطلب منه الزواج مني في حال استشهاده".
تؤكد "سمر"، أنها ﻻ تشعر بأنها الزوجة الثانية، وزوجةٌ ثانية خيرٌ من البقاء أرملةً، سيما إن كان اﻻختيار موفقاً، فالمرأة والطفل بحاجة لرعاية الرجل وحضنه.
أمّا "خالد" فيقول لبلدي نيوز، "لم أجد ممانعةً من زوجتي اﻷولى، فحال أسرة صديقي "ياسين" تكاد تكون معدمة وغير قادرة على رعاية زوجته المكلومة وطفله القادم، وإن لم يكن وضعي موسراً، لكن كما يقال في المثل الشعبي "بحصة تسند جرة"، ولعلي أديت وصية "ياسين" الذي قتل دفاعاً عن أرضه وعرض بلدته".
زادت نسبة النسوة اﻷرامل في سورية بسبب الحرب الدائرة والتي فرضت عليهنّ اﻻختيار بين البقاء يحملنّ لقب "أرملةً" أو ينتقلن إلى خانة "الزوجة الثانية" في دفتر العائلة، هرباً كما يقلنّ من الظروف الصعبة أو كما تقول هالة مازحةً في ختام حديثها، "ظل راجل وﻻ ظل حيطة".