بلدي نيوز- (أشرف سليمان)
تقود الظروف الاقتصادية والاجتماعية بالغة القسوة، التي فرضت على الأسر السورية النازحة في مخيمات اللجوء، إلى ممارسة أشكالا مختلفة من العنف تحت مسميات عدة، لعل أحد أشكال هذا العنف هو تزويج الفتيات القاصرات.
وخلفت الحرب مئات العائلات بلا رجال وبلا معيل، إلى أن باتت الفتاة تشكل عبئاً يسعى الأهل للتخلص منها عبر تزويجها تحت عباءة "الزواج سترة"، وغالبا ما يكون العريس من المقتدرين ماديا وكبار السن.
الطفلة "فرح" ذات الأربعة عشر ربيعا، توقفت رحلتها الدراسية عند الصف السابع، وأخذت تستعد ليوم زفافها في مخيم عرسال بلبنان.
"فرح" ليس لديها صديقات متزوجات، ولا تعرف عن الزواج إلا اسمه، فهي لم تكن معنية يوما بتحمل أعباء المنزل والزوج وتوفير متطلبات الحياة الزوجية، تقضي أوقاتها باللهو مع الرفيقات، ومتابعة دروس الحساب واللغة العربية في مدارس مخيمات اللجوء، وكل ما يشغلها وقريناتها الحديث عن حياة اللجوء ومعاناتها، والانتقال من خيمة لأخرى وما يرافقها من معاناة.
تعيش "فرح" وضعا ماديا بائسا مع أفراد أسرتها التي تعيش في المخيم، بعد أن فقدت الأب والأخ حيث استشهدا في سوريا، ولم تعد الأم قادرة على تحمل تكاليف معيشتها وتعليمها، الأمر الذي دفعها لتزويجها بهذا السن.
وتشير بعض الإحصائيات إلى أن 30% من اللاجئين يزوجون بناتهم بهذا السن، ومعظم حالات الزواج هي "الزواج العرفي"، الذي لا يخضع لتوثيق قانوني يضمن حقوق الزوجة.
وفي الصدد؛ يقول استاذ علم النفس والإرشاد "عاصم الأشقر" لبلدي نيوز؛ يعتبر زواج القاصرات نوع من أنواع العنف ضد الأطفال، كما تصنفه الأمم المتحدة، وهناك آلاف الحالات المشابهة في مخيمات اللجوء، سواء في الأردن أو لبنان أو سورية، والتي تنتشر فيها حالات الزواج العرفي.
وأوضح أن الصعوبة تمكن في تسجيل أغلب حالات زواج القاصرات في مخيمات اللجوء، بحسب قانون كل دولة متواجدين فيها.
وأضاف، "لا بد من القول إنّ ظاهرة زواج القاصرات السوريات في مناطق النزوح ومخيمات اللجوء، هي إحدى تجليات استمرار الحرب السورية، وإطالة أمد معاناة الأسر السورية النازحة واللاجئة، وخاصة تلك التي فقدت معيلها وممتلكاتها، بحيث باتت تبحث عن سند، أو أمان لأبنائها وبناتها، وهو الأمر الذي جعلها توافق على هذا الشكل من الزواج".