بلدي نيوز – (نجم الدين النجم)
تتجه الأنظار غداً الجمعة، إلى العاصمة الإيرانية طهران، التي تستضيف اجتماعاً لقادة الدول الأكثر تأثيراً في سوريا (روسيا وتركيا وإيران)، في الوقت الذي تتصدر في إدلب جدول المباحثات بين الأطراف الثلاثة، وفي مجلس الأمن.
ورغم التباينات الواضحة بين مصالح تركيا وروسيا وإيران، والتي تصل في كثير من النقاط إلى درجة التناقض، شهدت العلاقات بين هذه الأطراف خلال السنوات القليلة الماضية حالة دفء نسبية، خلقتها العلاقات المتوترة بين أميركا مع كل من تركيا وإيران، الشيء الذي وجدت فيه روسيا فرصة لخلق واقع جديد في سوريا مبني على التفاهمات، ويحفظ مصالح جميع الأطراف.
ويتوقع مراقبون أن اجتماع طهران يوم غد، ما هو إلا إعادة تموضع سياسي للدول الثلاث، وإعادة تذكير بالحدود والقوانين التي تحكم تحالفها سوية، والتحذير من مغبة خرق هذه القوانين، وذلك تمهيداً لاتفاق على طريقة اختراق محافظة إدلب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة إضافة لـ"هيئة تحرير الشام"، بأقل الخسائر السياسية والاستراتيجية والبشرية الممكنة.
وحول مصالح الأطراف الثلاثة وتضاربها ونقاط التقائها في هذا الوقت الحساس من عمر الأزمة، يقول الكاتب الصحافي "عمار حمو" في حديث لبلدي نيوز: "لمّح الكرملين في تصريح رسمي له عن مصلحته في القضاء على المعارضة في إدلب، حين أكد أن قواعدهم في الساحل مهددة من قبل هذه الفصائل، وبعد عملية الفصائل أمس ووصول نيرانهم إلى عمق مواقع النظام في الساحل السوري، ومن قبلها استهداف مطار حميميم بطائرات مسيرة، يمكننا أن نعرف بالضبط ما هو موقف روسيا".
يضيف "حمو": "أما تركيا، فهي دولة تملك حدوداً طويلة مع سوريا، وأي تطورات عسكرية في إدلب ستنعكس آثارها على الجانب التركي مباشرة، وإدلب بالنسبة لتركيا وضعها مختلف، وأي تهديد سيضرب إدلب ستصل ارتداداته إلى تركيا فوراً، ولذلك أعتقد أن تركيا تعمل على تجنب أي كارثة في الخزان البشري الأكبر شمال سوريا" مضيفاً: "أما إيران أعتقد أن مصلحتها شبه معدومة في إدلب، ولكنها تترقب تحركات الثوار خشية أي عمل عسكري على حلب التي تنتشر فيها بشكل واسع".
وحول الخيارات البديلة التي تملكها الأطراف الثلاث في حال حصول أي طارئ يهدد مصالحها في إدلب يقول "حمو": "الواضح في إدلب أن هنالك مقايضات سياسية، وعندما تفشل سيتحول الفرقاء إلى رمي أوراق عسكرية، كنوع من الضغط للعودة إلى سكة التحالف بينهم، أما معيار المصالح فإذا فشلت الحلول السياسية وعملية اقتسام المصالح بحسب التفاهمات المتفق عليها، فأن كل دولة ستبحث عن مصلحتها مستخدمة القوة، وهذا خيار مطروح وإن كان توقع حصوله غريباً بعض الشيء".
ويتساءل مراقبون، هل سيؤدي الاجتماع الثلاثي غداً إلى تقديم ضمانات متبادلة، تحافظ على مصالح (روسيا، وإيران، وتركيا)، أم أن كل دولة ستتصرف بحسب الظروف والتطورات دون أي ضمانات؟، سؤال يطرح نفسه بقوة على هذا الاجتماع، فهل تحتاج الدول الثلاث إلى اجتماع من هذا النوع لأجل إدلب، أم أن هنالك شرخاً قد حصل وتم تعجيل عملية علاجه؟
يتابع الصحافي "عمار حمو" حديثه: " قبل يومين، كنت أتوقع أن معركة إدلب بعيدة وأن الحل سيكون سياسياً فقط، لخطورة المعركة وآثارها السلبية على كل الأطراف، ولكن أمس ومع بدء قصف جسر الشغور وما تبعه من رد للفصائل، تغيرت المعطيات في رأيي، وأتوقع أن الدول ستتصرف بما يناسب سياستها وأهدافها، فتركيا وروسيا تعملان على الاستمرار بنسج المصالح المشتركة، ولكن إذا أُعلنت الحرب ستتصرف كل دولة حسب ما يناسبها بعيداً عن كل الأطراف.. مع الأسف الضمانات التركية - الروسية أثبتت عدم فاعليتها، ومناطق خفض التصعيد التي تم إنشاؤها من قبل الطرفين كانت نتائجها سيئة".
وتزداد التكهنات كلما تأخر اندلاع المعركة في إدلب بشكل رسمي، حيث يرى البعض أن مصالح الدول الثلاث (تركيا، وإيران، وروسيا) متعارضة كلياً، ولم يتم الوصول إلى تفاهمات إلى الآن، ويرى البعض الآخر أن تركيا لن تسمح لروسيا أو إيران بوضع قوانين المعركة في إدلب، وأنها قادرة وبقوة على حل "هيئة تحرير الشام" بشكل كامل، حيث إن خسرت تركيا في إدلب فإن مستقبلها بالتأثير السياسي في سوريا المستقبلية سيكون محدوداً جداً، في حين يرى مراقبون أن مصير إدلب اليوم بين طرفين لا ثالث لهما، (روسيا، وتركيا)، وكل ما سيحصل هو نتيجة اتفاق أو اختلاف هاتين الدولتين.