بلدي نيوز - الرقة (محمد عثمان)
انتشرت ظاهرة عمالة الأطفال مؤخراً بشكل ملحوظ في محافظة الرقة، نتيجة الأحوال المعيشية المتردية التي يعاني منها العائدون إلى المدينة المتهالكة الخارجة من معركة عنيفة بين التحالف الدولي و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) من جهة، وتنظيم "داعش" من جهة ثانية.
أحوال سيئة للغاية دفعت الأطفال قبل الكبار للعمل في أي شيء يمكنهم من الحصول على المال، ومشاهدة الأطفال في أماكن القمامة وبين ركام البيوت أصبح شيئاً معتاداً في مدينة الرقة.
عشرات الأطفال في كل بقعة من أرجاء المدينة، يجمعون مخلفات القمامة التي يمكن أن يبيعوها لمساعدة عائلاتهم، مجازفين بحياتهم في مدينة غارقة بالألغام والمتفجرات التي خلفتها المعارك بين "قسد" وتنظيم "داعش"، الأمر الذي أدى لاستشهاد طفلين في نيسان الماضي بشارع النور وسط المدينة، جراء انفجار لغم.
المطاعم والمتاجر والمحلات الجديدة التي أُعيد افتتاحها مؤخراً، تعتمد هي الأُخرى على الأطفال أكثر من 10 ساعات يومياً.
يقول "محمد" البالغ من العمر ١٤ عاماً لبلدي نيوز: "أعمل من الساعة الخامسة صباحا حتى الساعة ١٢ ظهراً، ومن الساعة الرابعة حتى الساعة ٨ مساءً، في جمع الخبز اليابس، والأشياء الأُخرى التي ممكن أن تُباع من حديد ونحاس وبلاستيك، ومن ثم أبيعه لمحل الخردة بالكيلو".
وأضاف "محمد": "توقظني أمي الساعة الرابعة صباحاً ومن ثم أتناول فطوري، وأخرج للعمل.. أحيانا أحصل يوميا على ١٠٠٠ أو ١٥٠٠ ليرة سورية، وأحيانا أكثر بقليل".
وأردف "محمد": "أنا مضطر للعمل، فأنا المسؤول عن أمي وأخوتي الخمسة بعد وفاة أبي بغارة جوية لطيران النظام سنة 2013، وبعد دخول داعش أُجبرت على ترك حياتي كلها للعمل لأن أمي لم تكن تستطيع العمل بسبب قوانين داعش الصارمة".
من جانبه، يقول "عبد الرحمن" (15 عاماً) لبلدي نيوز: "أعمل في مقهى بجلي الصحون والفناجين لأساعد عائلتي في العيش، وأبي يعمل في بسطة لبيع المحروقات، بينما أمي تعمل ممرضة في عيادة أحد الأطباء بالمدينة، وبقية أخوتي لا يعملون، والمصاريف كثيرة جدا وكل شيء مرتفع الثمن من الماء وصولاً لإيجار المنزل".
وتعاني محافظة الرقة من أوضاع أمنية سيئة وأحوال إنسانية مأساوية، جرّاء سوء الأوضاع الأمنية وانتشار المخدرات وتراجع عمل المنظمات الإنسانية في المنطقة، وانتشار الفقر والبطالة وندرة توفر الخدمات اللازمة للعيش، إضافة إلى الانتهاكات المستمرة والسياسة الاستبدادية التي ينتهجها "حزب الاتحاد الديمقراطي (ب ي د) المهيمن على "قسد".