بلدي نيوز – (كنان سلطان)
لم تشكل الاستقالة التي تقدم بها كل من السيد (جورج صبرة)، والسيدة (سهير الأتاسي)، والدكتور (خالد خوجة)، من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، فارقا على مستوى الأداء والفاعلية، بعد مرور 8 سنوات، سوى أنها تعبيرا عن حالة من الهشاشة وتكشف الارتهان والتبعية لجهات تدير الدفة لمصلحتها الخاصة، بعيدا عن مرامي وأهداف الثورة التي دفع ثمنها الشعب السوري غاليا.
فما هي أهمية أن يتقدم هؤلاء الأعضاء باستقالتهم في هذا التوقيت؟، وما الفارق الذي يمكن أن تشكله بعد انفراط العقد الوطني؟، في وقت كان يأمل الشعب السوري أن يشكله من حالة وطنية جامعة.
وقد عزا (جورج صبرا) سبب انسحابه إلى "التناقضات الجارية بين مكونات وأعضاء الائتلاف، وأنّه لم يعد الائتلاف الذي وُلد في 11 / 11 / 2012، وحمل أمانة الإخلاص لمبادئ الثورة وأهداف الشعب، ولأنّ طرائق العمل والتدابير المعتمدة لا تحترم الوثائق والقرارات، ولا تلتزم إرادة الأعضاء والرؤية الوطنية السورية المستقلة".
في حين لم تعد ترى (سهير الأتاسي) أن عملها ونشاطها ممكنان ضمن تلك الكيانات القائمة، "بعد أن أصبح المسار الرسمي الحالي للحل السياسي في سوريا متطابقاً مع المسار الروسي الذي يُعيد تأهيل منظومة الأسد ومجرمي الحرب، ويقوّض الحل السياسي الفعلي والجوهري، فيحيله إلى تقاسم سلطات ومنافع لقوى وشخصيات ودول، وبعد أن خسرت بعض المؤسسات الرسميّة لقوى الثورة والمعارضة التحدّي الذي فرضه عليها المجتمع الدولي".
فيما يرى (خالد خوجة) ضرورة استقلالية القرار الثوري وضرورة استمرارية العمل الوطني خارج إطار الائتلاف.
وحول توقيت تقديم الأعضاء الثلاثة استقالاتهم، قال الكاتب السوري (طارق عزيزة) لبلدي نيوز "أرى أنّ التوقيت في هذا الموضوع لا يشكل فرقاً، سواء تقدّموا باستقالاتهم هم أو غيرهم الآن، أو قبل شهر أو بعد أسابيع".
وأشار إلى أنّ حالة مشابهة وقعت قبل نحو سنة من الآن، حين استقال عدد من الشخصيات البارزة في الائتلاف بصورة جماعية منه، الأمر الذي أثار موجة من السخرية والتندر بين السوريين على صفحات مواقع التواصل، من قبيل "إكرام الميت دفنه"، و"هل ما زال الائتلاف موجوداً حقاً؟"، وما إلى ذلك، والموقف نفسه يتكرر اليوم.
وحول القيمة التي يعنيها وجود الائتلاف في ظل الوضع الراهن، يقول (عزيزة): "عملياً لم يعد للائتلاف أي قيمة سياسية أو دور يُذكر منذ سنوات، ويمكن النظر إلى مؤتمر الرياض الأول والإعلان عن تشكيل الهيئة العليا للمفاوضات بوصفها البداية الرسمية لطوي صفحة الائتلاف، فإذا استثنينا إصدار البيانات والتصريحات الصحفية من وقت لآخر".
مشيرا إلى "حفلة" انتخاب رئيس له دورياً، ويرى بأن الائتلاف في حالة "موت سريري"، وأضاف أن "هذا لم يمنعه من التذكير بنفسه بين وقت وآخر عبر مباركة كل ما يقوم به الداعمون الإقليميون، أو بالأحرى من تبقى منهم، بصرف النظر عن التأثير السلبي لمواقف تلك الأطراف الخارجية على الشعب السوري".
وأشار (عزيزة) في حديثه إلى أن "الائتلاف عملياً صار من الماضي، والأمر ليس متوقفاً على إنشاء بديل له، لأن الهيئة العليا للمفاوضات باتت عملياً البديل الذي أرادته الدول الراعية، ولا نعلم إذا ما كان الرعاة متمسكين بها وسيدعمون موقفها التفاوضي فعلاً يوما ما، أم أنهم يريدون فقط وجودها الرمزي لتمرير التسويات والصفقات؟".
ولم يستبعد (عزيزة) ربط الاستقالة بالسعي إلى تشكيل جسم سياسي جديد، وأوضح أنه في الحالة السابقة كان هناك محاولات من المستقيلين لإيجاد صيغة جديدة دون نتيجة.
وأردف: "في كل الأحوال، أرى أنه لم يعد يؤمل شيء من الشخصيات السياسية التي تصدّرت المشهد وتبوّأت مراكز قيادية في هيئات المعارضة طيلة سنوات طويلة لم ينتج خلالها سوى الفساد ومراكمة الفشل".
وأضاف "اليوم إذ ينتقد المستقيلون الثلاثة الائتلاف ويتبرؤون منه، عليهم ألا ينسوا أنهم كانوا جزءاً منه، وبالتالي من فشله، وعليهم تحمل مسؤولياتهم وذلك يبدأ بالإقرار بها ونقد تجاربهم القيادية السابقة، قبل أن يعاودوا تسويق أنفسهم بحلّة جديدة".