بلدي نيوز - (خاص)
يشهد قطاع الصحة في محافظة إدلب غياباً للرقابة الطبية على الأدوية وتجارتها، ما سمح لبعض ضعاف النفوس باستغلال هذا الأمر من خلال بيع ونقل المخدرات تحت مسمى أدوية طبية.
وانتشرت الصيدليات العشوائية بشكل كبير جداً خلال السنوات الخمس الأخيرة، فكان بالإمكان لأي شخص يملك القليل من الخبرة في تركيبات الأدوية ومسمياتها افتتاح صيدلية، وكحال صيدليته الغير مرخصة وخبرته التي لا تستند لشهادة هناك مستودعات أدوية كبيرة وشركات وهمية لاستيراد وتوزيع الدواء، وتمثل الصيدليات العشوائية ما نسبته 80% من الصيدليات المرخصة والتي يقوم عليها صيادلة مختصون.
وفي حديث خاص مع صيدلي مختص (طلب عدم ذكر اسمه) حول الموضوع قال لبلدي نيوز: "يشهد القطاع الطبي في عموم محافظة إدلب انعدام الرقابة الطبية، علماً أن مديرية صحة إدلب أصدرت عدة قرارات بإغلاق الصيدليات العشوائية ومصادرة محتوياتها، إلا أنّ هذه القرارات لا تعدو قسم الأرشيف في المديرية".
وأضاف: "أما لبيع الأدوية المسببة للإدمان بشتى أنواعها فمن المستحيل أن يقوم أي صيدلي مختص بصرفها دون التأكد من وجود وصفة طبية من قبل مختص، كون الصيدلي الحقيقي يعرف مدى خطورتها غير أنه محلّف على الحفاظ على أخلاق المهنة، أما من يبيعون الأدوية في الصيدليات العشوائية فهمهم الوحيد هو استغلال غياب الرقابة لكسب المال فيقومون بصرف أي دواء بناءاً على طلب الزبون إن صحّ التعبير".
وتابع حديثه عن حادثة حصلت معه مؤخراً قائلا: "منذ شهرين تقريباً وفي الساعة التاسعة مساءاً دخل شاب من إحدى القرى المجاورة، وطلب مني صرف وصفة طبية لأمبولات تراماديكس، وكانت الوصفة ممهورة بخاتم الطبيب، فرفضت صرف الوصفة وسألته لماذا لم تصرفها في صيدليات بلدتك، فأشهر مسدساً بوجهي وقام بشتمي وقمت مجبرا لصرف الوصفة، ومن ذاك الحين ألغيت كافة الأدوية التي فيها مواد مخدرة من صيدليتي وأصبحت أغلق الصيدلية مع حلول المساء مباشرة، ولا أفتحها إلا للأشخاص الذين أعرفهم".
وفي ظل وجود كم هائل من أصحاب الإصابات والجروح المزمنة أصبحت هذه الحبوب تتوافر في معظم بيوت السوريين، مما أتاح المجال للمراهقين في هذه البيوت بالخوض في هذه التجربة، دون الحاجة لشرائها من الصيدليات وحتى بعض المصابين لم يشفوا من الإدمان وخاصة ادمان الترامادول.
"محمد الإبراهيم" يروي ليلدي قصته مع إدمان مادة الكورتيزول، حيث قال "تعرضت للإصابة في معارك تحرير مدينة حلب الأخيرة، واستعصت بجسدي عدة شظايا لا تزال عالقة حتى اليوم، ومع انتشار حالة الالتهاب في جسدي وصف لي الطبيب الكورتيزول كمضاد حيوي، وأصبحت أتناول خمس إلى ست حبات يوميا، ولم أعلم أنّ حبوب الكورتيزول تسبب الإدمان، وبعد فترة قليلة من الزمن فقدت التحكم على الجهاز البولي وبتٌّ أتبول بشكل لا إرادي، ويترافق ذلك مع ألم شديد في عضلات الساقين".
وأضاف الإبراهيم: "عند مراجعة الطبيب اصطحبت معي الأدوية التي كنت استخدمها وبدون معاينتي طلب مني إيقاف حبوب الكورتيزول وأخبرني سبب كل ما أصابني، وبعد توقفي عن تعاطي الكورتيزول بيومين بدأت أدخل في حالات تشنج عصبي يعقبها فقدان وعي مؤقت، على الفور نقلني أخي للمستشفى وشرح لهم ما حصل معي بالتفصيل، وبعد تقديم الإسعافات اللازمة أخبرني الطبيب بأنه يجب علي أخذ حبة واحدة بشكل يومي للمساعدة في الإقلاع عن إدمان الكورتيزول، وحتى اليوم مع كل محاولة للإقلاع بشكل نهائي أصاب بحالات تشنج عصبي، كما أن جسدي لم يعد ينفع معه أي نوع من أنواع المسكنات والمضادات".
الجدير بالذكر أنه حتى اليوم لم يتم تسليط الضوء بشكل جدي على هذه الظاهرة، ما انعكس سلباً على سبل التعامل معها والحد من انتشارها، إضافة إلى غياب دور منظمات المجتمع المدني، بظل جهود الشرطة الحرة في محافظة إدلب التي عملت على حملات توعية استهدفت فيها طلاب المدارس والجامعات، ولاقت هذه الحملات ترحيبا وإقبالاً من الأهالي لكن النتائج كانت ضعيفة.