بلدي نيوز – رواد الحلبي
ربما في العنوان ما يعتبره البعض من "البذاءة" في شيء، كما اُتُهِمنا ونُتهم نحن السوريين بكل ما يفسد ويسيء لهذا العالم، منذ أن بدأنا نطالب بحريتنا، ولكن المشكلة حقيقةً هي في العنوان، وكأن قائلاً يقول أيجوز أن يعض الإنسان كلباً؟ أو تتحرش مؤخرة بيد؟ بالنسبة للسوريين نعم يجوز.
اليوم نحن متهمون بأصابعنا على سبيل الحصر لا المثال! نعم الحصر، فما انفكت الآيات تُقلب بالنسبة لنا كسوريين، حتى أن المؤخرات بدأت تتحرش بوسطتنا (الأصبع الأوسط لمن لا يعرفه)، وهي الحقيقة بعينها، إن مؤخرات العالم بدأت تلاحقنا مؤخراً لتتهمنا بالتحرش! كيف؟ لا علم لدي، اسألوا الإعلام عن حادثة كولن الألمانية يجيبكم.
ليس في هذا القول اعتراف بتورط اللاجئين السوريين بأحداث رأس السنة في المدينة الألمانية (حادثة التحرش الجنسي)، إلا أن الإعلام فعل فعلته وما فتئ يضع السوري موضع المتهم بإشارات ومصطلحات يفهمها السوري أكثر من غيره، على سبيل المثال كاريكاتير (إيلان المتحرش جنسياً بنساء ألمانيات) في صحيفة شارلي ايبدو الفرنسية، ومصطلح متحرشين من "أصول عربية" كما وردت في بعض الصحافة العالمية، كلها تفهم على أن للسوريين "إصبع" بأحداث كولن، بالرغم من تبرئة كبار المسؤولين الألمان للاجئين السوريين من الحادثة.
الأحداث العالمية ومنذ أن بدأت الثورة السورية ما انفكت تشير بأصابع الاتهام للسوريين داخل ما تبقى من وطنهم وخارجه، هذا "داعشي" وذاك "متحرش" هذا "كلب مسعور" وذاك "قاتل"...الخ، حتى أن السوري بدأ يعيش حالة نفسية أقرب إلى إحساسه بأنه الشيطان بعينه لكثرة تخوفه على سلامة المجتمعات الإنسانية قاطبةً، وخوفاً من الإشارة إليه بأنه سبب مشاكل الكون وربما فناءه!
بل إن الإعلام ومن يقف خلفه إن لم يكن "شيطن السوريين" وأجزمُ بذلك، فقد أوصلهم لحالة نفسية أقرب إلى الخوف حتى من افكاره الداخلية ويقينه بأنه "السوري المنبوذ".
وما لا يعلمه أو لا يريد أن يعلم من يشير بأصابع الاتهام للاجئين السوريين في مثل هذه الاحداث أن السوري لم يلجأ إليه من فراغ، هرب من موت ليس كالموت بل لكثرة خوفه لم يعد يفكر بالإنجاب أو المعاشرة حتى، وإن تمكن، اجهضت زوجته لشدة خوفها وجوعها أو تعسرت ولادتها إن لم تقتل حبلى بجنينها بغارة "مقدسة".
تلك السيدة التي اعترضت فريق محطة تلفزيونية ألمانية باكيةً على إثر حادثة التحرش الجنسي في كولن، مستنجدة لحال ابنتها التي تعرضت لهذه الاعتداءات المشينة اللاأخلاقية، دون أن تتمكن من مساعدتها، وحدهم السوريون من يستطيعون أن يفهموا شعورها، بل أن هذه المرأة هي التي تمثل الحقيقة المجردة لحال السوريين (السوريون المغتصبون المذبوحون المستغيثون).
إذاً، كيف يمكن للسوري أن يبرئ بنفسه من هذا؟ هل عليه أن يقطع يده أو وسطته ليبرأ من التحرش؟ أو ربما يلصق على جبينه ما كُتب عليه (أنا انسان) لئلا ينعت بـ "الكلب المسعور"؟ أم عليه أن يطلي شعره بالأشقر حتى لا يقول عنه الأعراب "ده سوري أو هيدا سوري"؟
بالتأكيد السوريون ليسوا ملائكة منزلين ومعصومين عن الخطأ، بل كان خطأهم أن نسي ذاك المعتوه جواز سفره في ساحة الجريمة بعد أن فجر نفسه! وهذا الذي رمى بطفله في عرض البحر ليتاجر بدمه! وليتهم لم يسرقوا خرقة من طبقة الأوزون لينصبوا خيمة على الحدود تقيهم صقيع الأمم المتحدة.
نعم نحن سوريون مشكلتنا كانت ولا زالت تتلخص ببتر يد فاسدة بأصابعها المنغمسة بمؤخرة "المقاومة" كما تدعي، وما تركت سبيلاً تخنقنا لأربعة عقود ونيف، تسوط بنا على اختلاف اعراقنا وعقائدنا وافكارنا، مشكلتنا ليست بأصابعنا يا سادة.. فنحن لا نختبئ وراءها، مشكلتكم بمؤخراتكم فابعدوها عن أصابعنا.