احذر .. العالم ينحدر نحو اليمين - It's Over 9000!

احذر .. العالم ينحدر نحو اليمين

بلدي نيوز - خالد خليل
لا يكاد يخلو بث أو تغطية لمعظم وسائل الإعلام على مستوى العالم من خبر عن سوريا، فقد بات معلوماً للقاصي والداني أخبار الموت القادمة من الشرق الأوسط.
لست بصدد إعادة قصة الثورة السورية المستمرة، وبداياتها ونسقها العام ومشروعيتها ومآلاتها. فالخمسة أعوام، كان الأول عامٌ للسلمية؛ والثاني للانتصارات الثورية؛ وفي الثالث إزالة للخطوط الحمراء الأمريكية للإبادة الجماعية؛ والرابع لصدارة "داعش" على المشهد، وفي خريف آخر عام يبدو أن اللعبة الدولية قد وصلت إلى عنق الزجاجة.
وتحت العنوان العريض (محاربة داعش) ازدحمت السماء السورية بطائرات أقوى جيوش العالم. مع العلم أن أصغر خبير عسكري لدى هذه الجيوش المتصارعة يقول ويثبت أن النصر لا تصنعه الطائرات!
والحقيقة أن "داعش" ذريعة مُتقنة، وأن أطراف اللعبة الدولية ارتأت الدخول في «لعبة الحرب» على حساب ثورة السوريين ودمائهم وعلى أرضهم، لعلم هذه الأطراف أن نظاماً عالمياً جديد يتشكل.
ارتدادات الفعل السوري عالمياً
بعيداً عن ساحات الحرب والسماء المقسمة لحركة المقاتلات الحربية، يفرض الخبر السوري المنبثق والمولود من رحم الثورة السورية - التي أطلق شرارتها أطفال كتبوا عن الحرية على جدران مدرستهم - نفسه في الأروقة السياسية وعلى أعلى المستويات، ويشكل هاجساً يورق كاهل الساسة.
مساء الاثنين السادس من الشهر الفائت، أعلن رئيس وزراء الدولة العبرية عن قراره بتعيين (يوسي كوهين) رئيساً جديداً للموساد «هيئة الاستخبارات والمهمات الخاصة» الجهاز الاستخباراتي الأسطورة، ذو الأذرع الأخطبوطية في محيط ملتهب.
يريد نتنياهو وحكومته اليمينية رجلاً عملياتياً يجيد الخوض في مضامير الاستراتيجية –السياسية - الاستخباراتية، لضخ دماء جديدة في الموساد وحال الجوار هذه!
كوهين 53 سنة، المتحدّر من أسرة (حريدية) يهودية متشددة، يشغل حالياً منصب رئيس مكتب الأمن القومي الإسرائيلي منذ عامين، وصاحب خبرة عالية امتدت لأكثر من ثلاثة عقود في الموساد. 
وعلى الرغم من سخرية الصحافة الإسرائيلية وأعداءه منه بتلقيبه بـ «عارض الأزياء» لكثرة أناقته، إلا أن جميع الخبراء في تل أبيب أشادوا بهذا التعيين، ويرون كوهين الرجل المناسب في المكان والزمان المناسبين، تفرضه المرحلة لمواجهة أخطار كيانات «متطرفة» تطوّق دولتهم. إذاً، ثعلب جديد ماكر وأنيق يدخل مسرح اللعبة الدولية.
ننتقل من تل أبيب إلى باريس، على مدى ثلاثة عشر عاماً من العزلة لم يكن يحلم اليمين المتطرف أن يحظى بأصوات الناخب الفرنسي. وتشهد فرنسا، هذه الأيام، تحوّلاً تاريخياً في المشهد السياسي الداخلي عبر تمدد اليمين المتطرف، الذي حقق ممثلاً بـ «حزب الكتلة الوطنية» أرقاماً قياسية في الجولة الأولى من الانتخابات المحلية. 
وتشير التوقعات أن قصر الإليزيه ينتظر ساكنه الجديد (مارين لوبان) وعائلتها التي تقود اليمين المتطرف المنبوذ سابقاً؛ المحبوب حالياً ويعود الفضل في ذلك إلى أحداث باريس المؤلمة وجواز السفر السوري المتروك في ساحة الجريمة.
خلف البحار لم يختلف المشهد أيضاً، فالأخبار الواردة من الولايات المتحدة يطغى فيها المعتوه (دونالد ترامب) أبرز المرشحين الجمهوريين للانتخابات الأمريكية المقبلة، وتصريحاته التي تفوح منها عنصرية كريهة.
ترامب هذا يريد أن يحصل على أكبر بيضة فلم يستثمر الحدث السوري ضمن النطاق المتاح والمعمول به فحسب، في التذرع بالإرهاب «المفتعل». بل ضرب المسلمين والإسلام جميعهم بحجر واحد (ممنوع دخول المسلمين إلى أراضي العم سام).
ومع هذا تشير التوقعات إلى صعود حظ الجمهوريين في التنافس الانتخابي، ويبدو أن البيت الأبيض هو الآخر ينتظر يمينياً متشدداً إن لم يكن ترامب فأحد محتزبيه.
سؤال يطرح نفسه.. ما سر سطوع نجم عائلة لوبان وترامب؟
هل هي البرامج الانتخابية المتخمة بالوعود بالرفاهية الاقتصادية والعيش الرغيد والمزيد من الحريات، أم هو استثمار الحدث السوري؟
والحال أيضاً، ينطبق على الاتفاق الذي سُمي وقتها بالتاريخي بخصوص الملف النووي الإيراني، صيف العام الماضي، ويرتبط بصورة وأخرى بما يجري في الساحة السورية. جنى من خلاله نظام المللالي الفاشي تدعيم حكم ودفعة قوية اقتصادياً وسياسياً.
تغييرات مهمة تشهدها الخارطة التنفيذية للسياسة الدولية، ووجه جديد يتشكل للعالم يقوم بتغيير أدواته على وقع الأولمبياد العالمي الذي تستضيفه الأراضي السورية.
قبل خمس سنوات خرج السوريون في ثورة ينادون بالحرية وإسقاط نظام الاستبداد لاستبداله بدولة القانون والديمقراطية وتداول السلطة، ومنذ ذلك الحين تسيل دماءهم في سبيل ذلك ولا تزال، لكن المجتمع الدولي تركهم ولا يزال ينزفون بين فكي كماشة إجرام الأسد وإجرام داعش.

علمَ السوريون مبكراً ان الاستعصاء الذي يعتري قضيتهم سيكون له ارتدادات، ليس على المستوى المحلي بل إقليمياً أيضاً، واليوم نشهد تداعيات على المستوى الدولي، فالعالم يتجه نحو اليمين ويفقد توازنه نحو المزيد من التأزم، مادام الأسد والبغدادي ونتنياهو وبوتين والخامنئي وترامب ولوبان يتصدرون المشهد. 
شخصيات صعدت على أكتاف ثورة السوريين الذين ما أرادوا تصدير أزمات للعالم، بل أرادوا أن يعيشوا في دولة وليس مزرعة.
مرة أخرى، وليس جغرافياً وتاريخياً فحسب، تثبت سوريا أنها قلب العالم.. ومَن قلبه ينزف سيتألم كثيراً.

مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى حشد الدعم الإقليمي والدولي لسوريا

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

//