أطباء سورية الشجعان يستمرون بالعمل رغم قنابل روسيا والنظام - It's Over 9000!

أطباء سورية الشجعان يستمرون بالعمل رغم قنابل روسيا والنظام

The Telegraph – ترجمة بلدي نيوز
تواصل فرقة صغيرة من الأطباء العمل في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية، أو بالأحرى في المناطق الأكثر قصفاً، حيث يتم استهداف المستشفيات وعيادات الأطباء خصوصاً من قبل النظام السوري والروسي.
ومثل كثير من الناس، لدى الدكتور يوسف طقوس يبدأ بها أسبوع عمله، حيث يركن سيارته ويترك المفاتيح مع عامل السيارات، ومن ثم يذكره برقم صديق له في حال لم يعد، لأن من السيء لأسرته أن تخسر السيارة.
الدكتور يوسف لديه الكثير من الأسباب للخوف من الأسوأ فهو طبيب في سورية، وبشكل أكثر تحديداً في المناطق التي يسيطر عليها الثوار، أي أكثر المناطق قصفاً في سورية وفي العالم أجمع، وحيث تكون المستشفيات وعيادات الأطباء ليست في مأمن من الرعب فقط، بل على ما يبدو هي الهدف من هجمات النظام السوري والروسي على وجه التحديد.
يقول الدكتور يوسف: "لقد فقدت خمسة أطباء من بين أصدقائي المقربين، وثلاث ممرضات، واثنين من الفنيين"، من ثم بات يشرح بالتفصيل ميتة كل واحد منهم :"ثلاثة أطباء قتلوا رمياً بالرصاص، واثنان قتلا بسبب انفجار قنابل من النظام، وواحد من الفنيين قتل في انفجار قنبلة روسية، والآخر في انفجار برميل من النظام، أما الممرضات الثلاث، فقد قتلت إحداهن بسبب الضربات الروسية واثنتين بسبب قصف النظام".
كما وشهد الدكتور يوسف ومئات من الأطباء وغيرهم من الموظفين مثله، ليس فقط كيف تغيرت حياتهم كلياً في السنوات الخمس الماضية - كجميع السوريين - ولكن أيضاً اختلفت تماماً الطريقة التي يعملون بها.
فلقد كان مسبقاً جراحاً مختصاً بالأنف والأذن والحنجرة في المستشفى الحكومي السوري، والآن هو أحد المطلوبين من قبل النظام لعلاجه الناس في المناطق التي يسيطر عليها الثوار، كما أنه مطلوب من قبل تنظيم "الدولة" لأنه رفض الانضمام والعمل لديهم.
وجاءه التهديد الأخير عندما كان التنظيم متواجداً بكثافة في واحدة من البلدات في إقليم حلب ومحافظة إدلب، حيث المستشفيات الثلاثة التي يعمل فيها، ومنذ ذلك الحين تراجع التنظيم عن مساحات شاسعة من شمال سورية، بسبب الثوار إلى قلب مدينة الرقة.
التهديدات على حياته لم تزداد فقط، بل إن نظام بشار الأسد قد اعتبر دائما تهديد الثوار الغير منتمين للتنظيم والذين يسيطرون على معظم محافظات حلب وإدلب، أكثر إلحاحا من التنظيم، ولذلك هو يستهدف هذه المناطق بتفجيرات عقابية بإلقاء براميل متفجرة في كل مكان قنابل نفط محشوة بالشظايا وTNT.
ويقول الأطباء أنه منذ انضمام روسيا إلى الحرب قبل ثلاثة أشهر، أصبحت القنابل أكبر وأقوى وأكثر دقة، وهو ليس بالشيء الجيد، فوفقاً لمطالبات من قبل مجموعة "أطباء من أجل حقوق الإنسان"، التي نشرتها منظمة العفو الدولية هذا الأسبوع، فقد أصابت الضربات الجوية الروسية 10 مرافق طبية في شهر تشرين الأول وحده.
وبشكل منفصل، وثقت منظمة أطباء بلا حدود أن 12 مستشفى قد استهدف خلال الشهر، بما في ذلك ستة مرافق تديرها المجموعة أو تدعمها.
وعلى نحو متزايد، أصبح القصف يجبر الأطباء على نقل عياداتهم لتحت الأرض، فأحد زملاء الدكتور يوسف، الدكتور سمير الذي يعمل في مستشفى في إدلب، يقضي الآن معظم حياته في الأقبية - تلك التي يعمل بها، وتلك التي يعيش فيها مع زوجته وطفلتيه، كما أن كلتا بنتيه الصغيرتين قد ولدتا بعد بدء الحرب السورية، ربما هي إشارة إلى تفاؤل ما زال متوهجاً عند السوريين.
متحدثاً من سورية عبر السكايب قال الدكتور سمير: "من الصعب، والخطير للغاية العمل هنا ففي الحقيقة، لا يوجد على الإطلاق أي شكل من أشكال الأمان، لا قوات أمن، لا من مرافق أساسية، ولكن بطريقة أو بأخرى الحياة لا زلت الحياة مستمرة رغم ذلك".
كل يوم، كما يقول، يأتي لعيادته حوالي 200 مريض مدني سقطوا في عمليات القصف، أو مقاتلين جلبوا من الخطوط الأمامية من على بعد 20 ميلاً، في حين يحاول الدكتور سمير أن يبقي مساحة حرة للعلاجات العادية والجراحة.
في اليوم السابق، عالج فريقه صبي يبلغ من العمر ثلاث سنوات، كان قد أصيب بكسر في غارة جوية، بالإضافة إلى امرأة كانت قد كسرت ساقها بسبب غارة جوية، هذا هو يومه العادي، مثل جميع الأطباء في سوريا، ولكن على الرغم من ذلك لديه ذكريات سيئة، ففي إحدى المرات، جلبت إليه أسرة كاملة كانت ضحية قصف جوي، مكونة من 10 أشخاص وجميعهم من النازحين، قتل اثنان من أفراد العائلة، وأصيب أحدهم إصابة بالغة في البطن، والثالث بترت ساقه، كانت فوضى عارمة، والجميع في حالة ذعر يسألون عمن بقي على قيد الحياة ومن قتل، كانوا مصدومين ونحن أيضاً، فجميعنا نخاف القصف.
وقد تحسنت بعض الأمور قليلاً بالنسبة للمستشفيات السورية في السنوات الثلاث الماضية، في عام 2012، وفي مدينة حلب التي يسيطر عليها الثوار، دعا طبيب فريقاً من صحيفة التلغراف ليروا خزانة الأدوية الفارغة التي تدعو إلى الرثاء في مستشفى دار الشفاء، ومن ثم أراهم قائمة الطلبات من أساسيات غير موجودة مثل مواد التخدير والمضادات الحيوية، وبعد ذلك دمرت المستشفى في غارة جوية للنظام بعد بضعة أسابيع، ومنذ ذلك الحين قامت منظمات "كمؤسسة كير الدولية" بنقل مساعدات وإمدادات صحية كبرى من الحدود التركية، ولكن حتى طرق الإمداد في خطر الآن، فروسيا تستهدف المعابر الحدودية والطرق على وجه التحديد لأنها شرايين الحياة بالنسبة للثوار.
في الوقت الحاضر، أطباء مثل الدكتور يوسف والدكتور سامي، لا يستخدمان أسمائهما الحقيقية خوفاً من مزيد من التهديدات والخطر، ورغم أن فكرة الهرب إلى أوروبا حيث الأمان تراودهم كل يوم، إلا أنهما ما زالا قادرين على مواصلة العمل على عشرات من ضحايا الحرب كل يوم.
الدكتور يوسف كان قد سافر إلى نيويورك وجنيف ليطالب بحماية المراكز الصحية والطبية في سورية من الهجمات، ورأى أن لا جدوى من ذلك، فما من مجيب ولذلك هو عازم على البقاء في سورية.
وهو يكمل طقوسه الأسبوعية بزيارة عائلته في منفاها في تركيا، ثم يعود إلى سورية في رحلة قد تكون الأخيرة ويترك مفتاحه مع حارس المرآب، ويقول: "لا يمكنني توقع أي شيء الآن، ولكن علينا أن نبقى في سورية ونواجه كل شيء".

مقالات ذات صلة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

ذاكرة الرعب والموت.. ما لا تعرفه عن صيدنايا

مصر تؤكد وقوفها إلى جانب نظام الأسد

مصادر تؤكد فرار ضباط من قوات النظام من درعا إلى دمشق

ماذا جاء بالاتصال الهاتفي بين اردوغان وبوتين؟

تصريح من الأمم المتحدة بشأن شمال غرب سوريا

//